من شبه المجمع عليه أن حاكم ولاية ماساتشوستس السابق الجمهوري ميت رومني سيكون المرشح الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في يوم الثلثاء 6/11/2012 ضد الرئيس الديموقراطي الحالي باراك أوباما. والإشارة إلى أن رومني في عنوان هذا المقال من أفراد الأقلية المسيحية الأميركية المسماة ب «المورمون» له أهمية خاصة بالنسبة إلى الانتخابات المقبلة. ولكن قبل ذلك يحسن الإشارة أيضاً إلى والد رومني (جورج رومني) الذي ولد في المكسيك من أبوين أميركيين كانا يقومان بمهمة تبشيرية بما أتت به «الكنيسة المورمونية». وقد اضطر والداه إلى العودة إلى الولاياتالمتحدة بعد ولادته ببضع سنوات واستقرا في مدينة سولت ليك عاصمة «المورمون» في الغرب الأميركي. وقد أخذ جورج رومني دروساً في جامعتين أميركيتين ولم يتخرج في أي منهما فذهب إلى ولاية ميتشيغان ليصبح بعد بضع سنوات رئيساً لشركة «أميركان موتورز» لصناعة السيارات قبيل وخلال الحرب الكونية الثانية. وكانت تلك الشركة حينئذٍ من أهم الشركات الأميركية في إمداد القوات الأميركية ببعض معداتها وأهمها سيارات الجيب القديمة. وفي ما بعد صار جورج رومني حاكماً لولاية ميتشيغان الأميركية ذات الأهمية القصوى، لأن صناعة السيارات الأميركية كانت حينذاك الأهم في العالم أجمع. وفي عام 1967 رشح محافظ ولاية ميتشيغان جورج رومني نفسه لخوض الانتخابات الأولية الأميركية ضد المرشح الآخر (الذي فاز بالترشيح فعلاً) ريتشارد نيكسون لخوض الانتخابات التي جرت، (كما تجرى عادة) في أول يوم ثلثاء من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) في عام 1967 ضد المرشح الديموقراطي نائب الرئيس الأميركي هيوبرت همفري. وكما هو معروف فاز ريتشارد نيكسون بالانتخابات وصار الرئيس الأميركي في الشهر الأول من عام 1968 بعد أن وعد وكذب في وعده بعد توليه الرئاسة، بأنه سيُنهي حرب فيتنام. ولكن تلك قصة أخرى. نعود إلى ابن جورج رومني حاكم ولاية ماساتشوستس السابق ميت رومني الذي من المرجح أنه سيكون المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة في أواخر هذا العام. فلم يكن الانتماء الديني للمرشح للرئاسة الأميركية في عام 1967 بنفس الأهمية التي يحتلها الآن في عام 2012. ومع أن المعتقد الديني في الغرب عموماً لا أهمية له الآن، فإن أجزاء كثيرة من الولايات الأميركية التي يصوت الكثيرون من سكانها لمصلحة الجمهوريين تمر ومنذ بضع سنوات بصحوة مسيحية متشددة لا تعترف بأن «المورمون» من المسيحيين حتى وان استخدموا نفس المفردات والمصطلحات الإنجيلية. فمن هم «المورمون»؟ أسس الكنسية «المورمونية، رجل يُقال له جوزيف سميث، والذي زعم بأنه أوحي إليه بتعاليم دينية كثيرة لا تهمنا تفاصيلها، والاهم من بينها تعدد الزوجات إلى عدد غير محدد في وقت واحد. وتردد، ولم يتأكد، أن عدد زوجاته بعد موته كان يزيد على سبعين زوجة. بالطبع أثار حفيظة قساوسة الكنائس المسيحية الأخرى ما زعمه «سميث» فأدخل السجن، ومن ثم هاجمه في سجنه نحو مئتي رجل وقتلوه في سجنه في صيف عام 1844. وبعد أسابيع حل محله قائد موهوب لا يزال الكثيرون من «المورمون» يعتبرونه «نبياً» آخر اسمه برغهام يونغ. فهاجر يونغ وأتباعه إلى مكان معزول تماماً عن بقية المسيحيين، في ولاية يوتاه. وتوضح استطلاعات الرأي في الوقت الحاضر في ولايات «الصحوة» المسيحية، بخاصة في أقصى الجنوب وفي الجنوب الشرقي، أن هؤلاء لا يعتقدون أن «المورمون» مسيحيون، ولا يثقون في أي مرشح ينتمي إلى هذه الكنيسة. ولذلك يحاول أنصار رومني تفادي أي ذكر لعلاقته بالكنيسة «المورمونية»، على رغم أنه من أكبر داعميها مالياً ومعنوياً وقد قضى جزءاً من شبابه بعد تخرجه من جامعة هارفارد للتبشير بتعاليم كنيسة «المورمون» في فرنسا. وهناك نفرٌ من القائمين على حملة رومني الانتخابية يغمزون، من دون الاعتراف بالطبع بأنهم وراء هذا الغمز واللمز، بأن الرئيس باراك أوباما في حقيقة الأمر ليس مسيحياً كما يدعي وإنما مسلم يخفي إسلامه. وبالطبع هذا ما سبق أن قيل خلال انتخابات 2009. ولم يصدق هذا الزعم الكثيرون من المتعلمين والمتنورين والأقليات وصغار السن، الذين تكون منهم الائتلاف الذي مكّن المرشح باراك أوباما من الفوز في انتخابات الرئاسة. وعلى رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي ورثها أوباما، وعلى رغم ارتفاع أسعار الوقود في أميركا، التي كانت وراء ارتفاعها تهديدات النظام الإيراني لممرات النفط في الخليج، فالأرجح أن أوباما هو الذي سيفوز لولاية ثانية في الانتخابات المقبلة، إذا نجح في إقناع ما يكفي من الناخبين بأن الحالة السيئة التي مرَّ بها الاقتصاد الأميركي موروثة من إدارة المحافظين «المجددين» ولا ذنب له بها. ويمر الاقتصاد الأميركي الآن بفترة من النمو حتى وإن كانت بنسبة متواضعة. كما أن أوباما قد ينجح في إيضاح أن أي رئيس أميركي أو غير أميركي، لا يستطيع بمفرده أن يقرر سعر النفط. فالنفط سلعة دولية، يقرر سعرها مجموع ما ينتجه العالم ومجموع ما يطلبه وما هو متوقع عرضه وما هو متوقع طلبه في المستقبل. وكما يعرف المتابعون فان المتوقع حدوثه في المستقبل هو ما يقرر مستوى الأسعار في الأسواق الآجلة. وللأسواق الآجلة أهمية خاصة بالنسبة إلى النفط لكبر حجمها وسرعة تناميها. ولذلك كله، وبخاصة أن منافس أوباما من أتباع الكنيسة «المورمونية»، التي لا يرى جزء كبير من الناخبين الذين يصوتون عادة للجمهوريين، بأن أتباعها ليسوا مسيحيين فإن احتمال فوز أوباما في الانتخابات المقبلة أكثر قليلاً من احتمال هزيمته. * أكاديمي سعودي