أثناء التصعيد الأخير في غزة في آذار (مارس) الماضي، تعرض نظام الدفاع الإسرائيلي عن الأحياء السكنية المضاد للصواريخ، «القبة الحديد»، إلى اختبار مقاومة جديد. أثار هجوم صاروخي من الأراضي الفلسطينية، الشكوك بنجاح النظام في اعتراض 30 في المئة فقط (من الصواريخ)، مقارنة بالفاعلية العملانية والاقتصادية لوسائل اعتراض الصواريخ الإسرائيلية. ومساء الجمعة، شن سلاح الجو الإسرائيلي هجوماً على قطاع غزة ما أتاح التخلص من زعيم «لجان المقاومة الشعبية» زهير القيسي ومعاونه محمود حناني المتهمين بتشكيل حركات إرهابية. وردّت التنظيمات الفلسطينية المتشددة في يوم سبت حافل بالصواريخ حيث أطلق 120 صاروخاً ضد الأحياء اليهودية، أكثرها مصنع يدوياً من طراز «القسام»، إضافة إلى صواريخ من عيار 122 مليمتراً «غراد». وحصل أمر مشابه عام 2006 أثناء حرب لبنان الثانية عندما أطلق حوالى أربعة آلاف صاروخ متعددة العيارات خلال 34 يوماً على المستعمرات الإسرائيلية. كان الهجوم الأخير تجربة أخرى لنظام «القبة الحديد» الذي يغطي بعض المناطق المدنية جنوب إسرائيل منذ 2011. وأدت البطاريات الثلاث مهمتها أداء مشرفاً: دمّرت 27 صاروخاً من أصل 29 هددت المناطق السكنية. ةلكن لم توجد سوى ثلاث بطاريات فيما نجحت الصواريخ الأخرى في بلوغ أهدافها. وأعاد الهجوم الجديد إحياء النقاش في شأن النظام المضاد للصواريخ القصيرة المدى لحماية المواقع المدنية. وإسرائيل ضيقة المساحة. وطالما أن تصفية المتطرفين على الأراضي العربية مستحيلة، تواجه تل أبيب هجمات بالصواريخ ضد الأحياء السكنية اليهودية. لكن ذلك لا يعني أن إسرائيل قابلة بتحمل هذه الضربات. ونظام «القبة الحديد» الذي عاد مصمموه إلى الاعتماد على الصواريخ لاعتراض المقذوفات بعدما تخلوا عن أشعة الليزر في أنظمة الاعتراض الإسرائيلية السابقة، يتكون من نظام أرض – جو قصير المدى (مداه وفق الإعلان الرسمي 40 كيلومتراً زيد لاحقاً إلى 70) مصمم لاعتراض الصواريخ غير الموجهة وقذائف المدفعية اعتماداً على صاروخ «تامير». والنظام باهظ الثمن: أنفقت اسرائيل 205 ملايين دولار (في واقع الأمر المبلغ جزء من المساعدة العسكرية الأميركية)، لتطويره وتكلف كل بطارية من «القبة الحديد» 50 مليون دولار من دون احتساب ثمن الصواريخ. وينطوي نظام السيطرة على خريطة تشبه منطقة محددة من الأرض وحساب عوامل المقذوفية للهدف المحتمل. وينطلق النظام فقط في حال أظهرت حسابات المسار أن الصواريخ تستهدف منطقة مأهولة. وبينما يتراوح سعر صاروخ «تامير» بين 40 و50 ألف دولار، لا تزيد تكلفة صاروخ «القسام» عن 500 دولار. وهناك من بدأ منذ 2008 في استيراد صواريخ من عيار 122 مليمتراً مستوحاة من ذخائر «غراد» السوفياتية ويكلف الواحد منها ألف دولار، بما في ذلك «أجور الشحن». ودقة هذه الصواريخ ليست كبيرة بيد أنها قد تصيب حياً سكنياً. وقدر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك تكلفة «القبة الحديد» مع نظامي «مقلاع داود» و «آرو» المتوسطي المدى بما يتراوح بين سبعة وثمانية بلايين دولار. في حين تحدثت الصحافة الإسرائيلية عن مبلغ يصل إلى 50 بليون دولار لهذا المشروع. ولا تملك إسرائيل هذا المبلغ حتى إذا أخذت في الحسبان المساعدة الأميركية السخية. لكن هذا ليس لبّ المشكلة. فواحد من الفصول الأكثر تعقيداً في نشر «القبة الحديد» كان موضوع حماية المستوطنات المحاذية للحائط الفاصل بين غزة وإسرائيل. وحصلت الصحافة الإسرائيلية في كانون الأول (ديسمبر) 2010، على معلومات من مصدر لم يفصح عن اسمه في قيادة سلاح الجو تقول إن من العسير جداً استخدام «القبة الحديد» فوق غزة لضآلة الحد الأدنى اللازم من الوقت لتشغيل نظام الاعتراض وملاحقة الهدف بعد إطلاق الصواريخ المعترضة ومدة طيرانها تمتد إلى نحو ثلاثين ثانية. ويوضح المصدر أن الصواريخ الفلسطينية يدوية الصنع تتراوح مدة طيرانها بين 15 و30 ثانية لتصل إلى المستوطنات اليهودية خارج قطاع غزة. لذلك سيكون من العبث استخدام النظام هذا للدفاع عن المناطق المتاخمة لغزة. وأخيراً، فإن «القبة الحديد» لم تُنشر على حدود غزة. وبطاريات النظام، باستثناء تلك الموجودة في بئر السبع البعيدة نسبياً، تغطي أشدود وعسقلان فقط اللتين لا تتشاركان بحدود مع الأراضي العربية. وقدم المجلس المحلي لإشكول التي ظلت خارج نطاق الدفاع الصاروخي شكوى قضائية وطالب بنشر النظام للدفاع عن المناطق المواجهة لقطاع غزة. ورفضت المحكمة الإسرائيلية العليا في آب (أغسطس) 2011، هذا الطلب مشيرة إلى «أسباب مالية». * كاتب، عن «ريا – نوفوستي» الروسية، 12/3/2012، إعداد حسام عيتاني.