سماح واحدة من ضحايا التناقض بين العادات والأعراف والقوانين في الأردن، فعلى رغم أن ابن عمها اغتصبها إلا أنها لم تستطع أن تقاضيه، إذ إن القانون يحميه من أي ثغرة يمكنها من خلالها أن تنتقم لكرامتها المهدورة وتسترد حقها. فمغتصب سماح، كان عقد قرانه عليها، وفق عادات سكان القرى النائية في الأردن التي تحتم عقد القران بالتزامن مع الخطوبة بالانتظار «الدخلة»، إلّا أنها اكتشفت لاحقاً أنه غير مناسب لها، فطالبته بفسخ عقد القران... طلب لم يتلقاه بصدر رحب، فعمد إلى اختطافها واغتصابها، وأعادها بعد أن أفقدها عذريتها انتقاماً ل «سمعته». أهل سماح وقفوا عاجزين إلّا من رفع دعوى اغتصاب أمام القضاء الذي عجز بدوره عن محاكمة الجاني، فهي «زوجته» بحكم عقد القران. «صدمة» دفعت بأهل سماح إلى الطلب من «المغتصب» الزواج بابنتهم، ولكن المفاجأة جاءت برفضه. تقول الدكتورة إسراء طوالبة، من المركز الوطني للطب الشرعي الذي استقبل سماح كواحدة من حالات عدة لنساء يلجأن إلى المركز بعد تعرضهن لأشكال مختلفة من العنف، إنه على رغم قناعة القاضي بعدالة القضية وتعرضها للاغتصاب، فإنه لم يستطع نصرتها، فالقانون الأردني لا يلحظ ما يسمى «اغتصاب الزوجة». حتى نظام القضاء العشائري المطبق في كثير من مناطق الأردن لم يستطع اعتبار ما حصل لسماح «اغتصاباً». ويقول القاضي الشرعي عمر الخريسات: «لا يوجد في القانون الأردني ما يلحظ أن ما تعرّضت له سماح اغتصاب». ويوضح: «الاغتصاب في القانون، محصور بالاعتداء على غير الزوجة». وعن قضية سماح يقول: «خطيبها لم يخرق القانون، ولكنه خالف عرفاً وعادة وارتكب عنفاً ضدها». ويشير إلى الحاجة إلى تشريعات أو أنظمة تضبط مثل هذه الحالات، موضحاً: «القيم والأعراف اختلفت، وكل عقوبة يجب أن يكون لها تكييف قانوني بالجزاء». ويُعتبر إكراه الزوجة على الجنس في كثير من المجتمعات «سوء المعاشرة الجنسية»، وهو غير مجرَّم قانوناً، وتقول إنعام العشي، وهي محامية وناشطة في المعهد الدولي لتضامن النساء،: «عقد الزواج ينص على أن غاية من غايات الزواج «استمتاع الزوج بزوجته»، لذلك يحق للزوجة في بعض البلدان مثل مصر أن تطلب بدل متعة». وتوضح المحامية والناشطة في اتحاد المرأة الأردنية، هيفاء حيدر: «يجب حدوث ضرر بالغ وتقارير طبية تظهر وجود أثار عنف كالكدمات، حتى تتمكن السيدة أو محاميتها من إثبات ذلك». مستدركة: «عدم وجود نص قانوني يجرّم هذه الحالات، يساعد في إطلاق يد الرجل على فعل ما يشاء»، وتؤكد أن «المعضلة تتضح عند اللجوء إلى القضاء». يشار إلى أن قانون العقوبات الأردني فصّل مختلف حالات الاغتصاب، لكنه استثنى منها «الزوجة التي تتعرض للاغتصاب من قبل زوجها»، وتتشابه في ذلك قوانين الدول العربية باستثناء تونس. قانون يتعارض والشريعة في المقابل يرى أستاذ الفقه الإسلامي في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية، الدكتور محمد القضاة أن الأصل أن تقوم العلاقة بين الزوجين على السكن النفسي والمادي وعلى المودة والرحمة والمحبة والمعروف، معتبراً أن لجوء الزوج إلى إجبار زوجته على المعاشرة الجنسية «اغتصاب». ويقول: «قانون العقوبات الأردني يتعارض في بعض الأحيان مع منطلقات الشريعة التي تجرم وتمنع الزوج من هذه المعاملة السيئة مع زوجته، نافياً أن تكون هذه القوانين مستمدة من الشريعة». ويُعتبر اغتصاب الزوجات أو اغتصاب الشريك أو الاعتداء الجنسي على الشريك، من الجرائم التي نادراً ما يُعلن عنها، ما يلفت إلى ضرورة وجود تشريعات تعاقب على الفعل بصرف النظر عن العلاقة التي تربط بين طرفيه.