شعر الفلسطينيون في قطاع غزة بصدمة بالغة وحزن عميق على وفاة ثلاثة أشقاء أطفال احتراقاً في منزل عائلتهم في مدينة دير البلح ليل الأحد - الإثنين، في وقت ألقى الشارع «الغزّي» بالمسؤولية على حكومتي غزة والضفة بسبب المناكفات السياسية بينهما والتي تحول دون حل أزمة الوقود والكهرباء. وتحوّلت أجساد الأطفال الثلاثة نديم رائد بشير (6 أعوام)، وشقيقته فرح (5 أعوام)، وشقيقهما صبري (4 أعوام)، إلى رماد في واحدة من أسوأ الحرائق الناجمة عن إشعال شموع بديلاً للتيار الكهربائي المفصول عن منازل مليون ونصف المليون فلسطيني بسبب أزمة الوقود. ولم يخفف قرار كل من الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة التي تقودها حركة «حماس» في القطاع اسماعيل هنية اعتبار الأطفال الثلاثة شهداء، من وطأة الحزن والغضب الشديديْن لدى عائلة الأطفال الثلاثة و«الغزيين» على وفاتهم بهذه الطريقة. أما والد الأطفال رائد بشير (42 عاماً)، فيكاد يُصاب بمس من جنون حزناً على أطفاله الذين جاؤوه على «شوق وعطش»، كما يقول «الغزيّون» باللهجة العامية عندما يُرزق أب أو أم أطفالاً بعد سنوات طويلة من الانتظار. فبعد 14 عاماً على زواجه من امرأة تبيّن أنها عاقر، قرر بشير قبل سبع سنوات الزواج من ثانية أنجبت له أربعة أطفال، لم يتبق منهم سوى رضيعة لم تبلغ ستة أشهر من عمرها. وفيما يروح الأب ويغدو بين لحظة وأخرى الى غرفة نوم أطفاله التي توفوا فيها، تذهب أمهم في إغماءة بعد نوبة بكاء حارة، فيتم نقلها الى مستشفى المدينة لإفاقتها وإعادتها الى المنزل. وغصّت شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصاً «فيس بوك»، و«الشارع الغزّي» بتعليقات نارية وصاخبة، وجه مشاركون فيها اتهامات الى عباس وهنية وحركتي «فتح» و«حماس»، خصوصاً الأخيرة التي تسيطر على القطاع وتدير شؤونه، بأن «دم الأطفال الثلاثة معلّق في رقابهم جميعاً»، في وقت ألقت الحكومة والحركة وأدواتهما الإعلامية بالمسؤولية عن الجريمة على «من يحاصرون قطاع غزة». وعلى رغم أنه سبق الأطفال الثلاثة عشرات الأطفال والنساء والرجال الذين قضوا حرقاً، إما بسبب الشموع أو انفجار مولد صغير للتيار أو غيره، إلا أن الفاجعة هذه المرة كانت كبيرة جداً، خصوصاً أن أزمات الكهرباء والوقود والغاز وغيرها لا تزال تراوح مكانها، من دون أن يرى «الغزيّون» أي حلول تلوح في الأفق أو حتى مجرد «تحريكها» من طرفي الانقسام، «فتح» و«حماس». وشارك هنية ذوي الضحايا أحزانهم، ودعا خلال تشييع جثامينهم الدول العربية الى التدخل العاجل لإنقاذ القطاع من «كارثة بيئية وإنسانية بعد تزايد عدد الشهداء» أخيرا، وحمّل الإحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن استشهاد الأطفال لحصاره غزة ومنعه الوقود اللازم لتشغيل الكهرباء. من جانبها، قالت عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عن غزة آمال حمد إن الرئيس عباس استقبل الخبر بتأثر كبير جداً. غير أن هذه المشاركة في التشييع والشعور بالألم لدى الزعيمين لم تُعفهما من الإتهامات التي وجهها اليهما «غزيّون» وفصائل ومنظمات حقوقية ب «المسؤولية» و«الفشل» في إنهاء الانقسام والمناكفات السياسية، وهي السبب الرئيس لأزمات القطاع كافة. وعلى هذه الخلفية، حذرت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» من «انفجار جماهيري» في حال استمرت حال التسويف والمماطلة في إيجاد حلول لهموم المواطنين ومعاناتهم اليومية في القطاع.