وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود أمس (الجمعة) بعودة السفير السعودي إلى مصر، على أن يباشر مهماته هناك اعتباراً من غداً (الأحد)، كما وجّه بإعادة فتح السفارة السعودية وقنصليتي المملكة في الإسكندرية والسويس. وتضع توجيهات الملك عبدالله – التي جاءت استجابة «للمشاعر النبيلة والمخلصة» التي أبداها وفد شعبي وبرلماني مصري استقبله في مقره بالرياض أمس - حداً لأزمة تعرضت لها علاقات البلدين إثر قرار السعودية استدعاء سفيرها من مصر، وإغلاق سفارتها وقنصليتيها هناك. وقال خادم الحرمين الشريفين لأعضاء الوفد المصري أمس إن التاريخ المشترك بين البلدين «ليس صفحة عابرة يمكن لأي كائن من كان أن يعبث بها»، مؤكداً أنه «بالنسبة لنا أولوية لا تقبل الجدل أو المساومة عليه». وشدّد على أن «مصر بهمومها وآمالها وطموحاتها لها في قلب المملكة المكانة الكبيرة، والعكس صحيح»، وقال: «لن نسمح لهذه الأزمة العابرة أن تطول». وأعرب خادم الحرمين الشريفين عن أمله ب«أن يقف الإعلام المصري والسعودي موقفاً كريماً، وليقل خيراً أو يصمت». ونسبت وكالة الأنباء السعودية إلى مصدر مسؤول قوله أمس إنه «نظراً للمشاعر النبيلة والمخلصة التي أبداها الوفد الممثل لكل أطياف المجتمع المصري تجاه شقيقتهم المملكة العربية السعودية، وانطلاقاً مما تحمله المملكة من مشاعر متبادلة نحو جمهورية مصر العربية حكومة وشعباً، وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بمباشرة سفير المملكة إلى القاهرة لعمله بدءاً من غد (الأحد)، وإعادة فتح السفارة وكل من قنصليتي المملكة في الإسكندرية والسويس». ورحب مصدر مسؤول مصري بإعلان خادم الحرمين، وأثنى في تصريح إلى «الحياة» على قراره بإعادة السفير، وقال: «هذا عهدنا بخادم الحرمين وبالمملكة»، مجدداً التأكيد على العلاقات المتينة بين مصر والسعودية قيادة وحكومة وشعباً، ووصف البلدين بأنهما «القاطرة التي تقطر الأمة العربية كلها». وصرح وزير الخارجية المصري محمد عمرو أن «اتصالاته شبه اليومية على مدار الأسبوع الماضي مع نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل عكست حرص الطرفين التام على تجاوز الأزمة العابرة التي تعرضت لها العلاقات الأخوية الأزلية بين الشعبين والبلدين الشقيقين». وكان خادم الحرمين الشريفين استقبل في قصره بالرياض أمس، وفداً مصرياً رفيع المستوى برئاسة رئيس مجلس الشعب الدكتور محمد سعد الكتاتني، ورئيس مجلس الشورى الدكتور أحمد فهمي، وضم عدداً من أعضاء مجلسي الشورى والشعب، وأبرز القيادات السياسية وممثلي القطاعات في مصر. وألقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود كلمة جاء فيها: «إن التاريخ المشترك بين بلدينا والقائم على وحدة الدين والنصرة في الحق ليس صفحة عابرة يمكن لأي كائن من كان أن يعبث بها، بل هو بالنسبة لنا أولوية لا تقبل الجدل أو المساومة عليه، أو السماح لأي فعل أن يلغيها أو يهمشها، فهي تقوم في حالة الخلاف على أسس العتب لا على قواعد الخصومة. إن العتب بين الأشقاء باب واسع تدخل منه العقلانية