كشف عضو مجلس الشورى الدكتور مجدي حريري، عن استحواذ قطاع المقاولات السعودي على أكبر نسبة في قضايا الفساد، مقارنةً مع القطاعات الحكومية الأخرى، مؤكداً الحاجة إلى تبني ما وصفه ب «الخطة الوقائية» للحد من تعثر المشاريع المستقبلية للدولة، في وقتٍ شن فيه مشاركون في ملتقى المشاريع الهندسية المتعثرة في جدة أمس، حملةً على وزارة المالية التي قالوا إنها مع جهات عدة، أتاحت المجال لاستيلاء شركتي مقاولات كبريين معروفتين على السوق فقط، وذلك بتسليمها مشاريع الدولة الحيوية، وغض الطرف عن بقية المقاولين. وأعلن رئيس الملتقى العلمي الدكتور الدكتور بسام غلمان، الذي اختتم أعماله أمس في جدة، تسع توصيات، قال إن المشاركين توصلوا إليها، وستُرفع إلى الجهات المعنية للأخذ بها، مؤكداً أن الملتقى أوصى بالدعوة لإعادة النظر في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، وتعديله وتحديثه وفقاً للمتطلبات الحالية والحاجات الفعلية، وعلى وجه الخصوص، معايير ومقاييس الترسية على صاحب العطاء أو العرض الأقل، إضافة إلى الدعوة إلى إنشاء وزارة للأشغال العامة تقوم بأدوار رئيسة، ما يؤدي إلى تفريغ الجهات والقطاعات لعملها التخصصي، وترك ما يخص العمل الهندسي وإعداد المشاريع ومتابعة تنفيذها واستلامها لتلك الوزارة المختصة. وتضمنت التوصيات التي أعلنها الدكتور بسام غلمان، ضرورة الاهتمام بموضوع الكادر الهندسي ودفع عملية إقراره واعتماده، والتركيز على أهمية التكامل مع توجهات إمارة منطقة مكةالمكرمة بإنشاء إدارة فنية معنية بإدارة المشاريع بصفة دائمة، والعمل على تطوير هذا التوجه في الجهات الحكومية الأخرى، وإعطاء دور للجمعية السعودية للهندسة المدنية في تفعيل هذا التكامل. ونصت التوصية الخامسة على إعطاء دور تنفيذي للجمعية السعودية للهندسة المدنية في الإشراف الشامل على جميع مراحل المشاريع الحالية والمستقبلية، بهدف تقديم المشورة العلمية والعملية وكذلك الأنظمة المعلوماتية بإدارة المشاريع بعدم تكرار ظاهرة تعثر المشاريع بالتنسيق مع إمارة منطقة مكةالمكرمة، فيما أكدت التوصيات على أهمية الدعوة الجادة لتطبيق الكود السعودي للبناء في جميع المشاريع وإعطاء دور أكبر للهيئة السعودية للمهندسين في هذا التطبيق، واستخدام نماذج عقود «فيدك» تنفيذاً للأمر السامي بهذا الخصوص. وأشار الدكتور غلمان إلى أن التوصيات اشتملت على ضرورة العمل على تطوير الآلية المعمول بها لتصنيف المقاولين تحت مظلة هيئة المهندسين السعوديين بما يتماشى مع التوجهات الإقليمية والدولية بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، إضافةً إلى تقديم المزيد من الدورات التدريبية المتخصصة والمتقدمة في الهندسة المدنية وإدارة المشاريع للمهندسين كافة، بهدف رفع كفاءاتهم الفكرية والمهنية. وكان الملتقى واصل جلساته أمس، بمحاضرات ركزت على ضرورة تأهيل المقاولين والدفع باتجاه تكتلهم لمواكبة الطلب المتزايد في سوق البناء السعودي. واستشهد عضو مجلس الشورى الدكتور مجدي حريري بدراسات أوضحت أن حالات الفساد في مشاريع الدولة يتركز جلها في قطاع المقاولات، مطالباً بتبني خطة وقائية للحد من تعثر المشاريع في المستقبل، من خلال معالجة وتلافي الأسباب المؤدية إلى تعثرها، مع تضافر جهود جميع الأطراف المعنية بها، خصوصاً الجهات الحكومية المعنية، مضيفاً أن المشروع المتعثر هو المشروع الذي بدأ العمل فيه بجدول زمني محدد ودراسة جدوى موضوعة، ثم يتوقف العمل فيه جزئياً أو كلياً، ما يؤدي إلى عدم تسليمه في الموعد المحدد. ولفت الدكتور حريري الى أهمية الإجراءات الكفيلة لتلافي تعثر المشاريع مستقبلاً، والتي تتركز في ثلاثة محاور،الفني، المالي، الإداري، وقال: «إن الأمور الفنية لا بد أن يراعى فيها تنظيم العلاقة بين أطراف العقد (المالك – المطور – الاستشاري)، وتحفيز الاستشاري والمقاول بحوافز مادية ومعنوية لحسن الأداء، ووضع حوافز للمهندسين السعوديين المؤهلين العاملين في الدولة لعدم تسربهم إلى القطاع الخاص»، مشدداً على أهمية جودة جهاز الإشراف بالكفاءة والتأهيل والخبرة، والاهتمام بصياغة العقود ووثائق المشروع من الناحية الفنية، واختيار المقاولين بعناية. وفيما يتعلق بالجانب الإداري، لفت حريري إلى أهمية تطوير أنظمة المشتريات الحكومية، وخصوصاً في ما وصفه ب «الخلل» في ترسية المشاريع على السعر الأقل، وتطوير الإجراءات التي تتبعها الجهات الحكومية في إدارة مشاريعها واختصارها، واستخدام أدوات القوة التي كفلها النظام والعقد، مثل غرامات التأخير والحسم، وتطوير قوانين الاستقدام بما يسهل اختيار الأصلح من المهندسين، ومحاربة الفساد المالي والإداري بصوره وأشكاله كافة، إضافة إلى التحكم في السماح للمقاول بالتنازل عن العقد لمقاول آخر.