كثيرا ما نسمع قصصا عن زيجات انتهت بالطلاق! لكن هل انتهت القصة بالطلاق والانفصال بين كل من الزوج والزوجة؟ ففي بعض الأحايين نجد أن بعد الطلاق تحدث قصص متتالية فهناك من يُطلق زوجته دون علمها، وهناك من يمنع عنها النفقة، وهناك من يُطلقها وهي حائض، فإذا طهرت جامعها، وهناك من يُطلقها الثلاث طلقات دفعة واحدة، وهناك من يُطلق ويكتم طلاقه ويُمارس حياته معها كزوج لمزيد من التنكيل بها أو لأنه ندم على طلاقه السّري لها فلا يريد أن يخبرها به ويمارس حياته كأن شيئا لم يكن!!. "الرسالة" فتحت ملف تجاوزات بعض الأزواج في الطلاق فما هي الأسباب الدافعة لذلك؟ وماذا يجب على المرأة التي يعاشرها زوجها وهي لا تعلم بطلاقها؟ وما هي أحكام العدة والنفقة في مثل هذه التجاوزات التي تحصل من قبل بعض الأزواج؟ وغيرها من المحاور في ثنايا هذا التحقيق: محاكمة قضائية بدايةً يعزو الأستاذ عبد الرحمن بن علي بن سعيد القرنوس المحامي والمستشار القانوني أسباب تجاوزات بعض الأزواج في الطلاق إلى قلة الوازع الديني والتنكيل بالمطلقة، ويوضح آثار التجاوزات الشرعية التي يُمارسها بعض الأزواج فيقول: لا يجوز شرعا أن يعاشر الرجل مطلقته إذا بانت منه بينونة صغرى إلا بعقد نكاح جديد والبائنة بينونة كبرى لا تحل له إلا بعقد جديد بعد أن تنكح رجلا غيره ويطلقها، وإذا كانت تعلم أنها بائن منه لا يجوز لها أن تمكِّنه من نفسها أما إذا لم تكن تعلم فالإثم والعقاب عليه. ويُؤكد القرنوس على ضرورة محاكمة من تقع منه معاشرة بعد البينونة فيقول: إذا ثبت قضائياً أن الرجل قام بمعاشرة زوجته وهي بائن منه ولا تحل له والعياذ بالله فتقع عليه العقوبة، ويجب على المطلقة أن تعتد ثلاثة قروء من بعد الوطء لاستبراء الرحم والتأكد من عدم وجود حمل. تجاوز خطير من جهة أخرى يؤكد الشيخ حمد الرزين القاضي بالمحكمة العامة بجدة أنه بمجرد نطق الطلاق تترتب عليه آثاره، ويقول: من المقرر فقهاً وقضاء أن الطلاق يحصل وتترتب عليه آثاره بمجرد نطق الزوج به نطقاً شرعياً صحيحاً خالياً من الموانع التي تحول دون وقوعه، وعلى هذا فإنه إذا وقع الطلاق ترتب عليه مباشرة أحكام لا فكاك منها، وهي إما البينونة الصغرى أو الكبرى، أو اعتبار الزوجة مطلقة رجعية، ولا يشترط إذن ولا علم الزوجة بحصول الطلاق، لكن إذا أوقع الزوج الطلاق ولم يشعر زوجته به وظل يعاشرها المعاشرة الزوجية بالمبيت معها وجماعها؛ فإن كان الطلاق رجعياً فقد رجعت الزوجة إلى عصمة زوجها بالمعاشرة ولو لم يصرح بالرجوع، وإن كانت مطلقة بائناً بدون علمها وقام الزوج بمعاشرتها فإنها لا ترجع إلى عصمته، وفعله حرام ولا إثم عليها في ذلك، وإنما الإثم على الزوج، ومهما اختلق الزوج من الأسباب والمبررات في فعله فإنه لا يقبل منه سوى الإعذار بالجهل إذا كان مثله يجهل الحكم (حسب تقدير القاضي) لأن ذلك أمر خطير يوجب العقوبة إذ أن فعله يعتبر من صور الزنا الموجب للحد على الزاني المحصن وهو الرجم بالحجارة حتى الموت.ويُضيف الرزين مُبيناً أحكام النفقة والعدة في هذا الطلاق فيقول: تحسب العدة من وقت وقوع الطلاق، سواء علمت به الزوجة أو لم تعلم، فإن فات وقتها تكون العدة قد انتهت ولا يلزم الزوجة الدخول في عدة جديدة إذا علمت بحصول الطلاق، وأما النفقة فإنها تجب من الزوج على مطلقته الرجعية أو البائن مدة عدتها، ومتى ما خرجت من عدتها تنتهي نفقتها. المرأة الضحية ومن جهة أخرى يُجلّي الدكتور غازي الشمري المستشار الأسري أسباب الطلاق فيقول: في مسألة الطلاق ليس هناك طرف يخسر بل كلاهما خاسر، ثم أن الطلاق يكون السبب الرئيسي فيه الزوج والزوجة معاً، لكن يجب أن نغلب جانب المصلحة، ولو بحثنا عن مسببات الطلاق سنجد أن الأساس الذي بُني عليه الزواج ضعيف وهشّ، وأنه اختيار فاسد وإما أن يكون الرجل قد طمع في وظيفة امرأة، أو أن الأخيرة وافقت على رجل من أجل ماله، لذا يحق لنا أن نتساءل عن أهداف الناس في الزواج فالبعض هدفهم شهواني، والبعض يبحث التغيير وتكون المرأة هي الضحية، فالمطلقات يجدن صعوبة كبيرة في الزواج مرة ثانية بسبب كثرة الفتيات. تجاوزات لعدم العلم ويؤكد الشمري أهمية التثقيف في مسائل الزواج والطلاق لئلا تحدث تجاوزات فيقول: على الأزواج حقيقة أن يثقفوا أنفسهم في مسائل معينة بالزواج والطلاق لئلا تحدث تجاوزات، فلابد ان يعرف متى يُطلق، وهل هذا الطلاق صحيح أم بدعيّ، بل هناك جهل عند كثير من الناس فربما يطلق ثلاث طلقات في مجلس واحد أو يطلقها وهي حائض أو يطلقها بعد طهر جامعها فيه كل هذا طلاق لا يصح ويأثم الرجل عليه، وأحيانا قد يطأها بعد أن يُطلقها طلاقاً بائناً وهذا لا يجوز ولا شك أن مثل هذه التجاوزات سوف يُسأل عنها الإنسان قال تعالى: "ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه". ويُبين الشمري أن التجاوز في الطلاق يعذر صاحبه بالجهل فقال: وإذا كان الرجل أو المرأة لا يعلم الحكم الشرعي ويقوم ببعض التجاوزات في الطلاق فإن الله عز وجل يعذر عن الجهل وعدم المعرفة والعلم، لكن إذا كان يعلم أحدهما هذه الأحكام ويكتم العلم فلاشك أنه يعتبر زنا لو عاشر ومطلقته بائن.