أفصح مصرفيون ووسطاء في سوق الأسهم ل«الحياة» أن شركات الوساطة والبنوك السعودية شهدت خلال الأسابيع الماضية طلبات من جانب عدد كبير من صغار المستثمرين الجدد لفتح محافظ استثمارية، وطلب تمويل عقب انتعاش سوق الأسهم، طمعاً منهم في اقتطاع جزء من كعكة السوق وتحقيق ربح سريع. وقالوا إن بعض البنوك يزيد عدد طلبات فتح المحافظ فيها يومياً على 15 طلباً، مؤكدين أن حجم السيولة المتدفقة في سوق الأسهم معظمها تأتي من صغار المستثمرين، فيما حذر اقتصادي من أن موجة الاتفاع الحالية ستنتهي باستفادة أقل من 10 في المئة من المتداولين في الأسهم وخسارة ما يقرب من 90 في المئة، غالبيتهم من صغار المستثمرين. وأوضح الخبير الاقتصادي فضل بو العينين ل«الحياة» أن «ارتفاع المؤشر والقفزات السعرية التي حققتها الأسهم، وتسجيل بعضها نسب ارتفاع متتالية ساعدت في توجيه أنظار المتداولين للسوق، وغير المهتمين بسوق الأسهم، ويريد الجميع أن يقتطع جزءاً من كعكة السوق، وهم يعتقدون أن دخول السوق يحقق ربحاً سريعاً، ولم يكن مستغرباً زيادة الطلب على فتح المحافظ الجديدة بشكل مفاجئ». ولفت إلى أن هناك مؤشرات تدل على دخول عدد كبير من صغار المستثمرين للسوق، ومنهم المستثمرون الجدد، ويؤكد ذلك حجم السيولة المتدفقة وسلوك السوق التي لم تستطع حتى الآن التوقف لالتقاط الأنفاس، مرجحاً أن تكون سيولة كبار المضاربين الخارجة من السوق لأسباب مضاربية صرفة، يتم تعويضها سريعاً من شريحة عريضة من صغار المستثمرين، وهذا ما يفسر تماسك السوق حتى الآن، على رغم ارتفاعاتها المتتالية وعدم قدرتها على التوقف المتدرج لجني الأرباح. وأعرب بو العينين عن اعتقاده بأن سلوك صغار المستثمرين لم يتغير عما كان عليه العام 2005، حين سجل عدد المحافظ المفتوحة رقماً قياسياً، فالنسب الخضراء أكبر مسوق لسوق الأسهم، وأكثر تأثيراً في نفوس المستثمرين من خارج السوق، وهي القادرة على تحريك جانب الطمع في النفوس، وتغييب الجانب الأهم وهو جانب الخوف الذي يفترض أن يحقق الموازنة في سلوك صغار المستثمرين.وتابع: «من خلال مراقبتي للسوق خلال الربع الأول من 2012، وجدت أن صغار المستثمرين يكررون الخطأ نفسه الذي وقعوا فيه في شباط (فبراير) العام 2006، ولم يتعلموا من تجارب الماضي، فدخولهم السوق كان متأخراً نسبياً، وتركيزهم الأكبر كان موجهاً على أسهم المضاربة الخاسرة، والمتضخمة سعرياً، وهذه الأسهم لا يمكن الوثوق بها، فما يحققه صغار المستثمرين من أرباح فيها لن يلبثوا أن يفقدوها عاجلاً، على أساس أن تحركهم في الدخول والخروج يكون متأخراً عن الوقت المناسب، وهذا يجعلهم لقمة سائغة في أفواه كبار المضاربين الذين يعتبرون الصغار وقود السوق».وأوضح أن كبار المضاربين والمستثمرين نجحوا في بناء مراكزهم المالية عند قاع المؤشر، وانتقوا أسهمهم بعناية، وهم يجنون اليوم ثمرة استثمارهم الحقيقي في السوق واقتناصهم الأسهم بأسعار متدنية، يقل بعضها عن القيمة الاسمية، وهذا السلوك الاستثماري الحاذق لا يُجيده غالبية المستثمرين في السوق اليوم، لذا ستنتهي هذه الموجة باستفادة أقل من 10 في المئة من المتداولين في الأسهم وخسارة ما يقرب من 90 في المئة، غالبيتهم من صغار المستثمرين. وأشار بو العينين إلى المخالفات القانونية التي يرتكبها بعض المضاربين، وتزعمهم لمجموعات يقومون من خلالها بالتركيز على أسهم مضاربية محددة قليلة العدد ورفعها إلى نطاقات سعرية، ومن ثم إغراء صغار المستثمرين بها، من خلال الإشاعات والتوصيات، وتحليلات المواقع الإلكترونية الموبوءة، ومن ثم التصريف عليهم وترك السهم ليواجه مصيره المحتوم، كما حدث في سهم إحدى شركات التأمين، ويحدث حالياً في بعض أسهم المضاربة الخاسرة. ولفت الى أن قروض الأسهم قد تكون من المخاطر المحدقة بالسوق، فالبنوك بدأت في إغراء عملائها بقروض الأسهم لتحقيق هدفي الربح من فوائد القروض، والربح من عمولات الأسهم، مشيراً إلى أن قروض البنوك الموجهة لسوق الأسهم من القروض الموبوءة والتي يجب على المستثمرين الابتعاد عنها، فمخاطرها أكبر بكثير من فوائدها، والرابح الوحيد هي البنوك في الوقت الذي يتحمل المقترض كامل الخسارة التي قد تصل إلى فقدانه جُل رأسماله. وزاد بو العينين: «السوق ما زالت قادرة على العطاء، والنمو وهناك بعض الأسهم الجيدة، إلا أن الدخول بعشوائية قد يعرض المستثمرين لخسائر فادحة، ومن المهم دراسة السهم، ومراجعة مكررات ربحيته، ومستقبله قبل الشراء، فهناك مجموعة جيدة من الأسهم يمكن لصغار المستثمرين الاستثمار فيها، شريطة البعد عن المضاربة، والأسهم الخاسرة، والمتضخمة سعرياً، فالعبرة ليست في الارتفاع المفاجئ الذي ينتهي بانخفاض حاد وعمودي، بل في الارتفاع المبني على أسس مرتبطة بالربحية ومستقبل الشركة الواعد. من جهته، أوضح أحد العاملين في شركة وساطة (رفض ذكر اسمه)، أنه يتلقى يومياً أكثر من 15 طلباً لفتح محافظ جديدة لعملاء لا تزيد حجم استثماراتهم على 100 ألف ريال، لافتاً إلى أن كثيراً من هؤلاء المستثمرين يؤكدون أن السوق ستستمر في الارتفاع ويجب أن ندخل ونحقق أرباحاً. ولفت إلى أن كثيراً منهم يقوم بالبيع والشراء بنفسه معتمداً على ما يسمع من زملائه أو من الإشاعات في السوق التي تضرر منها عدد كبير من صغار المستثمرين في الأعوام الماضية. ارتفاعات السوق تغري صغار المستثمرين