أكد الرئيس اللبناني ميشال سليمان، أن الموقف الذي اتخذه ب «عدم نشر قانون يتضمن مخالفات دستورية وقانونية، لا يهدف قطعاً الى التعطيل وشل البلد، بقدر ما هو إصرار على أن تكون الأمور ضمن إطارها القانوني والدستوري، خصوصاً ان مشروع قانون الإنفاق الاستثنائي بقيمة 8900 بليون ليرة عن العام 2011 الذي ارسل الى المجلس النيابي بصفة معجل لمعالجة الإنفاق عن العام المذكور، تضمَّن ثغرات دستورية». وقال سليمان، خلال لقائه الصحافيين المعتمدين لدى القصر الجمهوري امس، في مناسبة ذكرى شهداء الصحافة واليوم العالمي للصحافة وحرية التعبير: «هذا المرسوم، ومن الناحية الدستورية ايضاً، لا يؤمِّن الصرف في العام 2012، وهناك فتاوى دقيقة في هذا الاطار. ليس بإمكاني تعديل المرسوم بصيغته الحالية او اضافة تعديلات عليه بقرارات اضافية، لأن ذلك يمكن اعتباره هرطقة، وكذلك الامر بالنسبة الى اصدار قانون يجيز للوزير صرف الاعتمادات ونقلها من باب الى باب او من الاحتياط، فهو ايضا مخالفة دستورية. بإمكاني أن أسمح له بذلك اذا أجاز المجلس النيابي الأمر لمجلس الوزراء وليس بموجب مرسوم عادي. طرحت حلاًّ ولم أقل لا تصرفوا، لأننا لا نريد الصرف، بل طالبت بإدخال التعديلات لنسير بالمرسوم بصفة معجلة، بحيث إذا لم يلتئم المجلس نسير بمهلة ال40 يوماً، وحينها يكون الأمر دستورياً». عيب دستوري وذكر أن «وزير المال أتى بالتعديلات وأضاف عليها عبارة «على سبيل التسوية» من تلقاء نفسه، الا ان الدراسة الدستورية التي بحوزتي تؤكد عدم جواز الصرف بصورة استباقية، ولا يمكننا تغطية صرف سابق، ومشروع القانون هذا لا يصلح لتغطية صرف العام 2011. وهذا يشكل اول عيب دستوري، اما العيب الثاني، فيتعلق بالبنود والأبواب التي يجب ان تكون محددة كما حددتها لجنة المال. والعيب الثالث يتمثل في نقل الاعتمادات وفقاً لاقتراح وزير المال والوزير المختص بموجب مرسوم عادي، وهو أمر لا يجوز الأخذ به، فالمخالفات الدستورية التي تشوب هذا القانون عديدة والاعتمادات الاستثنائية تفتح لمواجهة نفقات مستقبلية، وهو رأي دستوري، ولا تغطي نفقات تعود الى سنة مالية منصرمة». واشار الى أن «رئيس لجنة المال والموازنة قام بواجباته على افضل صورة، كان اول من قال ان القانون غير دستوري، واطلق تصريحات بذلك. وحتى لو كنت انا من أرسله وتبين وجود اخطاء فيه، أليست العودة عن الخطأ فضيلة، لا سيما انني اطرح الحل. ثم إن رئيس الجمهورية ليس المسؤول عن الخطأ، بل هناك وزراء درسوه وأرسلوه ولديهم الخبراء والمستشارون، واكتشفوا لاحقاً الخطأ، فتجاوبت الحكومة مع لجنة المال وأرسلت توضيحاتها، وتصريحات رئيس لجنة المال كثيرة في هذا الاطار وحول المشروع المذكور الذي استغرقت دراسته أشهراً عدة ، فالاعتمادات الاستثنائية من دون ضوابط لا يمكن مجلس النواب ان يسير بها، ثم إن الشفافية ستستمر والتشريع يجب ان يرتكز الى قانون المحاسبة العمومية والدستور اللبناني وليس الى اي امر آخر. اكرر القول إن ذلك لا يحل مسألة انفاق العام 2012». وأضاف سليمان رداً على سؤال: «لم أتعاط بموضوع آخر، ولم يستشرني احد في موضوع ال 11 بليوناً، ولم اربط المسألتين بعضهما ببعض، وأنا مع تطبيق القوانين على الجميع». واوضح أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي متوافق معه في الرأي و «لديه ايضا فتاوى دستورية». وقال رداً على سؤال، إن تمسُّك وزراء «تكتل التغيير والإصلاح» و «حركة امل» و «حزب الله» بتوقيعه