ارتفعت نسبة الإصابة بآفة حفارة الطماطم «توتا آبسلوتا» في مزارع المنطقة الشرقية خلال الشهر الماضي إلى 50 في المئة، بعد أن كانت لا تتجاوز نسبة الإصابة قبل ثلاثة أشهر خمسة في المئة فقط، وتوقع مهندسون زراعيون أن يكون المقبل أسوأ بكثير مع حلول الرطوبة التي تشكل موسماً لتكاثر الآفات مبينين أن الإصابة قد تصل إلى حدود الكارثة وتقضي على محصول الطماطم بنسبة 100 في المئة. وفيما قال المهندسون إن وزارة الزراعة تبذل جهودها في هذا المجال، إلا أن مزارعين قالوا إن الموضوع أخطر مما تتصوره «الوزارة»، وأن حركتها لا تزال بطيئة في مكافحة الآفة التي انتقلت العام الماضي إلى المنطقة الشرقية وأدت إلى خسائر في محصول الطماطم، مؤكدين أن الآفة قضت على بعض المزارع بالكامل، وأنها بدأت تنتقل إلى محاصيل البيوت المحمية، ما يعني أنه لن يكون هناك إنتاج طماطم محلية لهذا العام. وأوضح المهندس الزراعي عباس الصادق ل«الحياة» أن وزارة الزراعة لا تدخر جهداً في مكافحة الآفة، مبيناً أنها تقدم جميع ما تحتاجه الفرق الميدانية التي تعمل في المزارع، مؤكداً أن آفة حفارة الطماطم «توتا آبسلوتا» تعتبر من الآفات الخطيرة التي تهدد محصول الطماطم في العديد من دول العالم، إضافة إلى قدرتها على التأقلم سريعاً مع المبيدات الحشرية، وسرعتها على التكاثر، ما يجعل مكافحتها من الأمور الصعبة. وقال إن آفة «توتا آبسلوتا» تستطيع تقليل الإنتاج من 80 إلى 100 في المئة من المحاصيل، خصوصاً أن اليرقة تتغذى على جميع أجزاء نبات الطماطم وتتسبب في دمار المحصول، إضافة إلى كونها حشرة تتطور بسرعة في الظروف البيئية المناسبة، وضررها يستمر طوال موسم نمو الطماطم وينتقل إلى التعليب. وأضاف: «فترة الرطوبة التي تتكاثر فيها الآفات تشكل خطراً حقيقياً على جهود فرق مكافحتها»، مبيناً أن الآفة خلال العالم الماضي تسببت في ارتفاع أسعار الطمام بصورة كبيرة، متوقعاً أن يحدث الأمر نفسه خلال العام الجاري إذا لم تتم السيطرة عليها. وتابع الصادق: «الآفة انتشرت في عموم المزارع التي تقوم بإنتاج الطماطم في المملكة، ولم تبق منطقة بعيدة عنها»، مشيراً إلى أن بدايتها كانت قبل عامين في تبوك وأدت إلى أضرار كبيرة في محصول الطماطم هناك، ويرجح أن تكون قادمة من الأردن، مبيناً أن المزارع في سورية والعراق ومصر أصيبت بها أيضاً، ما يعني أن انتشارها سيضر بمحصول الطماطم في معظم دول المنطقة. من جانبه، أشار أستاذ قسم الإنتاج النباتي في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالعزيز الحربي، إلى أن وزارة الزراعة تحركت في وقت باكر من العام الماضي لمكافة حشرة «توتا آبسلوتا»، وأنها تبذل جهوداً كبيرة في هذا المجال، وحققت نجاحات العام الماضي في مكافحتها، مبيناً أن إرشاد المزارعين وتعليمهم بطرق الوقاية منها وسبل مكافحتها من أهم ما تقوم به. وأشار إلى أن هذه الحشرة من الآفات الخطيرة التي تحتاج إلى تضافر الجهود لمكافحتها، وأن انتشارها سيؤدي إلى الإضرار بالمحاصيل الزراعية وبخاصة الطماطم. وحول إصابة المزارع، أشار سلمان الحماد (صاحب مزرعة في الأحساء) إلى أن المزارعين يشتكون منها، والتي بدأت تصيب الكثير من المزارع التي تقوم بزراعة لطماطم، مبيناً أن التوعية التي تقوم بها وزارة الزراعة حول هذه الآفة تصطدم بنوعين من العوائق أولها أن قسماً من المزارعين أميين ولاخبرة لديهم في هذه الآفة، أما القسم الآخر فهم عمالة وافدة أمية أو لا تعرف اللغة العربية أو الإنكليزية، لذلك يصعب إيصال المعلومة إليهم. ولفت إلى أن قسماً من المزارع التي تقوم عليها عمالة وافدة لا تهتم بوضع المزرعة، ولا يعنيها إن أصابتها الآفة، ما يجعل هذا النوع من المزارع مرابي لها، تنتقل منها إلى مزارع أخرى ومناطق أخرى، موضحاً أن وزارة الزراعة لا تزال تتحرك ببطء في مكافحتها، وأن خطواتها مشابهة لتلك في بداية الإصابة بسوسة النخيل، على رغم أن المهندسين الزراعيين يقولون إن هذه الآفة أشد خطراً وفتكاً من سوسة النخيل. وطالب الوزارة بسرعة العمل على توزيع وسائل المكافحة، وعدم التراخي في إيصالها إلى المزارعين، وحث الفرق الميدانية على سرعة العمل، واستخدام جميع أنواع المكافحة قبل أن تستوطن الآفة في المزارع، وتصبح من الآفات الجديدة التي يستحيل القضاء عليها في المملكة. وأيد المزارع عبدالجليل العوامي، ما ذهب إليه زميله في مكافحة الآفة، مبدياً استغرابه من التأخر في إعلان الحرب عليها، وقال: «لدى الوزارة العام الماضي تجربة في مكافحتها في منطقة تبوك، وكان من المفترض تهيئة جميع المناطق لهذا الأمر، وبخاصة أن هذه الآفة معروفة بسهولة انتقالها من منطقة إلى أخرى». وأضاف أن الوقت لا يزال أمام الوزارة للتطبيق، على خلفية النجاحات التي سجلتها في بعض المزارع العام الماضي، كما أنه بإمكانها الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي أصابتها قبلنا، فنحن لا نصنع شيئاً ولم يسبقنا إليه أحد. مضيفاً: «أمام الوزارة أسعار الطماطم في العام الماضي التي وصلت إلى أرقام «فلكية»، ومن المحتمل أن يكون العام الحالي أصعب من سابقه بسبب انتشار الآفة، ليس في المملكة فقط وإنما في معظم الدول المجاورة لنا، ما يعني أنه سيكون هناك شح في الطماطم بشكل عام، وسترتفع عندها الأسعار بصورة غير مسبوقة».