لم يذكر الخبر موقفه ولا سلوكه ولم يقدم أي أخبار عنه مطلقاً، وظل كالمبني للمجهول أو كالمتفرج الذي شاهد وعاصر زوجته تتشاجر مع إحدى المضيفات من أجله لتنتهي المعركة بعض إصبع المضيفة التي تقدمت ببلاغ فور هبوط الطائرة بمطار دبي مصطحبة معها شهود العض فوق السحاب. «ربعنا».. ما قصَّروا كالعادة، تعليقاتهم تثير موجة من الضحك، وتعطي دلالات واضحة وضوح الشمس على الثقافة التي يؤمنون بها، أحدهم كتب وعلّق على موقع ذكر الخبر «اضرب المرأة بالمرأة»، وآخر كتب «لو أنا مكانك أيها الزوج لخطبتها فور العضة تخفيفاً لمشاعر المضيفة المعضوضة التي تحملت ذلك من أجلك».. وغيرها من التعليقات السخيفة. على رغم أن الموضوع له شقان، الشق الأول يتعلّق بسلوك الزوج وهل فعلاً كان يستجيب لاهتمام المضيفة وسلك سلوك الرجل السعيد الذي يفرح عندما تهتم به أنثى أي أنثى. والشق الثاني متعلّق بسلوك الزوجة هل فعلاً كانت المضيفة تتحرش بزوجها متجاهلة وجودها بجانبه أم أنها تهيؤات ترجمتها هي بحسب ثقافتها وبيئتها وانتهت بمشاجرة وعض، على رغم أننا جميعاً كقراء لا نعرف الحقيقة، فهو خبر ركز فقط على النتيجة ولم يأتِ بالتفاصيل. الحكمة تقول إن الغضب لو صحّ التحليل الأول يجب أن يكون موجهاً للزوج وليس للمرأة الغريبة، فالزوج والرجل بصفة عامة هو المسؤول عن سلوكياته وانفعالاته واندفاعه بسهولة للوقوع في أي مصيدة جديدة، فالغضب يجب أن يوجّه إليه هو في المقام الأول، ولا يتناسب أن يكون علنياً وفوق السحاب وأثناء رحلة يبدو أنها سياحية دمّرت عن بكرة أبيها من أجل تفاعل غير حكيم يتنافى مع اللباقة والحنكة والذوق واحترام وجود الزوجة وشريكة الحياة بجانبه. تعلم المرأة منذ نعومة أظافرها أن الصراحة والوضوح أسهل الطرق وأعمقها للتعبير عما يجيش في صدرها، وحتى لا تتكون فيه نقاط سوداء تتحول مع استمرار المضايقات لكراهية مقيتة محملة برياح عدم الثقة، مما يتسبب في هدم الحياة الزوجية إذا ما استمرت من دون مواجهة، ولكن بعض الرجال أصحاب الفكر والعاطفة غير الناضجة يستمتع بشدة وهو يرى غيرة زوجته حتى ولو كانت مبررة تشهد عليها سلوكيات ومواقف وكلمات وانفعالات غير مرشدة، يفكر كطفل صغير يرى من حوله يتشاجرون للحصول عليه أو للحصول على اهتمامه، فالأولى في هذه الحالة عدم مواجهته، فلو كان فعلاً يحترم زوجته ويقدر وجودها في حياته وبجانبه لحافظ هو شخصياً على مشاعرها سواء بوجودها أم بغيابها. الاحترام لا يُطلب.. وأي سلوك يأتي بالطلب لا يسعد المرأة ولا يبهج قلبها ولا يعيد إليها الثقة في الرجل كشريك للحياة. عندما يعلّق 40 شخصاً على خبر كهذا وينصحون الزوج بإغاظتها وهم يسمونها ب «العضاضة الجوية».. يجعلني أتساءل: ماذا لو قامت الزوجة بسلوك مشابه؟ ماذا سيطلقون عليها؟ وبماذا سينصحونها؟! [email protected] @s_almashhady