في وقت سعت إسرائيل الرسمية إلى التأكيد أن قرار مصر وقف اتفاق تزويد إسرائيل بالغاز الطبيعي نزاع تجاري محض ليس مرتبطاً بأية خلافات سياسية، لم يستبعد معلقون بارزون أن تكون الخطوة تمهيداً لخطوات مصرية تصعيدية أخرى قد تصل إلى درجة إلغاء اتفاق السلام الموقع بين البلدين. وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو أمس إن القرار «ليس ناجماً عن تطورات سياسية، إنما نتيجة نزاع تجاري بين الشركة الإسرائيلية ونظيرتها المصرية». وأضاف أن لإسرائيل مخزوناً هائلاً من الغاز سيمنحها استقلالاً في الطاقة «ليس عن مصر فحسب إنما عن أي مصدر آخر، بل سيجعل منها واحدة من أهم أكبر مصدري الغاز الطبيعي في العالم، وعليه فنحن في مأمن في هذه المسألة». أما وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان فقال من أذربيجان للإذاعة العسكرية أمس إن إسرائيل «تريد أن تصدّق أن الحديث هو عن نزاع تجاري وليس سياسياً». وأضاف أن اتفاق السلام مع مصر مهم لإسرائيل «لكنه ليس أقل أهمية بالنسبة إلى مصر». وعزا القرار إلى أجواء الانتخابات في مصر، «وفي العادة تشهد مثل هذه الأجواء التصعيد واتخاذ مواقف أكثر تشدداً، لكننا نريد أن نؤمن بأن التطورات الأخيرة، بضمنها التصريحات الأخيرة نابعة عن معركة الانتخابات التي تنتهي بعد شهر ونصف الشهر، وقد انتظرنا طويلاً ولا بأس أن ننتظر وقتاً آخر لنرى ماذا سيحصل آملين أن تعود الأمور إلى مسارها». وأفادت وسائل الإعلام العبرية بأن السفير المصري في تل أبيب ياسر رضا استدعي أمس إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية ل «لقاء استيضاح» مع نائب الوزير داني أيالون. وأضافت أن السفير أوضح لمضيفه أن الحكومة المصرية لم تلغ اتفاق بيع الغاز لإسرائيل وأن «الحديث هو عن مسألة اقتصادية محضة». وتابعت أن نائب الوزير أبلغ السفير بأن «إسرائيل تتوقع من مصر أن يتم حل الإشكالات التجارية كما هو متبع بين دول جارة وصديقة، وانه من أجل الاستقرار الإقليمي من المهم أن يتم الحفاظ على استمرار العلاقات السليمة بين البلدين». وأكدت وسائل الإعلام العبرية أن القرار فاجأ المستوى السياسي في إسرائيل، على رغم علم الشركة الإسرائيلية الشريكة في الاتفاق منذ الخميس الماضي بقرار الشركتين المصريتين أنهما تعتزمان تعليق تزويد الغاز لعدم التزام الأخيرة بتسديد ما ترتب عنها من مستحقات مالية وفقاً للاتفاق بينها. وكانت الشركة الإسرائيلية قدمت دعوى قضائية ضد الشركتين المصريتين لتعويضها بمبلغ 8 بلايين دولار عن الأضرار التي سببتها عرقلة تزويد إسرائيل بالغاز في الأشهر الماضية جراء سلسلة من تفجيرات خط الأنابيب الذي يزود إسرائيل بالغاز ويمر عبر سيناء. ويغطي الغاز المصري نحو 40 في المئة من حاجات محطات توليد الكهرباء في إسرائيل. ورأى الديبلوماسي السابق المعلق في صحيفة «إسرائيل اليوم» بوعاز بيسموت في القرار نتيجة حتمية للثورة المصرية. وأضاف أن ما حصل «يحقق التوقعات الإسرائيلية المتشائمة لنتائج الثورة، وقد سبق ذلك سيطرة الإخوان المسلمين على البرلمان المصري وطرحهم مرشحاً عنهم لرئاسة الجمهورية». وتابع أن الادعاء بأن سبب إلغاء الاتفاق هو تجاري محض «يحتاج إلى إثبات»، مضيفاً أنه في حال استمرت التغيرات في مصر بمثل هذه الوتيرة السريعة فإنها «قد تتحول إلى دولة معادية في وقت أقصر بكثير مما كنا نتوقعه». من جهته، كتب المعلق في الشؤون الاقتصادية في «يديعوت أحرونوت» عمير بن دافيد أن إلغاء الاتفاق «يشكل خطوة أولى على طريق إلغاء اتفاق السلام بين الدولتين في المستقبل». وأضاف أن الاعتقاد الإسرائيلي في الماضي غير البعيد بأن اتفاق الغاز يشكل مظلة اقتصادية لاتفاق السلام مع مصر، حتى في حال سقوط نظام حسني مبارك، «كان خطأ والواقع أثبت عكس ذلك تماماً». وفي غزة (أ ف ب) ثمنت حركة «حماس» القرار المصري «الشجاع» بإلغاء عقد تصدير الغاز إلى إسرائيل. وقالت في بيان: «نثمن قرار مصر وقف تصدير الغاز للاحتلال الصهيوني استجابة لرغبة الشعب المصري الشقيق وحماية لمصالحه القومية». واعتبرت القرار «خطوة في الاتجاه الصحيح في التعامل مع الاحتلال والتصدي لمحاولاته المتواصلة لابتزاز واستغلال مقدرات وخيرات المنطقة العربية». ووصف البيان هذا القرار ب «الشجاع» في سبيل «استعادة (مصر) دورها الوطني والقومي ودعم القضايا العربية وفي مقدمها القضية الفلسطينية».