بدا أن الصدام بين المجلس العسكري الذي يتولى مقاليد السلطة في مصر وجماعة «الإخوان المسلمين» المسيطرة على السلطة التشريعية ممثلة في غرفتي البرلمان، سيتصاعد في الأيام المقبلة بعدما صدرت إشارات عن مسؤولين عسكريين وحكوميين تنفي نية إجراء تعديل وزاري محدود في حكومة الدكتور كمال الجنزوري، خلافاً لما صرح به رئيس مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) الدكتور سعد الكتاتني من أنه تلقى وعداً من المجلس العسكري بإجراء تعديل حكومي. وقالت مصادر موثوق بها ل «الحياة» إن المجلس العسكري لا يعتزم إجراء أي تعديل وزاري على حكومة الجنزوري. وأفادت بأن لقاء جمع الجنزوري مع أعضاء المجلس العسكري، مساء أول من أمس، لم يقتنع فيه رئيس الحكومة بإجراء تعديل على حكومته، وقال إن «تغيير أي وزير سيكون معناه استقالتي من الحكومة». وشدد الجنزروي، بحسب ما نُقل عنه، على رفضه هذه الخطوة، معتبراً أنها تدخّل في عمله. وقال إن كل وزراء حكومته يعملون بجد وإخلاص من أجل مصلحة البلاد في ظل المرحلة الدقيقة التي تمر بها. وأكد أن حكومته لم تدخر جهداً من أجل خدمة المواطن. وقالت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي فايزة أبو النجا إن ليس لديها علم بوجود تعديل وزاري في الوقت الحالي. وفي ما بدا أنه نفي لتصريح الكتاتني، قالت أبو النجا: «في حال وجود مثل هذا الإجراء فسيكون الدكتور كمال الجنزوري هو أول من يعلن ذلك للجميع». لكن وكيل البرلمان الدكتور أشرف ثابت أكد ل «الحياة» أن المعلومات المتاحة لديه أن التعديل الوزاري سيعلن اليوم على أقصى تقدير. وأضاف: «لنر ما إذا كان المجلس العسكري سينفذ ما وعد به الكتاتني أم لا؟». واعتبر نائب رئيس حزب «الحرية والعدالة» الدكتور عصام العريان أن هذا الغموض مرده «الصراع بين قوتين: البرلمان بما يمثله من إرادة شعبية والسلطة الحاكمة». وقال ل «الحياة»: «إذا لم يتم تنفيذ ما تعهد به المجلس العسكري سيكون لدينا إجراءات تصعيدية». ولم يلق تحرك حزب الغالبية «الحرية والعدالة» («الإخوان) ضد حكومة الجنزوري قبولاً لدى عدد كبير من نواب البرلمان. وقال عضو البرلمان المستقل ياسر القاضي ل «الحياة» إن 160 نائباً وقعوا بياناً يرفضون فيه قرار تعليق جلسات البرلمان وإقالة الحكومة وسط الأجواء الحالية. وأوضح القاضي أن تحرك النواب هدفه رفض سحب الثقة من الحكومة لأن هذا الأمر من شأنه خلق أزمات جديدة في وقت تشهد الساحة السياسية توترات جمة. وقال: «بعد أن بدت في الأفق درجة من التوافق الوطني حول الجمعية التأسيسية للدستور وبدأنا نركز في اختيار معايير تشكيلها لتهدئة الأمور في المرحلة المقبلة فوجئنا بتحرك حزب الحرية والعدالة وتعليق جلسات البرلمان بطريقة بدت ممنهجة ومعدة سلفاً». وتساءل: «من سيشكل الحكومة ... الإخوان سيشكلون حكومة تشرف على انتخابات رئاسية لهم فيها مرشح؟ ... إن حدث ذلك فلن تكون الانتخابات نزيهة». ووسط هذه الأجواء عبّر رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي عن أمله بنبذ أي خلافات كي لا تسوء الأوضاع في البلاد أكثر. وقال طنطاوي خلال زيارته سيناء أمس: «خير للمرء أن يضيء شمعة من أن يلعن الظلام، غير أن الخلافات هي مصيبة مستقبل مصر».