بعيداً من الحوار المباشر، لجأت فرقة «تمرّد» للفنون المصرية بالتعاون مع فرقة «المسرح الحر» الأردنية، في عرض «نساء تحت السطر»، الى الكوريوغرافيا كنسق مسرحي رمزي حيث الحركة طاقة تعبيرية تولد المعنى الخفي وتحفّز المخيلة على رؤى وتصورات في روح الكائن. يطرح «نساء تحت السطر» (سيناريو الأردني علي عليان) الذي يعرض حالياً على خشبة مركز الحرية للإبداع في الإسكندرية، قضية تمرد الزوجة العربية على واقعها المؤلم الذي تعيشه. تمردها على العادات والتقاليد التي تقيدها، وعلى تعنّت المجتمع الذكوري وإنكاره لقدراتها، وعلى القيود الروتينية التي تحيا فيها. ويستعرض العمل هذا التمرد في شكل لوحات راقصة، حيث نرى 4 فتيات (يمثلن الزوجات) و4 فتيان (الأزواج) يتحاورون إيقاعياً وحركياً. يتجادلون ويتصارعون من خلال حركات بدت جريئة، خصوصاً لدى النساء لتعبّر على ثورتهن على واقعهن. وتلعب الإضاءة دوراً بارزاً في تحقيق المادة الدرامية وتحريك الصراع، وفق سياق الحركة والموسيقى في إطار الزمن والفضاء المسرحي. عمد مخرجا العمل محمد ميزو ومحمد الطايع إلى مزاوجة السينوغرافيا مع الكوريوغرافيا، ما أوجد مساحة من الحرية التعبيرية لدى أبطال العمل مكّنتهم من ابتداع أسلوب رمزي مبتكر اثاروا من خلاله الكثير من القضايا المهمة في كوكب الفضاء المسرحي، على رأسها قضية قهر المرأة الشرقية ونضالها من أجل حريتها الكاملة. ويشارك في العرض الممثلون والممثلات محمد عبدالصبور، محمد فتحي زين، حسام الدين ناجي، سمير نصري، هارون محمد، نور عبدالرحمن، مرام محروس، شروق حسين، رباب محمد، ونورهان علاء الدين. نشأت فرقة «تمرد» قبل 11 سنة، ويقول محمد طايع: «منذ البدايات الأولى للفرقة، نضع على رأس أولوياتنا قضايا المرأة من قمع لحريتها وتهميش وعنف، ونتوغل بقوة في غالبية المشاكلات التي تعانيها. وننتقد الحواجز الضبابية بين الحلول الزائفة التي تضعها الحكومات، والحلول الحقيقية التي تخشى البوح تحت وطأة كثير من العادات والتقاليد الآثمة». وحول آلية عمل الفرقة، يشرح طايع: «نقوم بترسيم وابتكار حركات درامية تملك القدرة على الطرح والتوصيل، ومن هنا تكمن صعوبة وخصوصية التحدي الإبداعي الذي يطرحه مصمم الرقص، حيث الطاقة والقدرة التعبيرية أقوى وأغنى». أما محمد ميزو فيرى أن «من خلال الكوريوغرافيا تدرك سرّ المعنى في الحركة واللغة بأدواتها المسرحية المتعددة؛ حيث للضوء على الجسد وظلاله لغة بصرية، ذات دلالة تشكيلية درامية، تتداخل في تكوينات توافقية أو تصادمية لخلق الدراما واللغة». ويضيف: «مررنا بالكثير من التجارب دولياً وعربياً، وحصلنا على كثير من الجوائز في الأردن وتونس وسورية والمغرب ولبنان وهولندا». ويعتبر أن فرقة «تمرد» تسعى لنقل الواقع في شكل مفاجئ للجمهور، إذ تكون لكل ليلة عرض ظروف مختلفة يوماً عن الآخر، ذلك «أن العرض ينضج ويتطور». ويوضح أن «نساء تحت السطر» هو نتاج ورشة عمل لفرقتي «تمرد» و «المسرح الحر». وبعد مصر، سيقدم العرض في عمّان».