علمت «الحياة» أن اتجاهاً داخل حزبي الغالبية في غرفتي البرلمان المصري، أي حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وحزب «النور» السلفي، يدفع باتجاه إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور واختيار معايير جديدة لتشكيلها تتوافق عليها القوى السياسية كافة وذلك بعد صدور حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان تشكيل الجمعية. وقال الناطق باسم حزب «النور» الدكتور يسري حماد ل «الحياة» إن الحزب لن يطعن في قرار المحكمة الإدارية بعد اتصالات تمت على مستوى قيادة الحزب أفضت إلى التراجع عن قرار استئناف الحكم. وأوضح أن الحزب قرر التزام حكم المحكمة والشروع في عقد لقاءات مع القوى السياسية من أجل الاتفاق على معايير جديدة لتشكيل الجمعية تراعي التوافق بين القوى السياسية. وأوضح أن الحزب ليس طرفاً في القضية ولا الحكم كي يطعن فيه، مشيراً إلى أن هناك تفكيراً في ضرورة أن يكون هناك تحرك قانوني، لم يتم تحديد ماهيته، ليس ضد الحكم ولكن ضد السابقة التي أرساها الحكم، وهى تدخل السلطة القضائية في أعمال السلطة التشريعية، فضلاً عن التحرك السياسي في اتجاه تحديد معايير لجمعية جديدة قبل اختيار أعضائها. وبدا أن غالبية السياسيين في مصر ليست لديهم رؤية محددة للتعامل مع الأمر، إذ قال حماد: «الحياة السياسية في مصر يكتنفها غموض شديد، بسبب إدارة سلطة غير منتخبة الأمور. فالمجلس العسكري في يده كل السلطات حتى أنه ينتقي من التشريعات ما يوافق هواه لتمريره ويهدد بحل البرلمان في حال تمرير تشريعات لا يرتضيها». وأضاف: «الأزمة في أن كل فصيل موجود على الساحة يسعى إلى التفكير في معزل عن الآخر. فالليبراليون والعلمانيون لا يريدون الاعتراف بالفصيل الإسلامي الذي استحوذ على الغالبية»، منتقداً عدم التواصل بين القوى السياسية لحل أزمة الجمعية التأسيسية للدستور. واعتبر أن لب الخلاف بين الفصيلين هو المادة الثانية في الدستور التي تقضي بأن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع. وقال: «حتى إن اعترف العلمانيون بأنهم يوافقوننا الرأي فإن الواقع العملي يثبت عكس ذلك». وأوضح أن حزب النور سيؤكد ضرورة تمثيل كل طوائف المجتمع لكن ليس من خلال النظرة الضيقة التي يرى أصحابها حتمية ضمهم للجمعية حتى تكتسب شرعية. وأكد أن نسبة تمثيل نواب البرلمان في الجمعية لم تكن في الحقيقة نقطة الخلاف الجوهرية «فالتيار العلماني يريد الغالبية في الجمعية، وهم طالبوا بزيادة تمثيلهم النسبي وليس النوعي في الغرف المغلقة ... هم الآن يبحثون عن جهة محايدة لتحديد معايير تشكيل الجمعية فذهبوا إلى الأزهر». وكان حزب النور أعلن أنه سيطعن في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، لكنه عاد وتراجع عن قراره. وطالبت نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشارة تهاني الجبالي المجلس العسكري بإصدار تعديل دستوري مكمل لحكم القضاء الإداري. وقالت ل «الحياة» إن إصدار هذا التعديل الدستوري من شأنه تحصين الحكم ضد أي طعون. غير أن مصدراً عسكرياً كان قد أكد ل «الحياة» أن المجلس العسكري «لن يقدم على إجراء أي تعديل للمادة 60 في الإعلان الدستوري» التي تكلف الأعضاء غير المعينين في غرفتي البرلمان انتخاب جمعية تأسيسية من مئة عضو تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد. وأكدت محكمة القضاء الإداري أن الإعلان الدستوري لم ينصّ على مشاركة أعضاء البرلمان في عضوية الجمعية التأسيسية، ولو كان هناك اتجاه لذلك لنص صراحة على ذلك. واعتبر رئيس حزب التجمع رفعت السعيد أن ترتيبات نقل السلطة في مصر عادت إلى نقطة الصفر. وقال ل «الحياة»: «المشكلة تكمن في انتخاب برلمان قبل وضع دستور، وهذا الوضع الخاطئ ترتب عليه (قيام) عملية سياسية مشوهة»، مستبعداً إجراء انتخابات الرئاسة في موعدها الشهر المقبل في ظل الغموض الذي يكتنف العملية السياسية.