مرسوم 8900 بليون «لا يحل موضوع إنفاق العام 2012، كما قلت سابقاً، ولا يجب الدخول في أزمات من اي نوع كانت، وذلك لمصلحة البلد». وأكد ضرورة «إقرار موازنة العام 2012. وعلينا اجازة الإنفاق لفترة معينة مع التركيز على ان لا علاقة لل 8900 بليون بإنفاق ال 2012». وكشف ان اللقاء مع مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان لم يتناول قضايا تتعلق بالانتخابات، وقال: «كان تركيز البحث على دعوتي في القمة العربية في بغداد الى الاخذ بعين الاعتبار حقوق مكونات المجتمع العربي من قبل الانظمة العربية، الحديثة منها والقديمة. وهذا كان موضع متابعة من قبلهم، وحدثتني به الوزيرة (هيلاري) كلينتون خلال اتصالها بي وابلاغي ارسالها السفير فيلتمان لاستكمال البحث في كيفية مساعدة المجتمع الدولي في ذلك». وأضاف: «تطرقنا الى الوضع في سورية، انطلاقاً من مصير المكونات السورية في حال تغيير النظام او استمرار العنف او استقرار الديموقراطية. كما تناول البحث الملف النووي الايراني، الذي سيعالج في 23 الجاري في اسطنبول، وهناك نوع من التفاؤل لدى الاطراف بانه سيكون هناك تحرك ايجابي، واستطلع فيلتمان رأينا في تطورات المنطقة، كما تطرقنا الى موضوع الديموقراطية في فلسطين وكيفية دعمها وإلزامية السير بمبادرة جدية من قبل المجتمع الدولي لتنفيذ المبادرة العربية كي لا تكون الديموقراطية المدعومة منقوصة». واشار الى ان «هناك مشروع قانون انتخاب اصلاحياً يعتمد النسبية قيد النقاش في مجلس الوزراء»، مؤكداً أن «انتخاب المغتربين يجب ان يحصل كي لا يتم الطعن بالانتخابات، لأن هناك بنداً في القانون ينص على ذلك»، وأعلن أن «الانتخابات ستجرى في موعدها اياً كان شكل القانون، والنسبية نموذج يؤمن الاصلاح ويتناسب مع الصيغة اللبنانية». ونفى سليمان «اي علاقة بين ما هو حاصل على صعيد الإنفاق المالي وموضوع التجديد والتمديد»، معلناً انه «جاهز للتوقيع على ورقة بأنه لا يريد التجديد ولا التمديد مقابل ان يوقعوا الإنفاق المالي للعام 2012»، ومؤكداً انه لن يقبل التجديد او التمديد حتى ولو توسلوا اليه ذلك. للرئيس رأيه ويقوله وعما قيل عن عدم نجاح تجربة الرئيس الوفاقي، نصح سليمان السياسيين بأن «لا يأتوا برئيس توافقي»، لافتا الى ان «لا حقد ولا معركة ولا كيدية مع رئيس الجمهورية، فهو الاب لجميع ابنائه ولكن هذا لا يمنع اطلاقا ان يكون له رأيه في العديد من القضايا وعلى سبيل المثال في التعيينات الادارية ولا سيما منها تلك التي لا تخضع للآلية، ويقوله ولو كان لا يتطابق مع آراء البعض». وشدد على أن «حرية التعبير الاساس، وقاعدتها وسائل الإعلام والصحافيين». وجدد التأكيد أن «لبنان ليس قاعدة انطلاق لعمليات في سورية او تسليح او ما شابه»، مشيراً الى أن نوعية الاسلحة المضبوطة في باخرة السلاح «تستعمل في سورية وفي لبنان، فلدى لبنان كل انواع الاسلحة واذا ما كانت الباخرة منطلقة من ليبيا، وهي كذلك على الارجح، ففي ليبيا ايضا اسلحة تستخدم في سورية ولبنان على السواء. والمهم ان فكرة ادخال السلاح جريمة يحاسب عليها الجميع وفكرة تصدير السلاح للمعارضة السورية جريمة مضاعفة لا نتهاون فيها ابدا». ولفت الى أن «الغلاء مستشر والوضع صعب في كل المنطقة وليس عندنا فقط، وأدعو الجميع الى وقفة ضمير مسؤولة لنجتمع ونحل هذه الاستحقاقات». واشار الى أن «هناك مشروع قانون انتخاب اصلاحياً يعتمد على النسبية وناقشنا جزءاً كبيراً منه وتوقفنا عن استكمال