رفعت الحكومة اليمنية رسمياً الدعم عن المشتقات النفطية، إذ أعلنت «شركة النفط اليمنية» تحريك أسعار المشتقات النفطية أمس بناءً على قرار من مجلس الوزراء بتحرير أسعارها. وارتفع سعر 20 ليتراً من البنزين من 2500 إلى أربعة ألاف ريال يمني (18.6 دولار)، والديزل من 2000 إلى 3900 ريال. كما ارتفع سعر الكيروسين إلى أربعة آلاف ريال. ومع بدء تطبيق القرار شهدت صنعاء وعدد من المدن الرئيسة أعمال عنف وفوضى وتخريب، وقطع متظاهرون الطرق الرئيسة وحرقوا إطارات احتجاجاً على الأسعار الجديدة. ويعاني اليمن منذ أربعة أشهر أزمة خانقة وغير مسبوقة في المشتقات النفطية، إذ تصطف السيارات لساعات طويلة أمام المحطات في مشهد بات معتاداً في حياة اليمنيين، كما يتعرّض لضغوط كبيرة من البنك الدولي وصندوق النقد لرفع الدعم عن المشتقات النفطية الذي يقدّر بعشرة ملايين دولار يومياً ويشكّل ثمانية في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وأشار الرئيس عبد ربه منصور هادي، في خطاب وجّهه إلى الشعب اليمني بمناسبة عيد الفطر المبارك، إلى هذا القرار عندما دعا جميع القوى السياسية لاصطفاف وطني شامل (مصالحة) يقوم على عشرة أسس من بينها «الدعم السياسي والاجتماعي للإصلاح المالي والاقتصادي». وعلّق رئيس «مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني»، مصطفى نصر، في تصريح إلى «الحياة»، على القرار وقال «سبق واتخذته الحكومة، ووعدت المانحين بذلك، وكان يفترض أن يترافق ذلك مع إصلاحات جدية تمنح الناس الثقة بأن أموال الدعم لن تتسرّب إلى جيوب الفساد، لكن للأسف الشديد لا توجد أية جدية في إصلاحات عميقة تواكب رفع الدعم في شكل شبه كامل كما تشير المعلومات». واعتبر أن الحكومة «تلجأ إلى الخيار السهل، بعد أن فشلت في وقف مخرّبي أنبوب النفط وضبط المهرّبين، وأوصلت البلد إلى حالة شلل يبدو معه رفع الدعم أقل كلفة من انهيار الاقتصاد أو توقف شبه كامل لكثير من قطاعاته بسبب الأزمة الخانقة منذ أشهر». وأكّد نصر أن القرار «ستكون له تبعات كبيرة على الفقراء، وإذا لم تعالج الحكومة هذه التداعيات وتُحسّن الإنفاق على التعليم والصحة والطرق، وتعالج مشكلة الطاقة، ستلحقها لعنة الناس، وستزداد فشلاً فوق فشل». وأضاف: «جميع الأطراف والسياسيين وافقوا على القرار بعد أن شعروا بأن الدولة مقدمة على انهيار اقتصادي، لكن ذلك نتيجة منطقية لعجزهم عن وقف مخرّبي الأنبوب عند حدهم، وتوفير مصادر إيرادية بديلة سواء عبر تحسين الإيرادات أو تجفيف منابع الفساد، أما الإصلاحات التي نطالب بها وطبّقتها الدول التي مرت بتجارب مماثلة، فلا تتوقعها من قيادة دولة كهذه، وعلى الشعب أن يعتمد على نفسه فالحكومة تخلت عما تبقى من دعم». وكان صندوق النقد أصدر أخيراً دراسة حول «إصلاح الدعم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، حضّ فيها اليمن على إجراء خفض إضافي في دعم الطاقة من خلال تطبيق زيادة تدريجية في أسعار الوقود، بالتزامن مع تعزيز مساندة المستحقين من خلال توسيع تغطية صندوق الرعاية الاجتماعية ليشمل 500 ألف أسرة إضافية. وفي حزيران (يونيو) الماضي رخّصت الحكومة للقطاع الخاص باستيراد الديزل مباشرة للاستعمال الخاص وذلك بالأسعار العالمية. كما وحدت العام الماضي سعر الديزل بين مختلف مستخدميه ليشمل قطاع الكهرباء. وكانت الحكومة رفعت أسعار البنزين بنسبة 66 في المئة وأسعار الديزل والكيروسين بمقدار الضعف خلال عامي 2011 و2012.