يسود توتر مكتوم العلاقة بين المجلس العسكري الحاكم في مصر، ومجلس الشعب المنتخب حديثاً، على خلفية مضي أعضاؤه في إقرار قانون العزل السياسي على من يسمون «فلول ورموز نظام الرئيس السابق حسني مبارك»، والذي يطال عددا من مرشحي الرئاسة الذين لم تصدر بحقهم أية أحكام قضائية، تمنع تنافسهم على المنصب.. أبرزهم اللواء عمر سليمان، والفريق أحمد شفيق، وعمرو موسى وغيرهم. وعلمت (اليوم) من مصادر خاصة رفيعة المستوى، أن المخاوف تتصاعد منذ الليلة قبل الماضية، بشأن تدهور العلاقة بين الجانبين وتجاوزها الخطر الأحمر، للدرجة التي وصلت فيها حسب المصادر إلى تفكير المجلس الأعلى للقوات المسلحة في طرح الثقة في مجلس الشعب، في استفتاء شعبي عام، ما يعني عملياً حل البرلمان. خاصة وأن هناك آراء قانونية تؤكد عدم دستورية القانون؛ لأنه يميز بين المواطنين وصدر لأهداف سياسية لا علاقة لها بالعملية الديمقراطية التي تجري في البلاد وتحكمها.. وهو ما أكده الفقيه الدستوري إبراهيم درويش، الذي قال إن ذلك القانون غير دستوري لكونه يميز بين المواطنين ولو طعن عليه إمام الدستورية فسيتم قبول الطعن وسيتم إلغاؤه واتهم مجلس الشعب بالانفعال وقال إن قانون إفساد الحياة السياسية ليقيد حرية احد سياسيا إلا بحكم قضائي. حل البرلمان وأكد المصدر، أنه يشترط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على القانون ليصبح ساري المفعول، وهو «مستحيل» حسب تعبير المصدر، الذي أضاف انه ليس أمام المجلس العسكري للخروج من المأزق سوى استفتاء الشعب على حل البرلمان. وهو ما يتخوف منه «الإخوان» أصحاب الأغلبية النيابية. واعتبر ان «مجلسي الشعب والشورى مدعوان للاجتماع لاعادة تشكيل اللجنة التأسيسية ونحن ندعو البرلمان ان يبدأ باصدار معايير لتشكيل لجنة وضع الدستور تضمن تمثيل جميع القوى الاجتماعية والسياسية على قدر المساواة بحيث لا يستأثر بهذه اللجنة تيار سياسي واحد».ورجح نائب بحزب الحرية والعدالة رفض نشر اسمه امكانية الوصول لاتفاق ما، خلال الساعات المقبلة، يحمل حلاً وسطاً، وأشار إلى مفاوضات محمومة تجري منذ الساعات الأخيرة من ليلة أول أمس، تحمل أفكاراً يمكن بموجبها، تلافي لجوء العسكري لحل المجلس، والقبول بصيغة «ترضية» تتجاوز تمرير قانون العزل، أو تطبيقه في المرحلة الحالية. وقال النائب ل(اليوم) إن من ضمن الحلول المقترحة، تأجيل تطبيق القانون لمرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية، ووضع دستور جديد، أو وضعه قيد التنفيذ على من صدرت بحقهم فعلاً أحكام إدانة. بطلان»التأسيسية» وفي سياق اخر,قررت محكمة القضاء الاداري امس وقف قرار تشكيل الجمعية التأسيسية التي يهيمن عليها الاسلاميون وقبول الطعن الذي تقدمت به حركات احتجاجية واحزاب ليبرالية وشخصيات عامة لتعليق قرار اعضاء البرلمان المنتخبين بشأن تشكيل هذه اللجنة. واعلنت المحكمة في منطوق حكمها انها «قررت وقف قرار تشكيل اللجنة التأسيسية» وقبول الطعن المقدم اليها والذي اعتبر ان قيام البرلمان باختيار نصف اعضاء هذه اللجنة من نواب مجلسي الشعب والشوري «قرار اداري خاطئ يشوبه انحراف في استخدام السلطة». وتجمع قرابة مائتي ناشط امام المحكمة وهم يرفعون لافتة كتب عليها «الدستور مش اغلبية مصر حتفضل مدنية»، في اشارة الى مخاوفهم من ان تؤدي هيمنة الاسلاميين على لجنة وضع الدستور الى تحويل مصر الى دولة دينية وتمسكهم بأن يحمي الدستور الجديد للبلاد الطابع المدني للدولة. ويشكل الحكم ببطلان الجمعية التأسيسية ضربة لجماعة الاخوان المسلمين التي سيطرت على عملية تشكيل اللجنة وجعلت قاعدة التصويت فيها الاغلبية البسيطة بما يضمن لها الهيمنة على كتابة الدستور الجديد للبلاد. وانسحب ممثلو الازهر والكنائس المسيحية المصرية وكل الاحزاب الليبرالية والشخصيات العامة من هذه اللجنة احتجاجا على عدم توازن تشكيلتها وعدم تمثيلها لكل طوائف الشعب المصري. ويقضي الاعلان الدستوري الذي اصدره المجلس العسكري الحاكم عقب اسقاط حسني مبارك العام الماضي بأن يقوم الاعضاء المنتخبون في مجلسي الشعب والشوري بانتخاب لجنة تأسيسية من مائة عضو لوضع دستور جديد للبلاد من دون ان يحدد اي معايير للعضوية ومن دون ان يوضح ما اذا كان ينبغي انتخابهم من داخل او خارج البرلمان. وعقب صدور الحكم، قال استاذ القانون القيادي في الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي محمد نور فرحات للصحفيين ان «اللجنة التأسيسية التي شكلت اصبحت باطلة بحكم قضائي ولا تستطيع مواصلة مباشرة عملها». واعتبر ان «مجلسي الشعب والشورى مدعوان للاجتماع لاعادة تشكيل اللجنة التأسيسية ونحن ندعو البرلمان ان يبدأ باصدار معايير لتشكيل لجنة وضع الدستور تضمن تمثيل جميع القوى الاجتماعية والسياسية على قدر المساواة بحيث لا يستأثر بهذه اللجنة تيار سياسي واحد». اما القيادي في حزب الوفد المحامي بهاء الدين ابو شقة، فدعا المجلس العسكري الى تعديل الاعلان الدستوري حتى لا يقوم البرلمان بتشكيل اللجنة التأسيسية. واكد انه «وفقا للاعراف والمبادئ الدستورية المستقر عليها فان المجالس التشريعية لا تخلق الدساتير، فالدستور هو السلطة الاسمى التي تخلق السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية». واضاف «الدستور هو الذي يخلق سلطات الدولة الثلاث وليس لواحدة منها ان تخلق الدستور».