يقول مقربون من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إن وتيرة اتهاماته لرئيس الحكمة العراقي نوري المالكي تصاعدت، بناء على معايير سياسية، منها تعقد الأزمة في العراق، بعد مذكرة القبض على نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، وهو الحليف الأبرز لحكومة «العدالة والتنمية» التي اعتبرت اتهامه بدعم الإرهاب رسالة موجهة إليها يجب الرد عليها والتصدي للتأثير الإيراني المتزايد في العراق، من خلال حكم المالكي. والمعيار الثاني يتعلق بإيران أيضاً، خصوصاً بعد توتر العلاقات بين أنقرةوطهران عشية المفاوضات حول الملف النووي مع الدول الست الكبرى في إسطنبول، ما دفع أردوغان إلى التشكيك في صدقية طهران، واعتباره اختيار بغداد مقراً للمفاوضات المقبلة، بناء على طلبها إقصاء له. أما المعيار الثالث فهو الموقف من الأزمة السورية، وازدياد تخوف أنقرة من التوجه إلى الحل الطائفي، واحتمال تأثير هذا الحل أو اندلاع حرب طائفية تمتد إلى العراق. وكان أردوغان جدد انتقاداته لنظيره العراقي واتهمه ب»إذكاء التوتر الطائفي من خلال الطريقة التي يعامل بها شركاءه في الحكم». وقال عقب لقاء طويل مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في أنقرة إن « التطورات في العراق لا تبشر بخير، خصوصاً ما يتعلق منها بأسلوب تعامل المالكي مع شركائه السياسيين الذي تطغى عليه الأنانية، وهذا الأسلوب يزيد التوتر الطائفي بين الشيعة والأكراد والكتل العراقية». وجاءت هذه التصريحات، فيما الهاشمي ما زال في تركيا، وإن نفت أنقرة أن يكون تقدم بطلب للجوء السياسي. وحذر أردوغان من أن تؤدي الخلافات المستمرة بين المالكي والأكراد إلى «التقسيم». وشدد على أن «تركيا تؤكد ضرورة وحدة أراضي العراق وتتمنى انتهاء هذه الخلافات بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان في أسرع وقت». وكان صرح في كانون الثاني (يناير) الماضي بأن أنقرة «لن تقف متفرجة في حال دفع المالكي العراق إلى حرب طائفية بسبب سياساته وطريقة تعامله مع شركائه السياسيين». وأفادت صحيفة «ميلييت» التركية بأن أردوغان عازم على إظهار دعمه حلفائه في العراق، خصوصاً بارزاني والهاشمي والوقوف إلى جانبهما في خلافهما مع المالكي، بالإضافة إلى محاولة التواصل مع أحزاب وتيارات شيعية مثل «التيار الصدري» و»المجلس الأعلى»، لتأكيد أن تركيا لا تقف في مواجهة سياسات المالكي من زاوية طائفية. وكانت تركيا خرجت للمرة الأولى عن حيادها تجاه الخلاف السياسي الداخلي في العراق خلال انتخابات العام 2010 حين دعمت القائمة «العراقية»، بزعامة أياد علاوي ضد المالكي، وبررت ذلك برغبتها في أن يحكم العراق ائتلاف علماني، وهو التبرير الذي حمل في طياته أول اتهام للمالكي بالطائفية. وفي بغداد (ا ف ب)، وزع مكتب المالكي بيانا جاء فيه ان «التصريحات الاخيرة للسيد اردوغان تمثل عودة اخرى لمنهج التدخل السافر بالشأن العراقي الداخلي». واضاف البيان ان هذه التصريحات «تؤكد ان السيد اردوغان ما زال يعيش اوهام الهيمنة في المنطقة. ومن المؤسف ان تتسم تصريحاته بالبعد الطائفي التي كان ينفيها سابقا لكنها اصبحت مكشوفة ومرفوضة من قبل العراقيين». وتابع ان «الاصرار على مواصلة هذه السياسات الداخلية والاقليمية ستلحق الضرر بمصالح تركيا وتجعلها دولة عدائية بالنسبة للجميع اضافة الى انها منافية لابسط قواعد التخاطب بين الدول».