حذر الرئيس السوداني عمر البشير أمس، من أن خيار انفصال الجنوب سيؤدي حتماً إلى تفتيت السودان بل وقارة أفريقيا كلها. وأكد البشير أنه لا يسعى ولن يبقى في السلطة إلى الأبد، ورحب بأي مراقبة على الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها العام المقبل، مشدداً على أن السودان لن يعود إلى الحرب «التي لجأنا إليها مضطرين». واعتبر أن هناك قوى طامعة في ثروات السودان وخيراته، مشيراً الى أن مدير شركة أميركية كبرى قال له «إنهم أعدوا استراتيجية لرفاه المواطن الأميركي مدتها 150 عاماً، وأن السودان جزء منها. وحين رخصنا للصين وماليزيا العمل لاستخراج النفط السوداني، قال إن هذا نفطنا يجب ألا يأخذه الصينيون أو الماليزيون، فرددت عليه بأن هذا النفط ملك للسودان». وكان البشير يتحدث خلال لقاء نظمته السفارة السودانية في القاهرة جمعه مع الجالية السودانية ليل أول من أمس، وخرج فيه الرئيس عن قيود اللقاءات الرسمية وظل يرقص على أنغام الأغاني الوطنية مدة 10 دقائق ملوحاً بعصاه لمواطنيه الذين بادلوه الرقص. وتحدث البشير عن «العلاقات الاستراتيجية» مع مصر وارتباط الأمن القومي للبلدين. وأوضح أن زيارته إلى مصر طالت لأكثر من أسبوع نزولاً عند رغبة الرئيس المصري حسني مبارك الذي دعا البشير إلى حضور حفلة تخريج طلبة الكلية الحربية بعدما كان حضر حفلة تخريج طلبة كلية الشرطة والكلية الجوية. وهي المشاركة التي اعتبرها مراقبون رسالة إلى دول حوض النيل المصطفة ضد رغبات مصرية - سودانية متعلقة بحقوقهما التاريخية في مياه النيل. وأكد البشير خلال لقاء حضرته «الحياة» أن ارتباط بلاده بالقوات المسلحة المصرية وثيق. وقال إن العقوبات الدولية رُفعت عن السودان بدعم مباشر من القاهرة التي استغلت علاقاتها وصدقيتها عند الآخرين وتقدمت رسمياً إلى مجلس الأمن بأن السودان أوفى بتعهداته ويجب رفع العقوبات عنه، وهو ما حدث. وأوضح أن مصر ساعدت السودان في «دفن» القرار 1706 «الذي يفرض وصاية دولية على السودان». ولفت إلى أن وزيراً بريطانياً حذره من مغبة رفض القرارات الدولية، فقال له: «إذا أردتم استعمار السودان فلتجهزوا جيوشكم كما فعلتم في السابق وتعالوا إلى السودان. وإذا هزمتمونا عسكرياً، تكونوا احتليتمونا». وأكد البشير أن اتفاق السلام، وعلى رغم الصعوبات والعقبات هنا وهناك، منفذة، مشيراً إلى أن السودان مقبل على مرحلة حاسمة تتمثل بالانتخابات الرئاسية. وقال إنه اختار إجراء الانتخابات في نهاية العام الرابع من الفترة الانتقالية لأن الجزء الثاني منها مهم وسيشهد حق تقرير المصير، مشدداً على أن مصلحة شمال السودان وجنوبه في الوحدة «وأي تقسيم للسودان هو ضعف وإضعاف للدولتين وسيفتح شهوة الانفصاليين في أي موقع سواء داخل الشمال أو الجنوب أو حتى في أفريقيا التي خطط الاستعمار حدود دولها». وحذر من أن «فتح الباب لمراجعة مكونات هذه الدول معناه تفتيت أفريقيا وأي صدامات أمنية في القارة سيؤدي إلى مزيد من التخلف». وأضاف: «نحن حريصون على الوحدة وكثيرون من الحركة الشعبية حريصون على الوحدة لكنها تحتاج إلى عمل. وهناك قوى تريد إشغالنا بقضايا جانبية لنفاجأ بالاستفتاء وتكون النتيجة تقسيم السودان». وأكد أنه لن يسعى إلى فرض نتيجة الاستفتاء، وقال: «نريدها وحدة طوعية ونشجع ذلك لأننا جربنا الحروب وتدميرها ... عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي سببه عدم الاستقرار السياسي». وأضاف: «نريد التنمية، ولذا نفذنا الاستراتيجية العشرية في نجاح وانتقلنا للاستراتيجية الربع القرنية ... لا نريد أن نظل 25 عاماً فوق رؤوس الناس. ولكن ننظر للمستقبل ونسعى لتداول سلمي حقيقي للسلطة ... لا أريد ولن أبقى في السلطة للأبد. ولذلك قررت الرجوع إلى صناديق الانتخابات كي يؤيد الشعب السوداني من يريد. وأي جهة، سواء معنا أو ضدنا، تريد مراقبة الانتخابات، فأهلاً ومرحباً بها. لكن شرط أن تحترم عقائدنا وتقاليدنا وعاداتنا وإلا طردناها».