كان لهذه الزاوية السبق بطرح موضوع توظيف السعوديين في سفارات بلدهم وملحقياته وقنصلياته في الخارج. وجاءت مقالة «سعودة السفارات والملحقيات»، التي نشرت في هذا الحيز في 17 حزيران (يونيو) من العام الماضي، لتحرك المياه الراكدة في بركة هذا الموضوع. وتحرك مجلس الشورى وناقش القضية، وأوصى في شهر آذار (مارس) الماضي بسعودة الوظائف في سفارات المملكة في الخارج. وطبقاً لخبر الزميل رياض المسلم، الذي نشرته «الحياة» في 19 مارس 2012 «أوصى مجلس الشورى بغالبية أعضائه أمس، وزارة الخارجية بالتوسّع في إحلال الشباب السعودي المؤهل محل العاملين غير السعوديين في السفارات السعودية والأجهزة التابعة لبعثاتها الديبلوماسية في الخارج. وشدد على ضرورة تطبيق نظام التأمينات الاجتماعية على من يتم التعاقد معهم من الشبان السعوديين لتحفيزهم لمواصلة العمل». وبدوره، لم يغفل التلفزيون السعودي قضية توظيف السعوديين، وناقش برنامج «صباح السعودية» كاتب هذه السطور حول المقالة المذكورة. واستمرت المطالبات من جهة الزملاء الكتّاب من دون صدى من الوزارتين المعنيتين. الأسبوع قبل الماضي، التقى الزميل أحمد غلاب رئيس الدائرة الإعلامية في وزارة الخارجية السفير أسامة نقلي، ونقل عنه أن «نسبة السعودة في ممثليات المملكة بالدول العربية وصلت إلى 90 في المئة، بينما وصلت في الدول غير العربية إلى 50 في المئة». كل الشكر والتقدير بالطبع لوزارة الخارجية على تبنيها قضية توظيف المواطنين في سفارات بلدهم وممثلياته في الخارج، والشكر للسفير نقلي على توضيحه بالأرقام والنسب ما وصلت إليه نسبة السعودة في «الخارجية». نقطة وحيدة تتطلب الوقوف في تصريح السفير نقلي ل «الحياة»، حينما سألته «عن وجود مطالب وجّهت لوزارة الخارجية في شأن توظيف السعوديين في السفارات الأجنبية في المملكة»، فرد بأن «السفارات الأجنبية في الدول المضيفة تخضع لسيادة وأنظمة وقوانين دولها، كما هي الحال بالنسبة لممثليات المملكة في الخارج، وذلك بموجب الاتفاقات والقوانين الدولية، التي لا تجيز التدخل في شؤون هذه السفارات بفرض سياسات توظيفية أو غيرها من الدولة المضيفة». وهذه النقطة أقبلها بلا تردد لو كانت السفارات والممثليات في المملكة توظّف أبناء جلدتها الذين يحملون جنسيتها. ولكن هذا القول لا يمكن قبوله، وكثير من السفارات والممثليات توظف أو هي تستقدم موظفين من جنسيات ثالثة، فلا هي وظّفت مواطنيها لتسقط حجتنا، ولا هي وظّفت سعوديين لنبادر بشكرها، وإنما وظّفت أشخاصاً لا علاقة لهم بجنسية السفارة ولا جنسية الأرض التي تمارس عملها عليها، وهو أمر لا يمكن قبوله أبداً، ولن توافق بريطانيا أو أميركا أو غيرهما أن توظف سفاراتنا وممثلياتنا لديهم عمالة فيليبينية أو بنغالية لا تحمل جنسية السفارة ولا الأرض. وهذا يعني أن توظيف السعوديين في السفارات الأجنبية في المملكة ممكن، ويجب أن يناقش، ولا يحتج فيه بقانون دولي لا ينطبق على الواقع بشيء. نقطة أخيرة، وهي توظيف السعوديين في الملحقيات الثقافية البالغ عددها 36 ملحقية سعودية في الخارج، وللأسف فإن واقع هذه الملحقيات لا يبشّر بنية أو رغبة في سعودتها. ووزارة التعليم العالي لا تنطق ببنت شفة حول الموضوع، وكأنها مُعفاة من السعودة، وهو ما يوجب تدخّل «الشورى»، ومن فوقه المقام السامي لمساءلتها عن السبب. فتوظيف السعوديين أولوية، ويجب ألا يترك للمزاج والرغبة. * اقتصادي سعودي - بريطانيا. www.rubbian.com