أديبة، وابنة سجلت حضورها، في التعليم والعمل الإداري والثقافي، كتبت القصة والرواية والمقالات الصحافية، تذكر أن والدها الشيخ عبدالله بن خميس - رحمه الله - لم ينتظر حضور الشباب للأندية الأدبية، ولكنه ذهب إليهم، واخترق حجب الفوقية التي تحجب النخبة الفكرية عن الملاعب، وحاول أن يسترجع الحلم العربي القديم بالإنسان روحاً وجسداً وعقلاً، ولكنه وجد جمهوراً لا يبالي بالثقافة. وترى الأديبة السعودية أميمة الخميس في حوار مع «الحياة» أن قرار الرياضة المدرسية لا ينتظر جاهزية المجتمع له، وإنما ينتظر قراراً رائداً يقوده، وتؤيد اعتزال المثقفين على غرار اعتزال اللاعبين، خصوصاً إذا شاخ وهرمت لديه عضلات الكتابة وبدأ يقتات على أمجاده أو يكرر نفسه، فإلى الحوار: أي أنواع الرياضة تحرصين على المداومة عليها يومياً أو أسبوعياً؟ - أمارس المشي الصباحي يومياً، والسباحة بصورة متقطعة. هل تحدث مباراة كرة قدم الفوضى في جغرافية وطقوس البيت حين تكون هناك مباراة حاسمة؟ وبين مَنْ مِنْ الأندية؟ - لربما من خلال أحد أبنائي الذي يعلن عن مباراته من أول النهار بشكل يشبه جرس الإنذار، ومن ثم يهيئ له متكأ، يقبض على «الريموت» كما يقبض على الجمر، يصادر حق الحديث أو التعليق ممن يشاركه الغرفة، ويصخب هو بالتعليقات النارية التي تجعلني على يقين أن الذكورة متطلب مجتمعي شرس وفظ، ولكن تدابيره على الغالب لا تجدي ولا تؤتي ثمارها، فالفريق الذي يشجعه دائماً ما يهزم. لو سمح للسيدات بيوم في الملعب... ما اللون الذي سترتديه أميمة الخميس؟ - يوم واحد للسيدات و364 يوماً للرجال؟ أذكر عندما كنا في الجامعة، كانت المكتبة المركزية الكبرى مفتوحة للرجال طوال الأسبوع، وللطالبات فقط صباح يوم الخميس، وفي النهاية كان الأساتذة يطلبون منا في أوراقنا وبحوثنا ونتائجنا مستويات توازي نتائج الطلاب. هي قسمة الباب الجانبي الخلفي المتواري، و«القلطة» الثانية حيث الفتات، صبر جميل والله المستعان، لكن على رغم هذا في يومي الوحيد بالملعب سأرتدي عباءة خضراء احتفاء بلون الوطن. السعوديات يقال إنهن أكثر نساء العالم تدليلاً، وهن أكثر نساء العالم سمنة، وهن الأكثر إصابة بهشاشة العظام... برأيك ما الذي يجمع بين هذه المراكز؟ - ما معنى أكثر نساء العالم تدليلاً؟ هل الدلال يعني وجود من يقوم بجميع شؤوني بينما أنا لا أتحرك؟ إذاً هنا تصبح «البقشة» التي تحتاج إلى من ينقلها من مكان إلى آخر هي أيضاً مدللة. الصورة الذهنية المتخيلة في ثقافتنا للمرأة «نؤوم الضحى» الأكثر تدليلاً هي قطعة سكر يحاول أن يتغصصها البعض كي يطمس مرارة الواقع. المرأة ستدخل مجلس الشورى قبل أن تدخل الملعب... ما تعليقك؟ - هذا هو الطبيعي والمفروض، ولكن السؤال يذكرني بطرفة حول طالب سأله المعلم: ما الطريقة التي تجعلك تستطيع رمي بيضة على صبة من الخرسانة من دون أن تتفتت؟ فأجابه الطالب: أي طريقة متاحة... فالصبة لن تتفتت. * ما الذي يجمع بين الرياضة والثقافة؟ - يجمعهما الكثير مثل البطاقات والخطوط الحمراء، والحكم الفضولي المتابع للدقائق والمتقصي للتفاصيل والمفسّر لما بين السطور، ويجمعهما أيضاً عدم رضا المهزوم بنتيجته دوماً والتهديد بالشكوى للمسؤول. هل تؤيدين اعتزال المثقفين على غرار اللاعبين؟ - بالتأكيد إذا شاخت وهرمت عضلات الكتابة، وأصبح المثقف يقتات على أمجاده أو يكرر نفسه، أو كوّن له مجموعة من القراء لا يخاطب سواهم ولا يسمعهم إلا ما يعجبهم ويربت على مسلّماتهم، أو أصيب بعاهة النخبوية، وإذا ذهب قلقه وتوتره أمام الورقة وخبت بأعماقه روح المغامرة والتجريب المبدع وأصبحت الكتابة بالنسبة إليه عادة مملة أو مكرورة أو لعباً في الشوط الإضافي، عندها لا بد أن يبدأ في التجهيز لحفلة الاعتزال. لو أصبحت في منصب وزيرة للرياضة والشباب، بماذا ستنتصرين للمرأة؟ - لو أصبحت وزيرة لن تعود قضيتي كيف انتصر للمرأة، بل كيف استثمر الطاقات الشابة جميعها كوقود لمحرك مركبة المستقبل، أهدرنا الكثير من عمرنا وطاقتنا التنموية في تحديد مدخل الحريم ومدخل الرجال، والنتيجة تحولت إلى سؤال: هل تتوازى مخرجاتنا التنموية مع خططنا وطموحاتنا قبل 30 عاماً؟ هل تتناسب مع مقدراتنا البشرية والمادية منذ ذلك الوقت إلى الآن؟ والدك - رحمه الله - كان أول من سنّ إقامة المحاضرات الأدبية في الأندية الرياضية، ما الذي ترغبين في أن تجعليه أولوية في هذه الأندية؟ - الوالد كان يمتلك همة عالية وطموحاً وطنياً نادراً، كان يمتلك حلماً بأن يشجر المكان حوله بنتاج الفكر والإبداع والثقافة، كان يعوّل على هذه الأمور كمستحث للحلم الوطني، كانت جزءاً من وطنيته ومسؤوليته أمام الشباب يخاف عليهم من الهشاشة والسطحية وأسقف الوعي المنخفضة، لم ينتظر من الشباب أن يطرقوا بابه في النادي الأدبي الذي كان هو رئيسه، بل أناخ بقافلته الثقافية على بوابات أنديتهم الرياضية، اخترق حجب الفوقية التي تحجب النخبة الفكرية عن الملاعب وضجيجها، واسترجع الحلم العربي القديم بالإنسان الكامل روحاً وعقلاً، ولكنه كان وحيداً بين جماهير لم تكن تبالي بالثقافة. مدرسة البنات حيّز نسائي خاص ويدار بعقلية رجولية، ولكن لماذا سقطت حصة الرياضة من الحسابات؟ - لأن مدرسة البنات حيّز نسائي يدار بعقلية رجولية، يخفون ضعفهم بتبريرات الوقت المناسب، بينما قرار تعليم البنات نفسه لم ينتظر جاهزية المجتمع، بل القرارات الرائدة هي التي تقود المجتمع ولا تنتظر ما يتعذرون به أي بالوقت المناسب. الهرج والمرج في غرفة المعلمات بعد اجتماع مع الإدارة، هل يمكن تشبيهه بغرفة اللاعبين بعد المباراة؟ - المشكلة أنني لم أشهد في حياتي غرفة اللاعبين بعد المباريات، ولكن النساء عادة لم يعتدن المواجهة والمكاشفة فيملن إلى المواربة والهمس وراء الظهر، وبعض من الكلام المغطس بنكهة النميمة، ومن ثم في النهاية يقرأن كفارة المجلس لينتهي الأمر أمام ضمائرهن. الهزيمة والانتصار، أين يتجليان أكثر في الأدب أم الرياضة؟ - الهزيمة والانتصار من ثنائيات الحياة الأساسية، ولا تنحصر في مجال. الهزيمة والانتصار هما ضمن الجدلية الكونية، الحياة - الموت، الليل - النهار، الولادة - الموت، ومهارة الإنسان تكمن في كيف أجعل أشرعة مراكبي تستجيب لرياح الانتصار المواتية، وتخاتل وتراوغ رياح الهزيمة العنيفة. هل رغبت يوماً في أن تجعلي الكرة في ملعب أحدهم؟ ومتى؟ - أود قبلاً أن أشاور الكرة هل تود أن تذهب إلى ملعب أحدهم أم لا! ثم إنني لا أجيد «بروتوكولات» الدهاء والمراوغة، العالم لديّ مقسّم بطريقة هندسية وزوايا حادة، وعندما أحتاج بعض الحيوية والشيطنة والمراوغة أحققها على الورق فقط؟ أين تلعب أميمة الخميس أكثر؟ - مع جميع النساء في الوقت الإضافي، وأحياناً... المستقطع. هل منحت يوماً تعويضاً عن الوقت الضائع؟ - لا أنتظر تعويضاً، فالخسارات أستثمرها كتجارب تصقل الوعي وتعمق بئر الحكمة. فالمكان أو الظرف أو الشخص الذي استنزف طاقاتي ووقتي وأفضى بي إلى الخيبة، أجعل جذوته تترمد في أعماقي ومن ثم أنثر رماده كمخصب لمشروع كتابي مقبل. «البحريات»... شخوص نسائية متعددة لروايتك... من تضعين منها حارس مرمى، لاعبة وسط، خط الدفاع، خط الهجوم، جناحاً أيمن، جناحاً أيسر؟ - حارس المرمى: أم صالح. - لاعبة وسط: موضي. - خط الدفاع: صالح. - خط الهجوم: بهيجة. - جناح أيمن: سعاد. - جناح أيسر: رحاب. وكأس الدوري سأمنحها للجمهور الذي احتفى بروايتي «البحريات» بشكل مبهج. ما البطولة التي يستحقها كل من: عبدالكريم الجهيمان، عبدالرحمن منيف، طارق عبدالحكيم؟ - عبدالكريم الجهيمان: كأس الفورملا. - عبدالرحمن منيف: كأس سباق المسافات الطويلة. - طارق عبدالحكيم: ميدالية أولمبية في الشطرنج. لمن ترفع أميمة الخميس البطاقة الحمراء؟ - للبطاقة الحمراء والخط الأحمر. ولمن تكون البطاقة الصفراء؟ - للذي يفكر باستعمال البطاقة الحمراء. مناسبة أدبية أو ثقافية تتمنين إقامتها في الملعب؟ - معرض الكتاب. متى تكون الرياضة «ترياقاً» برأيك؟ - عندما تنهك مغامرات الروح أجزاء الجسد. في الحياة... عدم الوصول إلى النهائيات... هل يعني الخسارة دائماً؟ - لا هي فقط محطة انتظار، ننتظر فيها الموسم المقبل بمزيد من الخبرة والتجارب... والأمل.