مع كل مناسبة سنوية مهمة، كما عيد الفطر مثلاً، تتجدد في محطة سكك حديد مصر بميدان رمسيس، وسط القاهرة، أزمة البحث عن تذكرة في القطارات المتجهة من العاصمة إلى المحافظات النائية، وخاصة محافظات الصعيد. وعلى رغم بدء فتح باب حجز التذاكر قبل أسابيع من المناسبة، يؤكد عدد كبير من أبناء الصعيد الذين يعيشون في القاهرة، ضيقهم "لإعلان موظفي بيع التذاكر في هيئة سكك حديد مصر عن نفادها في وقت مبكر في الأيام المخصصة لبيعها". جالساً القرفصاء، أسفل أحد نوافذ بيع التذاكر، يقول محمد عنتر (47 عاماً)، الذي يعمل في مجال البناء بالقاهرة :"حضرت اليوم قبل 3 أسابيع من عيد الفطر بحثاً عن تذكرة في القطار المتجه إلى الصعيد في السابع والعشرين من تموز (يوليو)، لأتمكن من قضاء العيد مع أسرتي في محافظة المنيا (شمال الصعيد)، لكن الموظف أخبرني بأن التذاكر نفدت منذ الصباح الباكر". وعنتر ليس الوحيد الذي قصد المحطة بحثاً عن تذكرة للسفر في قطارات العيد دون جدوى. وإزاء إنعدام وجود تذكرة، اختار بعضهم البحث عن وسيلة بديلة، فيما بعضهم الآخر، كعنتر، تمسك بالبقاء في المحطة على أمل الوصول إلى حل لأن "القطار أكثر وسيلة انتقال آمنة، وسعر التذكرة معقول، بينما أصحاب السيارات الأجرة بين المحافظات يستغلون المناسبة الكريمة ويضاعفون الأجرة، في غيبة من الدولة". إلى جوار عنتر، يقف شاب يقرأ في مصحف صغير، بصوت خفيض، ويخاطب الموظف من أمام شباك التذاكر: "يافندم ليس لدينا أي وسيلة للذهاب إلى أهلنا سوى القطار، نريد حلاً، سيارات الأجرة غير آمنة، وما زال أمامنا نحو أسبوعين على العيد، ونحن لا نطمع في أكثر من تذكرة لكل واحد منا، في يوم وقفة العيد". يتطلع الموظف للواقفين أمامه، قائلاً :"يا سادة، تذاكر العيد كما تعلمون تنفد بمجرد طرحها للناس، من يريد الحصول على تذكرة يحضر فجراً، وليس بعد صلاة العصر". تتابع نادية فرج (53 عاماً، ربة منزل)، رد الموظف، ثم تصيح وهي تمضي نحو باب الخروج :" كل سنة كدة، يبهدلونا لغاية ما نروحوا نشوف أهالينا". يصر عنتر على البقاء متمسكاً بأمل في الحصول على تذكرة، على رغم كلام الموظف. يذهب إلى مكتب ناظر المحطة، ويطالب مجدداً بتذكرة للسفر يوم وقفة عيد الفطر، وتأتيه الإجابة من أحد الموظفين بتأكيد نفاد التذاكر، "وقد يطرحون تذاكر إضافية في وقت لاحق". يعدّل عنتر من وضع عمامته فوق رأسه، ويقول :"سأحضر إذاً غداً وبعد غد وبعد ثلاثة أيام حتى أحصل على تذكرة". يسير خارجاً من المحطة، متجاهلاً، كل نداءات صغار الموظفين بمكاتب نقل الركاب عبر الأتوبيسات وسيارات الأجرة المنتشرة في ميدان رمسيس.