استبق شيخ الأزهر أحمد الطيب اجتماع رؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب المقرر اليوم في مقر البرلمان المصري لمناقشة الآلية الجديدة التي ستتشكل بمقتضاها الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد، بإطلاق مبادرة جديدة لتحقيق توافق على شكل الجمعية، داعياً الفرقاء إلى «تنازلات لمصلحة الوطن». وتتضمن المبادرة الدعوة إلى إعداد مقترحات إرشادية تتضمن معايير ملائمة لتشكيل الجمعية التأسيسية لتقديمها للاجتماع المشترك للبرلمان بغرفتيه (الشعب والشورى)، للعمل في ضوئها عند إعادة تشكيل اللجنة، «بما يضمن تمثيل مختلف فئات الشعب وتحقيق أقصى درجة من الإفادة من الكفاءات الوطنية، واحترام النصوص الدستورية». وتأتي مبادرة الأزهر غداة اجتماع لرئيس المجلس العسكري الحاكم المشير حسين طنطاوي ورؤساء الأحزاب السياسية اتفق خلاله على إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية من دون الوصول إلى آلية محددة لذلك، كما جاء عقب سلسلة لقاءات عقدها الطيب مع رموز الأحزاب والقوى السياسية والتيارات الفكرية والإسلامية، كان آخرها لقاء عقد أول من أمس بين الطيب وقيادات «الدعوة السلفية». وقال الأزهر في بيان أصدره أمس إن «اللحظة الراهنة فارقة في مسار العمل الوطني، وتتطلب أعلى درجة من التوافق لمواجهة التحديات المطروحة، ما يقتضي تنازل جميع الفرقاء عن جانب كبير من تحيزاتهم ومصالحهم ورؤاهم، حتى يلتقوا في منتصف الطريق وينجحوا جميعاً في تحقيق أهداف الثورة النبيلة في العيش المشترك والعدل الاجتماعي والحرية والكرامة ويتمكنوا من صناعة مستقبلهم على أساس متين من دون إحباط أو إخفاق». واعتبر شيخ الأزهر أن «التوافق المنشود يتطلب الاحتكام إلى ما استقر في الأعراف الدستورية في التجربة الحضارية المصرية والبناء عليه من دون نكوص أو تراجع لاجتياز هذه المرحلة بسلام، والنجاح في إقامة مؤسسات الدولة كلها واستكمال بنائها، وتحقيق أهداف الثورة»، مطالباً القوى والتيارات والأحزاب كافة بالتجاوب مع هذه المبادرة. وأوضح البيان أن المبادرة «جاءت تتويجاً لاجتماعات ولقاءات متواصلة في مشيخة الأزهر بين نخبة من كبار علماء الأزهر وبعض المثقفين المشاركين لهم، تم خلالها تدارس الموقف الراهن من كل جوانبه، وما تمليه الضرورة من احتكام جميع الفرقاء للعقل وتغليب الصالح العام واستلهام منطق الوسطية والتسامح والمحبة في تراثهم الديني وثقافتهم الحضارية وتقاليد العيش المشترك الودود في ما بينهم وإعمالاً لما أنجزه الأزهر والمثقفون من وثائق استرشادية ارتضاها الجميع ووجدوا فيها بغيتهم وظفرت باحترام وتقدير القاصي والداني». وأضاف أن «المجتمعين اتفقوا على مناشدة المسؤولين وعقلاء الأمة ضرورة التأكيد العملي على سيادة الحق والقانون وخضوع المواطنين كافة لأحكامه والامتثال لأوامره ونواهيه باعتبارها مناط الاستقرار ودعامة الحل للمشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وعدم التهاون في تطبيقه على الجميع حفاظاً على هيبة الدولة وإقرار العدل وتعزيز التكافؤ وحق المواطنة وضماناً لتقدم المجتمع نحو التحقيق الأمثل للتحول للديموقراطية المنضبطة بسيادة القانون». وطالب البيان ب «الاحتكام في هذا المسار القانوني إلى القضاء المصري الرصين ذي التاريخ المشرف العريق في كل القضايا والتقلبات مع الحرص الكامل على مراعاة استقلال القضاء ونزاهته والحفاظ على هيبته وتجنب ما يؤدي إلى زعزعة الثقة به أو النيل من مكانته تأكيداً لدوره التاريخي في بناء الدولة المصرية الحديثة وصيانة مؤسساتها وتطبيق منظومات القوانين العادلة فيها على الحكام والمحكومين معاً». ودعا جميع السلطات إلى «توفير مناخ الأمن والطمأنينة للقضاء كي يباشر مهامه من دون ضغط من مسؤول أو ترويع من الجماهير كي تتم ممارسة جميع درجات التقاضي الضامنة للعدل بسلاسة وسرعة وتصبح عنواناً للحقيقة كما هو الشأن فيها دائماً». وطالب ب «ضرورة الحفاظ في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة على مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، في إطار التكامل الحقيقي والتوازن التام بينها من دون السماح بأن تطغى سلطة على أخرى أو تتدخل في شؤونها، حتى لا ينتشر الفساد والطغيان ويختل ميزان العدل». من جانبها، دعت «جبهة دستور لكل المصريين» إلى الاحتشاد في ميدان التحرير وميادين مصر الجمعة المقبلة تحت شعار «لا لفلول النظام السابق، ونعم لدستور يضعه الشعب بالتوافق»، مؤكدة «اعتزازها بالهوية المصرية الجامعة للمصريين من دون تمييز». واعتبرت الجبهة التي تأسست الشهر الماضي من 40 ائتلافاً وحزباً للاحتجاج على تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور من غالبية إسلامية، أن «الهوية المصرية الجامعة دافع قوي لتأصيل حقوق المواطنة للجميع والدفاع عنها». وشددت على ضرورة ضمان «مفهوم المساواة أمام القانون، والإيمان بأن في التنوع ثراء فريداً يتعين ضمانه وحمايته من خلال الدستور الجديد للبلاد». وتعهدت «مواصلة العمل من أجل مشاركة كل المصريين في صياغة الدستور الجديد للبلاد ليصدر معبراً عن حضارة الأمة المصرية الغنية، وممثلاً لتنوعها وتعدديتها».