عبدالله السفر انتباه الصباح مرٌّ وكئيب، تصرّفُهُ في طاحونة الأعضاء التي تُهرَع إلى نفير العمل اليومي. تضعُ على الطاولة وجهاً تجلبه من يومٍ بعيد؛ وجهاً تخزن فيه صباحاً لم يكن مرّاً ولا كئيباً. الضحكاتُ تفرقع، لها صدى يخضّ الجدران؛ يفرّق العتمة بدداً. يتعالى همسٌ كذبابة الشتاء الثقيلة، تنقفُهُ بشراسة لكنه يعود في طبقةٍ أعلى وأكثر خشونة. صارماً تحاول دحره، غير أنه لا يرتدع. الصهيلُ الذي يملأ حلقك يخفتُ. ثمّة قبضةٌ تنشقّ بالقرب من وجهك، كلّما سعيتَ إلى تفاديها؛ سجّلتْ على خدّكَ انتصاراً. الوجهُ الذي جلبتَهُ آخذٌ في التجعّد والتفتّت ببطء. يصرعُكَ التنبّه أن فراشةَ اليوم البعيد هي الآن ناشفة، وأوهى من أن تحتمل صباحاً مرّاً وكئيباً. السهم ترسُبُ مثل حجرٍ في الضجر. الحمّام الساخن لا يكشط بثورَهُ الموغلة في التكاثر. صخبُ الصباح المنزلي والحقائب المدرسيّة وتعليمات الأم توجعك. الجسد تجرُّهُ بلا نيّةٍ ولا هدف. الشارعُ طويلٌ وشاقٌّ بالتشابه المحفوظ؛ حربُكَ التي لم تخترها ولا تدري من انتدبكَ لها. أيُّها الخاسر! تلوي طريقكَ إلى المطعم الشعبي، لعلّ الحجرَ يطفو. يذوب بين الناس. الضجيجُ كما خبرتَهُ حلواً وبخارُ الأطعمةِ عذباً تتشهّاهُ العيون. تنزوي وحيداً، تهبط يدٌ أمامك بصحن الفول والخبز والشاي. اللقمةُ في فمك جافّة ورأسكَ في مكانٍ آخر. السّهْمُ الذي أسقطَكَ يفِدُ بذكرياته. عبثاً، أيّها الخاسر! الظلمةُ آتية. لماذا تطيل التحديق بعينٍ تعرف أنها إلى العمى؟ انتظار ترتفقُ النافذةَ تنظر، تنتظر. يغريكَ الانتظارُ بالبقاء. في الإطارِ تتخشّب. رفّة جناح تعبر. تغضي. ليست لك. نسمةٌ فوّاحة تتضوّع بالجوار. تندلع حواسُّك بالحسرة. تصطفق أقدامٌ صغيرة. يركضُ الدم في يديك؛ تنزعُهما من الإطار ملوّحا. فاتَكَ أنّكَ في الغسق. جدثُ الحنين لن يتعرّف إليه أحد؛ فلتتوارَ نحوَ الكهفِ شأنَ فريسةٍ مثخنةٍ تعرف ماذا تنتظر. الظهران نوفمبر 2011