بسبب عدم وجود مخرج قانوني مقنع لن يقبض موظفو القطاع العام في لبنان رواتبهم في شهر أيار (مايو) المقبل. إنها نتيجة جديدة للتجاذب السياسي الحادّ بين المعارضة الممثلة بقوى 14 آذار وحلفائها والأكثرية الممثلة بالحكومة. وحتى يوم أمس بقي رئيس الجمهورية ميشال سليمان على موقفه من عدم إصدار مشروع القانون المتعلق بتخصيص اعتماد ال8900 مليار ليرة لتغطية الإنفاق لغاية نهاية السنة الماضية، وهو المبلغ الذي صرفته حكومة نجيب ميقاتي عام 2011 أثناء عملها على أن يصار بعد إصدار هذا المرسوم الى الإنفاق بحسب القاعدة الإثني عشرية بعد رفع سقفها لسنة 2012. إلا أن المعارضة تطالب بإصدار مرسوم مماثل يطال إنفاق مبلغ 11 مليار دولار أنفقت على عهد حكومتي الرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري كي لا تبقى سيفا مسلطا للابتزاز فوق رأس المعارضة، علما أنه يحق لرئيس الجمهورية بحسب المادّة 58 من الدستور اللبناني إصدار مشروع القانون بمرسوم، إلا أن تردد رئيس الجمهورية يعود بحسب أوساطه الى عدم رغبته بالدخول في مواجهة مع قوى 14 آذار التي تطالب بالحلّ ذاته لمسألة ال11 مليار دولار. ولم تؤد الواسطة التي يقوم بها حاليا رئيس المجلس النيابي نبيه برّي الى إقناع رئيس الجمهورية الذي يستعد للسفر إلى أستراليا حيث سيمكث أسبوعا كاملا. في هذا الوقت تتحضر المعارضة لهجوم قوي ضدّ الحكومة في جلسة تشريعية عامة تستمر ثلاثة أيام ابتداء من يوم الثلاثاء المقبل، وتردد أوساط في المعارضة الى أنه قد تطلب حجب الثقة عن حكومة نجيب ميقاتي أو في افضل الأحوال حجب الثقة عن بضع وزراء منها وخصوصا وزيري الطاقة جبران باسيل والاتصالات نقولا الصحناوي، إلا أن مصدرا في «تيار المستقبل» استبعد في اتصال مع «الرياض» الوصول الى هذا الحدّ «في هذه اللحظة المقلقة والحرجة التي تمرّ بها المنطقة العربية». ولغاية الآن تؤدي هذه المعضلة الجديدة إلى عدم إمكانية رفع رواتب الشهر المقبل لموظفي القطاع العام ما بدأ يثير القلق لدى هؤلاء. من جهته، طمأن وزير المال محمد الصفدي أن وضع الدولة المالي سليم جدا، لكنه أوضح أن « الموازنة الوحيدة التي أقرّت في المجلس النيابي كانت عام 2005، وقد استهلكنا احتياطي هذه الموازنة. وطلبت وزارة المال من الحكومة إضافة إنفاق بقيمة 8900 مليار ليرة على موازنة ال2005 وحوّل الاقتراح إلى مجلس النواب، وهناك دخلت السياسة بحجمها الكبير، إذ ربط إقرار هذا الإنفاق بإنفاق ال11 مليار دولار»، مشيراً إلى أنه «دستورياً لا يمكننا أن ندفع رواتب آخر الشهر». وأعلن الصفدي أن رئيس الجمهورية «لم يبلغني أنه لن يوقّع على مشروع ال8900 مليار». مشيرا الى أن «المسؤولية تقع على الرؤساء والحكومة لإيجاد حلّ».