جاكرتا، واشنطن، براغ، روما - أ ب، رويترز، أ ف ب - ضرب الإرهاب في إندونيسيا مجدداً أمس، واستهدف تفجيران انتحاريان فندقين فاخرين في قلب العاصمة جاكرتا، في الاعتداء الرابع من نوعه في البلاد منذ تفجيرات بالي عام 2002. وقوبل الاعتداءان الجديدان بتنديد عالمي، ومخاوف في اندونيسيا من تقويض ثقة المستثمرين والسياح بها. ودان الرئيس الأميركي باراك أوباما الاعتداءين، عارضاً مساعدة جاكرتا في مكافحة الإرهاب. وأسفر التفجيران عن سقوط 9 قتلى و52 جريحاً بينهم 14 أجنبياً، في فندقي «ريتز كارلتون» و «ماريوت» وهما مقصدان لرجال الأعمال الأجانب، ومحاطان بأكثر التدابير الأمنية صرامة في جاكرتا. واتجهت أصابع الاتهام بعد الاعتداءين الى فصيل منشق عن «الجماعة الإسلامية» يقوده الماليزي نور الدين محمد توب «العقل المدبر» للاعتداءين على فندق «ماريوت» في جاكرتا (2003) والمنتجع السياحي في بالي. ويعتقد ان توب المتواري عن الأنظار، شكل شبكة إرهابية خاصة على علاقة مباشرة بتنظيم «القاعدة» بزعامة أسامة بن لادن. ونجحت هذه الشبكة في التسلل الى مدارس لتحفيظ القرآن حيث جندت عدداً من الشبان بذريعة «الجهاد». وأفيد ان الشرطة الإندونيسية تطارد شريكاً واحداً على الأقل للانتحاريين الاثنين بعد العثور على قنبلة ثالثة لم تنفجر في حقيبة جهاز كومبيوتر محمول في الطابق الثامن عشر في فندق «ماريوت». وأبطل مفعول هذه القنبلة التي لم يعرف ما إذا كانت معدة للاستخدام في تفجير ثالث أو من باب الاحتياط. وأفادت الشرطة ان المفجرين أقاموا في فندق «ماريوت» كنزلاء منذ الأربعاء الماضي، وجمعوا القنبلتين في أحد غرفه. وقال قائد الشرطة الإندونيسية الجنرال بامبانغ هندارسو دانوري في مؤتمر صحافي ان «الغرفة 1808 أصبحت موقعهم منذ يوم 15» من الشهر الجاري. وعرضت القناة الأولى في التلفزيون الإندونيسي شريطاً مصوراً من دائرة فيديو مغلقة، ظهر فيه رجل يبدو انه منفذ التفجير في «ريتز كارلتون». وكان هذا الشخص يعتمر قبعة بيسبول ويجر حقيبة على عجل في بهو الفندق. وفصلت دقائق معدودة بين التفجيرين في «ماريوت» و «ريتز كارلتون» واللذين وقعا داخل مطعمي الفندقين خلال تناول الزبائن وجبة الإفطار. وقال الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانج يوديونو الذي أعيد انتخابه هذا الشهر رئيساً للبلاد في مؤتمر صحافي ان التفجيرين من تنفيذ جماعة إرهابية تهدف إلى تخريب البلاد. وأشار يوديونو الى معلومات توحي بترابط الاعتداءين بنتيجة الانتخابات الأخيرة، وقال: «أنا على ثقة بأن معظمنا يشعر بقلق عميق وبأسف كبير ويبكي في صمت مثلي». وأضاف أن المجرمين «يضحكون ويهللون بغضب وكراهية. وليس لديهم أي شعور إنساني ولا يعبأون بتدمير بلادنا لأن هذا العمل الإرهابي سيكون له تأثير واسع على اقتصادنا ومناخ الاستثمار والسياحة وصورتنا في العالم». وقال متعاملون إن أسواق المال في البلاد هوت بعد الانفجارين، إذ انخفضت الروبية بنسبة واحد في المئة الى 10200 في مقابل الدولار. كما هبطت الأسهم بنسبة 2.7 في المئة قبل أن تعوض خسائرها وتغلق على انخفاض نسبته 0.6 في المئة. والتفجيران المنسقان، هما أول هجوم من نوعه منذ بضعة أعوام وجاءا عقب فترة حققت فيها الحكومة نجاحاً نسبياً في التصدي للتهديدات الأمنية من جانب الجماعات المتشددة، مما أشاع إحساساً بالاستقرار السياسي. وأعلنت الشرطة إن بين الضحايا مواطنون من إندونيسيا والولاياتالمتحدة وأستراليا وكوريا الجنوبية وهولندا وإيطاليا وبريطانيا وكندا والنروج واليابان والهند. وأفيد ان من بين الجرحى 8 أميركيين. في واشنطن، دان أوباما بشدة التفجيران وقال إن الولاياتالمتحدة مستعدة لمساعدة حكومة جاكرتا، وأصدر بياناً قدم فيه أعمق تعازيه وأكد ان «الشعب الأميركي يقف مع الشعب الإندونيسي في هذا الوقت العصيب والحكومة الأميركية مستعدة لمساعدة الحكومة الإندونيسية على الرد والتعافي من أثر تلك الهجمات الوحشية». وأشار أوباما الى ان إندونيسيا كانت حازمة في محاربة عنف المتطرفين داخل أراضيها، لكن تلك «الهجمات توضح أن المتطرفين ما زالوا ملتزمين بقتل الرجال والنساء والأطفال الأبرياء من أي دين في كل الدول». وقال: «سنبقى شركاء لإندونيسيا من أجل القضاء على تهديد هؤلاء المتطرفين ولن نتخلى عن دعم مستقبل من الأمن والفرص المتاحة للشعب الإندونيسي». كذلك عبرت العواصمالغربية عن تضامنها مع إندونيسيا. ودانت الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي «التفجيرين اللذين قتلا وجرحا عدداً كبيراً من الأبرياء». وأكدت رئاسة الاتحاد: «التضامن مع الحكومة الإندونيسية والشعب الإندونيسي في هذه الأوقات الصعبة»، واصفة الهجومين بأنهما «عمل وحشي». كما ندد الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي اكمل الدين إحسان اوغلي بالتفجيرين ووصفهما بأنهما «هجوم إرهابي أعمى»، معرباً عن التضامن مع الحكومة الإندونيسية في «مكافحتها للإرهاب».