لم يعد المستوطنون في أنحاء الضفة الغربيةالمحتلة يكتفون بسرقة المياه الفلسطينية وتحويل معظمها على مستوطناتهم، إنما باتوا يبحثون عن كيفية الربح السياسي والمادي من سيطرتهم على عشرات ينابيع المياه وتحويل ملكيتها لهم، وذلك من خلال نشر إعلانات في مواقع الانترنت تدعو جموع الإسرائيليين إلى قضاء عطلة الفصح اليهودي غداً في «المواقع السياحية وحول ينابيع المياه الخلاّبة» في المناطق المحتلة. وأشارت صحيفة «هآرتس» أمس، إلى حقيقة أن الينابيع التي سلبها المستوطنون استخدمها مزارعون فلسطينيون لأجيال كثيرة «حتى جاء المستوطنون ونسبوها إليهم». وكان «مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة» (أوتشا) نشر قبل أسبوعين تقريراً أفاد بأن المستوطنين استولوا على نحو 30 نبعاً طبيعياً للمياه من مجموع نحو 530 منتشرة في أنحاء الضفة لا تزال تشكل أهم وأكبر مصدر منفرد لمياه الري وسقي الماشية وبعضها حتى للاستهلاك المحلي». كما أنهم يمنعون وصول الفلسطينيين إليها، وأحيانا بالقوة، أو يفرضون قيوداً على الاقتراب منها. وتمت السيطرة على الينابيع في البلدات الفلسطينية الواقعة تحت السيطرة الأمنية لجيش الاحتلال. وأضاف التقرير أن وصول الفلسطينيين إلى 26 نبعاً آخر بات محدوداً بعد أن انتقل المستوطنون إليها ويهددون بالسيطرة عليها. وأكد أن معظم هذه الينابيع موجود في أراض فلسطينية خاصة، حتى بحسب الوثائق الرسمية في مكاتب «الإدارة المدنية» التابعة لسلطات الاحتلال. ويتباهى المستوطنون في إعلاناتهم على الانترنت بأنهم حوّلوا الينابيع التي استولوا عليها إلى مواقع سياحية، وبعضها إلى برك استحمام. ويبغي المستوطنون من استقدام «سياح» إسرائيليين، فضلاً عن الإفادة المادية، الترويج للمشروع الاستيطاني المتواصل في الضفة وإقناع عموم الإسرائيليين بأن المستوطنات باتت جزءاً طبيعياً من الدولة العبرية. وأشار التقرير إلى أن الاستيلاء على أكثر من 10 في المئة من الينابيع الفلسطينية تسبب في خفض دخل المزارعين الذين حرموا الاستفادة من مياه الينابيع فانخفضت إنتاجية محاصيلهم بشكل كبير. وشرح المراحل التي تستغرقها عملية سرقة الينابيع، إذ تبدأ بقيام المستوطنين بتأشير النبع كموقع سياحي، ويمنحونه اسماً عبرياً للإيحاء كأنه جزء من التراث اليهودي، ثم تتم إقامة منشآت حوله ووضع مقاعد وطاولات للمتنزهين وإقامة بركات سباحة. ويؤكد التقرير أن هذه الأعمال تتم من دون أي ترخيص رسمي، وأنه في إحدى الحالات تدخلت «الإدارة المدنية» لجيش الاحتلال وهدمت مبنى غير قانوني، لكن المستوطنين عاودوا إقامته. وقال ممثل المنظمة الأممية إن المستوطنين يمنعون الفلسطينيين من أي استخدام لمياه الينابيع التي سيطروا عليها، ولا حتى للشرب منها. وأضاف أن السيطرة على الينابيع تبغي السيطرة على المنطقة الريفية المحيطة بالمستوطنة وتحويل الينابيع على مواقع سياحية «ما من شأنه أن يضفي الشرعية على المستوطنات في عيون عموم الإسرائيليين». ويدعي المستوطنون بأن ما يقومون به هو «إنقاذ الينابيع من الإهمال» وترميمها لجذب السياح إليها «من اليهود والفلسطينيين على السواء». لكن الإعلانات المنشورة التي تدعو الإسرائيليين إلى زيارة المواقع السياحية تشير إلى عكس ذلك، إذ تطلب منهم اتباع الحيطة من وجود مزارعين عرب في مناطق متاخمة للينابيع «وعليكم أن تفتحوا عيونكم جيداً».