والوعي، فاتحة المجال لأي التباس قد يشوب تلك العلاقة، ليقول لها إن مصر بهمومها وآمالها وطموحاتها لها في قلب المملكة المكانة الكبيرة، والعكس صحيح». وأضاف: «ان ما حدث في الآونة الأخيرة من تداعيات في العلاقة بين البلدين أمر يؤلم كل مواطن سعودي ومصري شريف، وما قرارنا باستدعاء السفير وإغلاق السفارة إلا لحماية منسوبيها من أمور قد تتطور لا تحمد عقباها». وختم خادم الحرمين كلمته بالقول: «من مملكة الملك عبدالعزيز – رحمه الله – أقول لكم أسعدنا حضوركم الذي يعبّر عن مكارم الأخلاق المستمدة من عقيدتنا الإسلامية، فأهلاً بكم في وطنكم حكومة وشعباً. وأمام هذا الموقف النبيل لا يسعني غير أن أقول لكم بأننا لن نسمح لهذه الأزمة العابرة أن تطول، وكلي أمل أن يقف الإعلام المصري والسعودي موقفاً كريماً، وليقل خيراً أو يصمت». وذكر رئيس مجلس الشعب المصري (البرلمان) الكتاتني في كلمته أمام خادم الحرمين الشريفين، أن الوفد المصري الذي يعكس جميع طوائف الشعب ومكوناته قدموا ليعبّروا عن عمق العلاقة بين الشعبين السعودي والمصري، وليعبّروا عن تقديرهم للسعودية قيادة وحكومة وشعباً وقال: «إن الشعب المصري تربطه بالشعب السعودي أواصر متينة وعميقة عبر التاريخ لا يمكن أن تتأثر بحادثة عابرة تتم هنا أو هناك. إننا ومن منطلق العلاقة القوية بين شعبينا لا بد أن نتجاوز هذه الأحداث العابرة، ولا ندعها تعكر صفو العلاقات بين البلدين». وأضاف: «ان سحب السفير السعودي من القاهرة للتشاور أمر يعز علينا كمصريين، وهذا الوفد الذي جاء ليؤكد عمق العلاقة بيننا يرجو منكم أن يعود السفير معنا على الطائرة نفسها إلى القاهرة ليباشر عمله». وقال رئيس مجلس الشورى المصري: «نريد أن نضع بين يدي خادم الحرمين الشريفين بعض الأمور، وكلنا ثقة بأن أبناءك من رعايا مصر هم أبناؤك وهم إخوة لشعبك العريق، فنرجو من الله سبحانه وتعالى أن ينالوا على يديكم ما يناله إخوتهم من نظرتكم وكرمكم، وأنتم أهل لذلك». وأضاف: «أيضاً في القضية التي أثارت هذه الزوبعة أو هذه المشكلة، قضية المحامي أحمد الجيزاوي، فنحن على يقين بأن القانون السعودي قانون عادل، ولا نريد لأي إنسان أياً كان أن يخالف هذا القانون، ولكننا نطمع في كرمكم وكرم السادة أصحاب السمو أن تكون معاملة هذا المواطن المصري وفقاً لقواعد الرحمة قبل العدل، فربما يكون قد أخطأ ولا يدري أن ما فعله خطأ، وكلنا أمل في أن يشمله عفوكم الكريم». وأشار إلى أن خروج سفير خادم الحرمين الشريفين من مصر وإغلاق السفارة يعد كبيراً على الشعب المصري وقال: «ان تغلق سفارتكم فكلنا في مصر يا خادم الحرمين الشريفين سفراء لكم، وأحمد القطان واحد منا نعزه ونجله إكراماً لمقامكم، فنرجو أن يصدر أمركم الكريم بعودة سفيركم إلى مصر، لأن هذه الأيام هي أيام إصدار تأشيرات الحج والعمرة، وتعلمون كم تهفو نفوس المصريين وتشتاق قلوبهم للقدوم إلى بيت الله الحرام ليحجوا ويعتمروا». خادم الحرمين: مصر بهمومها وآمالها لها في قلب المملكة مكانة كبيرة الوفد المصري خلال لقائه الملك عبدالله: المملكة أول داعم لنا بعد الثورة