طلقني ويدّعي أنني زوجته أتى ثلاثة رجال مع زوجي الى بيت والدي للاصلاح بيننا فأخذ والدي يروي للثلاثه كل ما حصل منه من تلفظ بالطلاق وتلفظ بأيمان لم يف بها، وتقدم إلى قاضٍ في المحكمة العامة بجدة بدعوى ضدي، فأحضرنا اثنين من الشهود وشهدا بالله امام القاضي بقولهما: إن الزوج المذكور كاذب، واعترف أمامهما بأن كل ما قاله والد زوجتي السابقة صحيح، وكان والدي قال لهما إنه تلفظ بالطلاق أكثر من ثلاث مرات متفرقات غير الأيمان التي لم يف بها، وفي الجلسة التالية وما بعدها لم يحضر، فأصدر القاضي حكمه بطلاقي طلاقاً بائناً بينونة كبرى ورفع الحكم الى التمييز، وجلس الموضوع بين القاضي والتمييز في أخذ ورد وأنا معلقة فرفعت برقيه للمقام السامي وأحيلت الى المجلس الأعلى للقضاء، و «كأنك يا بوزيد ما غزيت» وبقى الموضوع بين أخذ ورد حتى انتقل القاضي من المحكمة وتسلم الموضوع قاض آخر، فما العمل؟ - الحكم في وقوع الطلاق راجع إلى تلفظه به، فإن كان قد تلفظ بالطلاق وصرح به فهو واقع، فإذا كان الطلاق منجزاً، وكان الزوج عاقلاً بالغاً رشيداً مختاراً وقع طلاقه باتفاق الفقهاء، وإذا كان الطلاق معلقاً على شرط فلا يقع حتى يحصل الشرط، فإذا حصل الشرط وقع الطلاق عند جمهور الفقهاء، وقال البعض إذا لم ينو به الطلاق يكون يميناً تجب به الكفارة، وإلا وقع به الطلاق، فالطلاق بلفظ الطلاق يقع، سواء قصده الزوج أم لم يقصده، وسواء نوى به الزوج الطلاق أم نوى الممازحة، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وغيرهم. فهذا الطلاق المكرر ثلاث مرات إن نوى به المطلق التأكيد فهو واحدة، وإن نوى به التكرار فهو واقع ثلاثاً عند جمهور الفقهاء وتقع به بينونة كبرى عند عامة الفقهاء، ولا يحل للزوج أن يعود لزوجته إلا بعد انقضاء عدتها، وزواجها من زوج آخر، ثم موته عنها أو طلاقها منه بمحض رضاه بعد دخوله بها، ثم مضي عدتها، فإن حصل ذلك كله جاز لك العودة إليه بعقد جديد، لقوله تعالى: «فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» [البقرة:230]. وذهب بعض الفقهاء إلى أن طلاق الثلاث في مجلس واحد يقع طلقة واحدة، مطلقاً، ويفتي بذلك الكثير من الفقهاء، وعلى الزوجة في كل أحوال الطلاق أن تبقى في بيت الزوجية حتى تنتهي عدتها، ثم لها أن تغادره بعد ذلك إلى أهلها، واتفق الفقهاء على أن المطلقة رجعياً لا يلزمها الحداد ولا ترك الزينة ولزوجها أن يعاملها كزوجة، بل يجامعها (وجماعه لها رجعة)، واختلفوا في المعتدة من الطلاق البائن بينونة كبرى في أمر الحداد فأوجبه البعض، ومنعه البعض (وعليها أن تحتجب من زوجها، وليس له أن يراها دون حجاب أو يخلو بها)، فإن لم يخف منه عليها ولها أولاد منه فيبقى معها في البيت في غرفة أخرى وتحتجب منه، وإن خيف عليها منه أو لم يكن معهما غيرهما فعليه أن يغادر البيت وتبقى هي فيه حتى نهاية عدتها. أما في حالتك فبحسب تقدير القاضي وهو الذي حكم لك بالطلاق البائن بينونة كبرى، وحكم القاضي الابتدائي لا يقع الطلاق به قبل أن يصبح قطعياً بمرور مدة الاعتراض عليه من غير اعتراض أو بتصديقه من التمييز أو الاستئناف بحسب الأصول المرعية لتصديق الأحكام في حالات الطلاق. وعليه فإذا صدق قرار القاضي بالطلاق أو مضت المدة النظامية للاعتراض عليه ولم يتم الاعتراض عليه فقد وقع الطلاق من تاريخ أن أصبح الحكم قطعياً ونهائياً، ولا يجوز الطعن فيه شرعاً ولا نظاماً وإذا لم يتم التصديق عليه فالزوجية على حالها مستمرة.