الرئاسة في مصر ليست مجرد برنامج إنقاذ لاقتصاد متهاوٍ، أو خطة علاقات لسياسات متخبطة، أو حتى طرحاً لتطبيق شرع الله أو جانب منه. انها أيضاً مشوار إلى الحلاق، وزيارة لجراح التجميل، وموعد مع «بوتيك» الملابس المستوردة، واستشارة مسموعة من «ستايليست» مغمور. ففي غمرة تسونامي الترشحات وأحكام المنع وقرارات العفو ولوغاريتمات المرحلة الانتقالية، وجد أبرز مرشحو الرئاسة من الوقت والجهد والجرأة ما مكنهم من إطلالة جديدة بدت لخبراء التجميل واختصاصيي ال «ستايل» وجموع الناخبين واضحة وضوح الشمس. فمن كان يهز رأسه ومعه لُغده (غدة الرقبة) الشهير بالأمس القريب، مؤكداً التزامه تحقيق مبادئ الثورة حتى أن بعضهم أطلق عليه «ذا لُغد أوف ذا رينغز»، في إشارة إلى الفيلم الملحمي الشهير، يطل عليهم اليوم من زاوية مختلفة تقلل من حجم اللُغد وتخفي الهالات السوداء التي تميز أسفل عينيه. ومن كان يجلس على طرف المقعد أثناء حواره مع المذيعة بات يسند ظهره على المسند، بل ويضع ساقاً على ساق لزوم التأهل للمنصب الموعود. وصاحب الذقن المشعثة التي لم يكن أمامها سوى أشهر معدودة لتصل إلى الضلع العائم آخر ضلوع قفصه الصدري، ظهر في الملصق الجديد بذقن قصيرة تعلوها ابتسامة دحضت إشاعات عجز فمه عن الابتسام. أما من كان الشيب غطى رأسه، فقام الحلاق بمهمة جليلة منتقصاً بضع سنوات بإضافة صبغة سوداء قوية المفعول، وكذلك فعل من غطى الشيب شاربه. وإذا أضيف إلى الصبغة عنصر الإسلام السياسي تضاف إليها علامة التعجب، وهو الشعور الذي اعترى كثيرون بعد ال «لوك» الجديد الذي ظهر به مرشح «الإخوان المسلمين» خيرت الشاطر. فبعد اللحية الطويلة المكسوة باللون الرمادي المائل إلى الأبيض، ظهر بلحية حليقة وشعر أقرب إلى السواد. وإذا كان سواد الشعر دليلاً على الشباب، فإن «ستايل» الملابس أيضاً يقول الكثير عن الشخص، لا سيما إن كان مرشحاً لمنصب الرئيس. الفريق أحمد شفيق الذي اشتهر بلقب «البلوفر» (الكنزة) تكرر ظهوره ببدلة ورابطة عنق تاركاً وراءه تلاً من الكنزات التي كان يطل بها على المصريين وقت كان رئيساً للوزراء. لكن شفيق المرشح للرئاسة يختلف عن شفيق رئيس آخر وزارة في النظام السابق، إذ أظهر تحملاً للتعليقات والأسئلة الساخرة حول سر «البلوفر» مؤكداً أنه «موضة، وكاد ينفد من المحلات لإقبال الناس على شرائه». إلا أن تقبل المرشح شفيق للدعابة يقابله هجوم تام من قبل أنصار مرشحي التيارات الإسلامية عند التطرق إلى «لوك» ماراثون الرئاسة الجديد، فالمرشح السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل الذي كان يقدم برنامجه التلفزيوني على قناة «الناس» مرتدياً الجلباب وغطاء الرأس، بات يقدم برنامجه الرئاسي، ومن بعده برنامجه الدفاعي عن جنسية والدته، مرتدياً البذلة وربطة العنق. ورغم أن مرشح «الإخوان» ينافس أبو إسماعيل، إلكترونياً على الأقل، في التعليقات الخاصة ب «لوك» الرئاسة، إلا أن كليهما يتساويان في رفض أتباعهما لأية تعليقات ساخرة أو حتى تشير إلى مظهرهما. وبين «اتقوا الله» و «ربنا يهدكم» يعلِّق الأنصار والأتباع على كل من تسول له نفسه أن ينتقد ال «لوك» أو حتى يتساءل عن منبعه. فالمئات من مستخدمي «فيسبوك» رفعوا شعار «الشعب يريد معرفة حلاق الشاطر» مُصرِّين على معرفة عنوانه لتهنئته على عمله. عموماً لن يكل المصريون أو يملوا من انتقاد مرشحيهم أو التعليق على مظهرهم. أحدهم أكد أن المرشحين الأساسيين لم يتركوا «ستايل» إلا طرقوه، «فأبو إسماعيل بلحية طليقة، وأبو الفتوح بلحية محددة، وعمر سليمان أصلع وبشارب مصبوغ، وعمرو موسى بلُغد، وشفيق بشعر كاريه مصفف إلى جانب، وصباحي بذقن حليقة طيلة الوقت، و.... بلا لحية أصلاً لأنه لم يبلغ بعد».