تثور شعوب على حقبة من الزمن كذب فيها رؤساؤهم ووزراء هم الذين وعدوا الناس ولم يفوا بوعودهم، تجار يكذبون ليستغلوا الناس ويملأون بسرعة جيوبهم، مدراء إدارات يكذبون بإنجازات كلها على ورق ولا تلامس ارض الواقع، آباء يكذبون على زوجاتهم وزوجات تكذبن على أزواجهن وأزواج يحلفن بالطلاق كذباً وأولاد يتعلمون الكذب من مجتمع فشا فيه هذا الداء العضال. حتى بعض الجماعات المنتسبة للدين تكذب وكم نسمع قصصاً من شيوخ الرافضة كلها كذب وافتراء يعيد فيها شيوخهم تلك الكذبة مرات عدة وفي كل مرة تجد اختلافاً ما بين السماوات والأرض في مضمونها وجماعة التبليغ لدينا، بسبب أنهم لا علم لديهم ولكن فقط رغبة وحماسة في الدعوة، تجدهم يكذبون ويخترعون القصص افتراء على الصحابة والتابعين وغيرهم فقط، ليقنعوك بالهداية والرجوع للدين وهم لا يعلمون أن ديننا الحنيف لا يحتاج إلى تأليف قصص غير صحيحة لنشره، بل هو ينتشر بلسان صدق علمائه ودعاته الذين استمدوا علمهم وقصصهم من الكتاب والسنة. من بلاد الثورات العربية تعلمنا أن حبل الكذب قصير مهما طال فهو ضعيف البنية أمام قوة الصدق والشهامة، التي امتلكتها الشعوب مبينة للعالم اجمع أن الكذابين، لا مكان لهم بين الشرفاء، بل إن مصيرهم هو أسوأ مما يتوقع المؤرخون والكتاب وأصحاب النظرات الثاقبة، وذلك لأن الكذب من أبشع الجرائم التي تنافي الفطرة السليمة. عندما يكذب الرجال يظهر نقصهم ويعدون في صفوف السفهاء، وقد تكذب الأنثى لضعفها وهذا ليس مبرراً لها ولكن أن يكذب الرجل فعندها تنتفي لدية صفة الرجولة بل قد يكون إما جباناً أو خبيثاً وهذه أسوأ الصفات وأحقرها. وقد يعدل بعض الرجال عن الكذب عند مناصحته ولكن البعض الآخر نحتاج في التعامل معه إلى الشدة والحزم وذلك لعواقب الكذب الوخيمة والتي تؤدي إلى انتشار الفساد وتفكك المجتمع، وفقدان الخير والمروءة بين الناس. وهذه العواقب كفيلة بأن يكون المتمادي في كذبه من أصحاب سوء المصير في دنياه وآخرته. هناك حالات تسمى الكذبة البيضاء كالتي يكون الغرض منها الإصلاح بين متخاصمين، أو الكذب على الزوجة تفادياً لحصول مشكلة تحطم حياة أسرة بأكملها ولكن تكرار مثل هذا النوع من الكذب مصيره الفشل. مما يعني انه لا توجد كذبة بيضاء أو وردية بل التمادي في استخدامها يؤدي في النهاية إلى طريق مظلم لا أحلام فيها. وعلى النقيض فالصدق أجمل الحلي وهو لسان الأنبياء والصالحين والشهداء والشرفاء وفيه من الراحة النفسية ما لا توصف حلاوته اطمئناناً تجده في قلبك ومنفعة لك ولمن حولك ولمجتمعك ودولتك ونهضتها وتقدمها. بينما يستمر بعض الرجال في الكذب لأنهم جبناء خبثاء انهزاميون سفهاء جشعون ليس لهم مكان بيننا في عالم أضحى يعي ويميز بسهولة الصادق من الكاذب دون الحاجة إلى أجهزة كشف الكذب.