تحت عنوان: «سامية وتغريدة المحرم» كتب جميل الذيابي مقالاً جميلاً نشر في الحياة يوم الأربعاء 18 نيسان (أبريل) 2012. وعلق فيه على تغريدة الدكتورة سامية العمودي في حسابها على موقع «تويتر» «تجاوزت ال50، وأعمل طبيبة، ولا تزال تطلب موافقة ولي أمري على سفري لحضور مؤتمر، ولي أمري ابني الذي أنفق عليه». وكما ذكر فهي ليست معاناة الدكتورة سامية وحدها بل معاناة كثير من السيدات السعوديات، وقد أعجبني المقال لكن استوقفتني بعض الفقرات وسجلت عليها تعليقاتي: «ربما تكون المرأة السعودية هي الوحيدة بين نساء الأرض التي تحظر عليها قيادة السيارة والسفر خارج الحدود من دون موافقة ولي الأمر».. للأسف هذه خصوصية للمرأة السعودية هي فقط من يطبق عليها هذا النظام.. وهل بقية النساء المسلمات في العالم غير ملتزمات؟ «إن التطبيقات المتأزمة لمسألة «المحرم» التي يفصّلها بعض الفقهاء كما يشتهون، أصبحت ذريعة للقدح في «رشد أمهات وأكاديمياً ومحاولة لسلب حقوقهن، ما يُعتبر إساءة للمرأة التي كرمها الإسلام»! كلام صحيح. «لماذا تنتظر المرأة موافقة الابن الأكبر أو الزوج عبر «ورقة صفراء» للسفر؟ أليست المرأة العاملة راشدة وعاقلة وواعية ويهمها الحفاظ على حياتها وسمعتها ومنزلها»؟ وحتى لو كان الأب هو ولي الأمر فكم من الآباء من يتعسف في حق ابنته ويظلمها ويحرمها من السفر حتى لو مع أمها وأقاربها بلا سبب سوى رغبته في التحكم والتسلط على رغم أنه قد يكون غير مسؤول عنها مادياً ولا يدفع تكاليف سفرها بل لا يعرف شيئاً عنها سوى أنها ابنة مسجلة باسمه! «الأكيد أن المرأة السعودية مثلها مثل نساء الأرض، ولم تعد بحاجة إلى الوصاية والأبوية الزائدة، وحان وقت «إلغاء» شرط ورقة «صفراء» تكبّل معرفتها وقيمتها، ومعاملتها ككاملة الأهلية، لا ناقصة الرشد والعقلية». أوافق 1000 في المئة وهناك كثير من النساء يطالبن بذلك. وكنت أظن أن المرأة السعودية حين تبلغ 60 سنة لا تحتاج إلى تصريح وعرفت أنه حتى بعد 80 سنة ملزمة بالمحرم!! وقد كتبت تغريدة عن الموضوع في «تويتر» و «فيسبوك» علق عليها أحد الإخوة «طبعاً حينها تحتاج إلى محرم كي يمسك بيدها حتى لا تقع» وقد بلغت من العمر عتياً! كما علق آخر بقوله: «أنه سُيسمح لها بالسفر من دون تصريح حين يصل عمرها إلى 100 سنة وشهرين وأسبوعين»! من باب السخرية طبعاً. والواقع أن المرأة السعودية ملزمة بالمحرم من المهد إلى اللحد! وربما حتى بعد الموت لن تنال حريتها. ويبدو أن ذلك لم يكف بعض شيوخنا الغيورين فأرادوا تعميم هذا الوضع على كل نساء العالم المسلمات. اذ تذكرت حكاية غريبة سمعتها مرة في إحدى الفضائيات حين اتصلت امرأة بالشيخ في برنامج فتاوى تسأله وقالت: «أنا امرأة من بلد عربي - أظنه كان سورية قبل الأحداث الأخيرة طبعاً – وأعيش في ألمانيا وزوجي لا يستطيع السفر معي لالتزامه بالعمل، وعندي ولد عمره سبع سنوات.. فهل يجوز أن يوصلني زوجي للمطار حتى لباب الطائرة مع ابني ويستقبلني أهلي في بلدي في المطار.. فأجابها الشيخ بكل ثقة وحزم: لا يجوز ذلك وعليك أن تنتظري كم سنة حتى يبلغ ابنك ثم يسافر معك كمحرم» لا تعليق. طبعاً المرأة المسكينة أسقط بيدها وصمتت من هول الصدمة! بسيطة يا ست كلها 7 سنوات ويبلغ ابنك ويصطحبك في سفرك ليكون محرمك الذي يتولى أمرك، واطمئني لأنك أنجبته وربيته على يدك. ويبدو أنه لم يسمع عن قصة مشهورة يعرفها كل مسلم خصوصاً ان كان من أهل العلم حين هاجرت أم سلمة زوجة أول مهاجر في الإسلام تريد اللحاق بزوجها فوجدها عثمان بن طلحة - وكان غير مسلم حينها وقد تقطعت بها السبل فأوصلها حتى زوجها في المدينة عند قباء، وقد أقر الرسول صل الله عليه وسلم ذلك الفعل لاحقاً ولم يستنكره على رغم أنه لم يكن معها إلا ولدها الصغير، وقد رافقها أبو طلحة طول الطريق بلا محرم.. ولا يخفى على أحد أن الطرق كانت مقفرة في ذلك الزمان بعكس الوضع في زماننا خصوصاً لو كان السفر بالطائرة فليس هناك خلوة أبداً. فالذين يقولون بالتحريم ما قولهم في هذا الحديث؟ (حتى تخرج الظعينة من الحيرة إلى مكة لا تخشى إلا الله والذئب على غنمها)، أو كما قال صلى الله عليه وسلم. سفر المرأة من دون محرم من المسائل الخلافية التي لم نجد وقوع الإنكار والجدال فيها، وقد ذهب الشافعية إلى جواز سفر المرأة من دون محرم إذا أمنت الطريق، فقد نظروا إلى علة الحكم وأداروا معها الحكم. نأمل من كل امرأة متضررة من هذا الوضع ان تضم صوتها إلى صوتنا لنرفعه للمسؤولين في بلادنا.. أما من ليس لديها مشكلة في الموضوع نرجو منها ألا تهاجمنا فهي لا تعرف حال غيرها وقد تضطرها الظروف إلى ذلك فلا ترفض ما لا يضرها لأنه قد ينفع غيرها.. وأيضاً الكلام موجه للرجال فليس كل ذكر هو رجل وليس كل رجل قوام على أهله فإذا لم تؤيدوا فلا تعترضوا ويكفينا جدلاً في أمور لا تستدعي ذلك في حياتنا. * كاتبة سعودية. [email protected]