البقية عندما طرحت الموازنة للنقاش. واخذنا قرارا باعادة دراسته. يجب اصلاح قانون 1960 بصور اكيدة، والمشروع يتضمن امرين اساسيين: الاول انتخاب المغتربين الذي يجب ان يحصل والا يطعن بنتائج الانتخابات كافة. وليحصل هذا الامر علينا استكمال المناقشة للاتفاق على الآلية. واذا لم يتم ذلك، فعلى مجلس النواب الانعقاد لإلغاء هذا البند او تأجيله. اما الامر الثاني، فيقضي بتشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات التي يجب ان تشكل كحد اقصى في حزيران المقبل، من هنا، وجوب استكمال مناقشة المشروع وادخال الاصلاحات اللازمة. والنسبية هي نموذج يؤمن الاصلاح ويتناسب مع النظام اللبناني التعددي». ورأى أنه «ليس صحيحا ان حكومة سياسية ليس بامكانها اجراء الانتخابات، بخاصة اذا كان رئيس الحكومة ووزير الداخلية ليسا طرفين، واذا كان رئيس الجمهورية يسعى كي لا يكون احد طرفاً. كانت الانتخابات تجري دائما في ظل حكومات سياسية وليس سهلا على الوزير استخدام وزارته في قضايا انتخابية فهناك محاسبة ومراقبة واعلام ورأي عام، لذلك، فاذا استمرت الحكومة سيكون بامكانها اجراء الانتخابات، اما اذا تغيرت فلها اسباب اخرى لتسيير امور عدة ليست بالضرورة الانتخابات». وعن الخلاف بينه وبين رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النيابي ميشال عون وقوله انه لا ينصح بان يكون عسكري رئيسا للجمهورية، قال سليمان: «لم اقل لا انصح، انما سئلت عن المشروع المطروح من قبل وزارة الدفاع لتعديل السن القانونية مع الرتب العسكرية، واستطراداً سألوني هل تعتقد بوصول عسكري الى الرئاسة مجددا فقلت: لا اعتقد». وأضاف: «انصح السياسيين بألا ينتخبوا رئيسا توافقيا، لماذا يأتون برئيس توافقي؟ التجربة ليست جديدة في لبنان، وانا عندما انتخبت لم اكن بوارد ان اصبح رئيسا بل طُلب مني ذلك، ومَن طلب مشكور»، مؤكدا أنه «مع رئيس الجمهورية ليس هناك معركة، فالرئيس هو الاب لجميع ابنائه طبعا هناك خلاف في الرأي واذا اضطررنا لتوضيح الامر لا نتأخر». واشار الى أن التواصل مع عون «ممكن ووارد وملحوظ في كل دقيقة». وعن صلاحيات رئيس الجمهورية، اعتبر انها بحاجة الى تصحيح. وقال: «يجب عدم تناسي انني اول رئيس جمهورية بعد الطائف ينتقد هذا الطائف من دون وجود سوري في لبنان يساعد على التنفيذ. وهنا ظهرت الصعوبات للجميع». وأكد أن «الحوار مع سورية مستمر وهو ليس فقط بين رئيسي البلدين. انه مستمر بيني وبين الرئيس الاسد ولكن هناك حوارا آخر قائم بين المجتمعين اللبناني والسوري ومؤسسات البلدين. سورية تمر بوضع مضطرب وليست جاهزة لاجراء حوارات، لكن سياسة النأي عن التدخل بالشأن السوري هي لعدم تأجيج الحريق السوري طالما لا نستطيع اطفاءه. وعندما يكون لنا كلام في هذا الموضوع على المستويين الدولي والاقليمي نقول بالحل السياسي المتوافق عليه سورياً كما نقول ان كل السوريين يتعطشون الى الديموقراطية ولكن كيف يريدونها. فهنا التناقض». وتابع: «هناك من يريد اسقاط النظام من دون النظر الى ما سيحصل وهناك من يريد الديموقراطية ولكنه ليس مع هذا النظام وهناك من يريد الديموقراطية اياً كان النظام ومن يريد الديموقراطية مع هذا النظام. لذلك من الصعب علينا الدخول في هذا الموضوع. نؤيد الحوار بين مكونات الشعب السوري لايجاد السبيل الافضل لوقف اراقة الدماء واحلال الديموقراطية وهذا ما تمكن بلورته عبر مبادرة السيد كوفي انان». واوضح أن «في لبنان انقساماً حول