تقاوم ظاهرة الفساد الإداري والمالي في العراق المحاولات الرسمية للقضاء عليها، ويتداول العراقيون ارقاماً وقصصاً عن حالات مختلفة مما يجرى ويتندرون على ان الف دولار تكفي للحصول على وظيفة في وزارة النفط بينما تصل تسعيرة التوظيف الى الفي دولار في وزارة النقل في حين ان وعداً بالزواج أمن توظيف عائلة بكاملها في وزارة الثقافة. ويقول حارث يوسف ( 25 سنة)، الذي تخرج قبل ثلاث سنوات من كلية العلوم قسم الرياضيات وحصل اخيراً على فرصة عمل في مصفاة الدورة، التابعة لوزارة النفط، ان «الدولارات تشتري المستقبل». ويؤكد يوسف انه دفع لأحد الموظفين مبلغ 1000 دولار اميركي لتوقيع عقد عمله في المصفاة لمدة عام واحد. ويشير الى ان الصفقة تقضي ب «دفع 500 دولار قبل التوقيع ومثلها بعده». ويضيف «الموظف الذي استلم مني المبلغ اكد لي انه سيوزعه على عدد من الموظفين الآخرين وليس له فقط» مشيراً الى ان «الموظف ذاته وعده بالتعيين بصفة دائمة بعد انقضاء مدة العقد الموقت». ويتابع «كان بودي ان اجد وظيفة في وزارة النقل التي اعلنت حاجتها قبل ايام الى اختصاصي لكنني فوجئت بطلب احدهم الفي دولار لوضع اسمي في لائحة المتقدمين للاختبار في مطار بغداد الدولي». ويتساءل هذا الشاب عن نتائج الحملة التي اعلنتها الحكومة ضد الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة هذا العام ويقول «لم نسمع حتى اليوم بشخص عُين في دوائر الدولة من دون رشا مالية او من طريق المحسوبية ونخشى ان يكون ذلك هو الحل الوحيد». وكان رئيس الوزراء نوري المالكي اعلن بداية السنة حملة ضد الفساد المالي والإداري وشرعت الأمانة العامة لمجلس الوزراء ب «الحملة الوطنية الكبرى لمكافحة الرشوة والمحسوبية» ونشرت آلاف الكاميرات في مختلف الدوائر الا ان ذلك لم يحل دون استمرار الفساد فيها. وكشف مكتب المفتش العام في وزارة الثقافة قبل ايام عن اكثر من 40 حالة فساد بينها حالات تزوير شهادات جامعية وإعادة مفصولين الى الخدمة. ويروي مصدر في المكتب، طلب عدم الكشف عن اسمه، عن حالة فساد وصفها ب « الغريبة» انه «اثناء التدقيق في شهادات الموظفين اكتشفنا عائلة كاملة مكونة من مجوعة اشقاء وأولادهم تعمل في الوزارة الأمر الذي اثار شكوكنا». ويتابع «بعد التحقيق تبين لنا ان احدى الموظفات عينت هذه العائلة في الوزارة مقابل وعد من احد افرادها بالزواج منها الا ان ذلك لم يحصل». ويلفت الى ان افتضاح القضية ادى الى طرد جميع افراد العائلة والموظفة وإحالتهم الى التحقيق». ويصف عضو لجنة النزاهة في البرلمان عمر عبد الستار حملات الفساد الحكومية بأنها «غير جادة» ويقول ل «الحياة» ان «غالبية تلك التصريحات مجرد دعوات انتخابية، اذ لا يزال الفساد، بكل اشكاله، في كل مؤسسات الدولة ويشكل منظومة خطيرة يتطلب التخلص منها سنوات». ويرى عبد الستار ان «قضية النزاهة اصبحت اليوم سلاحاً ذا حدين فقد استخدمت ايضاً لتلفيق التهم وتشويه سمعة خصوم سياسيين او اداريين في الدوائر والمؤسسات».