وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اليوم بمباشرة سفير المملكة إلى القاهرة لعمله بدءاً من يوم الأحد المقبل، وإعادة فتح السفارة وكل من قنصليتي المملكة في الاسكندرية والسويس. وصرح مصدر مسؤول بأن ذلك يأتي "نظرا للمشاعر النبيلة والمخلصة التي أبداها الوفد الممثل لكافة أطياف المجتمع المصري الذي يزور المملكة حالياً تجاه شقيقتهم السعودية، وانطلاقاً مما تحمله المملكة من مشاعر متبادلة نحو مصر حكومة وشعباً". وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز استقبل في قصره بالرياض اليوم وفداً رفيع المستوى من مصر برئاسة رئيس مجلس الشعب الدكتور محمد سعد الكتاتني ورئيس مجلس الشورى الدكتور أحمد فهمي ويضم عدداً من أعضاء مجلسي الشورى والشعب وأبرز القيادات السياسية وممثلي القطاعات في مصر. و ألقى خادم الحرمين الشريفين كلمة قال فيها:" أيها الإخوة والأخوات أشقائنا في جمهورية مصر العربية. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: إن التاريخ المشترك بين بلدينا والقائم على وحدة الدين والنصرة في الحق ليس صفحة عابرة يمكن لأي كائن من كان أن يعبث بها. بل هو بالنسبة لنا أولوية لا تقبل الجدل أو المساومة عليه، أو السماح لأي فعل أن يلغيها أو يهمشها، فهي تقوم في حالة الخلاف على أسس العتب لا على قواعد الخصومة. إن العتب بين الأشقاء باب واسع تدخل منه العقلانية والوعي فاتحة المجال لأي التباس قد يشوب تلك العلاقة ، ليقول لها إن مصر بهمومها وآمالها وطموحاتها لها في قلب المملكة المكانة الكبيرة والعكس صحيح . أيها الأخوة والأخوات : إن ما حدث في الآونة الأخيرة من تداعيات في العلاقة بين البلدين أمر يؤلم كل مواطن سعودي ومصري شريف، وما قرارنا باستدعاء السفير وإغلاق السفارة إلا لحماية منسوبيها من أمور قد تتطور لا تحمد عقباها. من مملكة الملك عبدالعزيز رحمه الله أقول لكم أسعدنا حضوركم الذي يعبر عن مكارم الأخلاق المستمدة من عقيدتنا الإسلامية، فأهلاً بكم في وطنكم حكومة وشعباً. وأمام هذا الموقف النبيل لا يسعني غير أن أقول لكم بأننا لن نسمح لهذه الأزمة العابرة أن تطول، وكلي أمل أن يقف الإعلام المصري والسعودي موقفاً كريماً وليقل خيراً أو يصمت. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته". بعد ذلك ألقى رئيس مجلس الشعب كلمة أشار فيها إلى أن الوفد المصري الذي يعكس جميع طوائف الشعب ومكوناته قدموا لأشقائهم في السعودية ليعبروا عن عمق العلاقة بين الشعبين السعودي والمصري وليعبروا عن تقديرهم للمملكة قيادة وحكومة وشعباً. وقال :"إن الشعب المصري تربطه بالشعب السعودي أواصر متينة وعميقة عبر التاريخ لا يمكن أن تتأثر بحادث عابر يتم هنا أو هناك . إننا ومن منطلق العلاقة القوية بين شعبينا لا بد أن نتجاوز هذه الأحداث العابرة ولا ندعها تعكر صفو العلاقات بين البلدين". وأضاف :"إن المملكة تهفوا إليها القلوب والأفئدة لأن الأماكن المقدسة في السعودية مكةالمكرمة والمدينة المنورة أعز مقدسات المسلمين، والشعب المصري يكن تحية إعزاز وتقدير للمملكة التي وقفت معه في المواقف التي كان يحتاج فيها لدعم الأصدقاء، ولقد وقفت السعودية بقيادة الملك فيصل في حينه في حرب 73 مع أشقائهم في مصر وكان لهذا الدعم أثر بالغ في سير المعركة مع العدو الصهيوني وأيضاً بعد ثورة 25 يناير كانت السعودية من أوائل المبادرين بالدعم لأشقائهم في مصر". وفي ختام كلمته قال:"إن سحب السفير السعودي من القاهرة للتشاور أمر يعز علينا كمصريين، وهذا الوفد الذي جاء ليؤكد على عمق العلاقة بيننا يرجوا منكم أن يعود السفير معنا وعلى نفس الطائرة إلى القاهرة ليباشر عمله". ثم ألقى رئيس مجلس الشورى المصري كلمة قال فيها:"إن هذه هي أخلاق مصر، وهذه هي ممارسة المصريين، وليست ممارسة بعض القلة الذين قد تكونون وجدتم في أنفسكم شيئاً منها". وأضاف :"أؤكد على عمق العلاقات كما ذكرتم يا خادم الحرمين الشريفين الراسخة التي تنبني على دعائم الإسلام الحنيف وتقوم برباط الله عزوجل حيث ذكر على لسان نبيه أبو الأنبياء إبراهيم "واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات"، فلم يقل ربنا عز وجل تهوي إلى الأماكن، ولكن تهوي إلى الأماكن وسكانها، وأنتم حراسها فيكم وأدام عليكم عزكم". وأردف "نريد أن نضع بين يدي خادم الحرمين الشريفين بعض الأمور، وكلنا ثقة بأن أبناءك من رعايا مصر هم أبناؤك وهم إخوة لشعبك العريق فنرجوا الله سبحانه وتعالى أن ينالوا على يديكم ما يناله إخوتهم من نظرتكم وكرمكم وأنتم أهل لذلك". واستطرد:"أيضاً في القضية التي أثارت هذه الزوبعة، أو هذه المشكلة، قضية المحامي أحمد الجيزاوي، فنحن على يقين بأن القانون السعودي قانون عادل، ولا نريد لأي إنسان أياً كان أن يخالف هذا القانون، ولكننا نطمع في كرمكم وكرم السادة أصحاب السمو أن تكون معاملة هذا المواطن المصري، وفقاً لقواعد الرحمة قبل العدل، فربما يكون قد أخطأ ولا يدري أن ما فعله خطأ، وكلنا أمل في أن يشمله عفوكم الكريم". وأشار إلى أن خروج سفير خادم الحرمين الشريفين من مصر وإغلاق السفارة يعد كبيراً على الشعب المصري، وقال:"أن تغلق سفارتكم فكلنا في مصر يا خادم الحرمين الشريفين سفراء لكم، وأحمد القطان واحد منا نعزه ونجله إكراماً لمقامكم، فنرجوا أن يصدر أمركم الكريم بعودة سفيركم إلى مصر لأن هذه الأيام هي أيام إصدار تأشيرات الحج والعمرة وتعلمون كم تهفوا نفوس المصريين وتشتاق قلوبهم للقدوم إلى بيت الله الحرام ليحجوا ويعتمروا".