الوضع السوري، حيث على طول الحدود البرية بين لبنان وسورية هناك قرى مع المعارضة وأخرى مع النظام، الاهم هو إدراك اللبنانيين أن لا مصلحة لنا في التدخل بالشأن الداخلي السوري عبر تغليب فريق على آخر. علينا عدم الدخول من أي باب للوقوف كطرف، وعلينا أيضاً عدم السماح بتهريب السلاح او بقاعدة لبنانية ضد سورية وبخاصة أمنية او عسكرية». وتحدث عن صلاحيات الرئاسة الاولى، وقال: «الذي عرقل طرح الصلاحيات كما مسيرة التطوير بشكل كامل والاصلاحات هو الاحداث التي أطاحت الوضع العام بعد العام 2008، بدأنا بشكل واعد على أساس اننا لأول مرة نطبق الديموقراطية والطائف منذ عشرات السنين ونعرف الصعوبات ونعمل راهناً على تذليلها تباعاً وحصلت أزمات داخلية وخارجية... لكن هذا الموضوع سيطرح وإذا لم أتمكن من الوصول الى نتائج فيه على من سيأتي بعدي إكمال المسيرة وتحديد أين الصواب وأين الخطأ». العرض الايراني والعقوبات وعما اذا كانت العقوبات المفروضة على إيران تمنع لبنان من القبول بالعرض الايراني سواء في موضوع الكهرباء او تزويد الجيش بالسلاح، قال: «تباحثنا في موضوع الاتفاقيات وهناك عائق أمامها وهو القرارات الدولية وكيفية استيفاء الاعتمادات، لأن جزءا من قوة لبنان هي المصارف اللبنانية، وهناك محظورات عليها لا يمكن تجاوزها، هناك اتفاقات وقعت وننتظر الظروف التي تسهل توقيع اتفاقات أخرى، نحن نعمل دائماً على مناقشة الموضوع المالي وكيفية تأمين الاعتمادات وصرفها ونناقش مع المصارف ومع المجتمع الدولي. وكل أمر نجد أنه أصبح ممكناً لا نمانع في انجازه». واوضح سليمان ردا على سؤال انه لم يمنع تعيين رئيس لمجلس القضاء الاعلى، «ولكن لدي رأي مخالف للرأي الذي طرح معي شفوياً ولم يطرح على طاولة مجلس الوزراء وعندما يصل يطبق الدستور وهناك تصويت». وقال: «لم أصنف يوماً لبنانياً بأنه وطني أكثر من لبناني آخر، وهذه علة رافقتها خلال خدمتي في المؤسسة العسكرية، كل شخص يدعي الوطنية ويتهم الآخر بأنه غير وطني، هذا غير صحيح أظهرت الوقائع أن من كان وطنياً في السابق أصبح غير وطني والعكس صحيح». وعن حجب داتا الاتصالات، قال: «بخلفيتي العسكرية، أنا مع إعطاء الداتا لأنني اثق بالعسكريين وبأنهم لا يستخدمونها في غير هدفها لكن هناك حريات فردية ومجلس وزراء قرر هذا الاسلوب بإعطاء الداتا فلنلتزم به». واشار الى أنه يجب تعديل القرار و«هناك مشروع تعديل للقانون الأساسي الذي يرعى الموضوع». وعن التحقيقات في قضية الزميل في قناة «نيو تي في» علي شعبان الذي قتل على الحدود مع سورية، قال سليمان: «التحقيقات متواصلة ولم نتوصل إلى النتائج النهائية». ولفت الى أن «التشكيلات الديبلوماسية تقريباً منجزة. ولا مشكلة فيها لأن جميعهم من ضمن الإدارة ولهم الحق بالترفيع وهذا ما ننادي به». وعما اذا عادت المياه إلى مجاريها بينه وبين الإدارة الأميركية، قال سليمان: «حصل خطأ بروتوكولي معي في نيويورك لذلك لم أستقبل الموفدين بعدها. ولكن انا لا أحمل حقداً عندما تكون هناك مصلحة للبنان بإبداء رأيي وإظهار هذا الرأي، لأن ما يسمعه الموفد مني لا يحبذه، يحضر ليسمع شيئاً لكنه يسمع شيئاً آخر من رئيس الجمهورية. يسمع الحق والعدل والنظرة إلى الديموقراطية الحقيقية، اتصلت بي الوزيرة كلينتون وقالت لي نحن معجبون بخطابك في قمة بغداد وهو موضع دراستنا، ونحن نريد معرفة كيفية دعم هذا التوجه في الدول العربية وسأوفد السفير جيفري فيلتمان ليستكمل البحث معكم، رحبت بذلك».