كان الحدث الأبرز على الصعيد الاقتصادي المحلي هو استمرار الصعود السريع والملفت لمؤشر السوق السعودي للجلسة العاشرة على التوالي ليصل إلى مستوى 7272 نقطة بنهاية شهر فبراير 2012م (لأول مرة منذ الأزمة المالية العالمية في سبتمبر 2008م) وبدون حدوث عملية تصحيح قوية كما توقع البعض من المحللين، وبذلك يكون المؤشر قد حقق مكاسب بنسبة 13 % من بداية العام وحتى نهاية شهر فبراير 2012م والذي رافقه دخول سيولة مرتفعة لم يعهدها السوق منذ أكثر من عامين حيث ارتفعت السيولة اليومية لتتجاوز مبلغ ال10 مليارات ريال يوميا ، مقارنة ب 6.7 مليارات ريال يوميا خلال شهر يناير2012م ومعدل 5.4 مليارات ريال يوميا خلال ديسمبر 2011، ومعدل 4.4 مليارات ريال يوميا للعام 2011 و معدل 3 مليارات ريال يوميا للعام 2010م "وهذا يوضح التدرج في ارتفاع وتيرة السيولة بالسوق" وسبق وأن أشرت في مقالتي السابقة والمنشورة بجريدة الرياض بالعدد رقم 15952 وتاريخ: 26/2/2012م إلى أهم العوامل المحلية والدولية التي دفعت بالمؤشر للصعود بهذا الشكل المستمر والتي لازالت قائمة ومنها النتائج الجيدة لمعظم الشركات للعام 2011م وقرب موعد توزيع الأرباح وورود أنباء عن فتح السوق للاستثمار الأجنبي المباشر وأيضا بوادر خروج السيولة من القطاع العقاري وتوجهها إلى سوق الأسهم، كما توقعت استمرار صعود المؤشر لبقية الأسبوع (إغلاق فبراير 2012م). والآن السؤال الذي يشغل بال الكثيرين من المتداولين والمهتمين بالسوق السعودي إلى أين يتجة السوق السعودي ؟ بناء على العوامل سابقة الذكر يمكن التوقع بأن يواصل السوق السعودي أداءه الإيجابي خلال الاسبوع الحالي بمشيئة الله مع إمكانية حدوث عملية جني أرباح سريعة وقوية ولعل أحد أهم العوامل الداعمة للسوق خلال الأسبوع القادم (بالإضافة إلى العوامل السابقة الذكر) هو عامل بوادرعودة الثقة بالسوق - والذي فقد منذ فترة طويلة- ويعتبر هذا العامل مهماً جدا للسوق مثل السوق السعودي والذي يسيطر عليه المستثمر الفردي وبالتالي فإن العامل النفسي إن صح التعبير له دور كبير لتحريك السوق مع عدم إغفال العوامل الأخرى سواء الداخلية أو الخارجية ومن الواجب عليّ التحذير من الخطر القادم للسوق السعودي وهو خطر المضاربة في أسهم ما اصُطلح بتسميتها ب "أسهم الخشاش" وخصوصا شركات التأمين المتضخمة سعريا والتي تتميز بقلة عدد الأسهم الحرة (القابلة للتداول بالسوق) ومن خلال تحليلي لعدد 20 شركة من شركات التأمين والتي مضى على طرحها أكثر من عام وكان التحليل لفترة 12 شهرا الماضية (إقفال شهر فبراير 2012م مقارنة ب فبراير 2011م) وقد توصلت إلى النتائج التالية: (20%) من الشركات التى تم تحليلها 4 من أصل 20 شركة حقق سعر السهم ارتفاعا بنسبة أكثر من 200% (50%) من الشركات التى تم تحليلها 10 من أصل 20 شركة حقق سعر السهم ارتفاعا بنسبة أكثر من 100% وعند تحليل التداولات التي تمت على قطاع التأمين للشهرين الماضيين يمكن ملاحظة ارتفاع وتيرة المضاربة على هذ القطاع بشكل تصاعدي خلال الشهرين الماضيين وخصوصا شهر فبراير 2012م حيث شكلت قيمة الأموال المتداولة في قطاع التأمين أكثر من ربع الأموال المتداولة في السوق كاملا (25%) كما استحوذت الصفقات المنفذة في قطاع التأمين على أكثر من ثلث الصفقات المنفذه في السوق كاملا (33%) وأيضا عند مقارنة قيمة التداولات على قطاع التأمين من إجمالي السوق لشهر فبراير 2012م مع معدلات عام 2011م نجد أن قيمة التداولات على قطاع التأمين ارتفعت بنسبة 50% والمخيف بالأمر أن قطاع التأمين يشكل أقل من 3% من حجم السوق. وكل الأسباب السابقة الذكر يعززها ظهور تكتلات مضاربية حيث تقوم هذه التكتلات بإدارة عدد كبير من المحافظ برأس مال كبير نيابة عن أصحابها مقابل 20 بالمائة من الربح وتقوم هذه التكتلات بتجميع عدد كبير من المحافظ بحيث يكون تحت إدارتهم محافظ تشكل المبالغ المجمعة بها مبالغ ضخمة ثم بعد ذلك تتم عملية استهداف شركات معينة بحيث يتوفر بها شرطان رئيسيان وهما رأس المال المنخفض وعدد أسهم حرة قليلة (ولا يهم أرباح أو خسائر الشركة أو مركزها المالي) ثم بعد ذلك تتم عملية رفع السهم بشكل مستمر ويرافق ذلك بث إشاعات عن طريق رسائل الجوال وأجهزة البلاك بيري وبرامج التواصل الاجتماعي ومنتديات الأسهم ليتم استدراج صغار المساهمين للدخول في هذه الأسهم وقد يستمر التكتل المضاربي في التحليق بسعر السهم عاليا لإضفاء مزيد من المصداقية على توصياته وكذلك لفرض واقع سعري جديد للسهم ومن الأمور المؤسفة انّه قد نجد أسهم شركات تحقق خسائر كبيرة وليس لديها خطط واضحة للخروج من دوامة الخسائر ومكرر الربحية للسهم مخيف وسعر السهم قد ارتفع بأكثر من 100% أو حتى 200% خلال فترة وجيزة ونجد من يتهافت على شراء السهم وهو لا يعلم أنه يهدر أمواله في مضاربات وفي الختام أتمنى من المستثمرين الاستفادة من دروس الماضي والأخطاء السابقة التي أفقدت الكثير من الإخوة المواطنين مدخراتهم بل وأدخلتهم في دوامة الديون مع الحرص الشديد على مدخراتهم وتوجيهها في الاتجاه الاستثماري وعدم الاندفاع وراء الشائعات والبعد عن المضاربات التي قد تحقق الربح السريع ولكن بكل تأكيد سوف تسبب الخسارة السريعة ولدينا والحمد لله بالسوق السعودي العديد من أسهم الشركات الاستثمارية من الطراز الأول والتي لديها فرص كبيرة لتحقيق النمو وتحقيق المزيد من الأرباح وبالتالي توزيع أرباح مجزية وفي الختام أقترح على من يرغب في الاستثمار في الأسهم باعتماد إستراتيجية الاستثمار في أسهم الشركات الناجحة على المدى البعيد.