ثمة أوهام شائعة شعبياً في مصر، تربط بين بعض أنواع المخدرات وزيادة القدرة الجنسية. وضمن جهود مكافحة هذه الأوهام المؤذية التي تساهم في إنتشار المخدّرات، نظَّمت «جمعية الشرق الأوسط للصحة الجنسية» مؤتمراً أخيراً بعنوان «القدرة الجنسية بين الوهم والحقيقة». ورعته شركة «فايزر» Pfizer. التحفّظ ومضاره جنسياً تحدث في هذا المؤتمر الدكتور يسري عبدالمحسن، أستاذ الأمراض النفسية في كلية طب قصر العيني موضحاً أن الجنس مسألة محورية تبدأ من الصغر. «نربي أبناءنا على التحفّظ في علاقتهم مع الجنس الآخر، خصوصاً البنات... إنه مؤشر حميد تربوياً، لكن المبالغة فيه تؤدي إلى حاجز نفسي بين الجنسين، ما يأتي بنتيجة عكسية. كما أن انفتاح العلاقة بين الجنسين من دون محاذير، يعتبر خطأً يؤدي إلى انفلات أخلاقي، وبالتالي لا بد من وجود توازن في هذا الأمر». وأضاف: «تزايد إستخدام المخدرات عموماً والمنشّطات والمهدّئات والمُهّلوِسات، بأثر من عوامل منها الوهم الشائع والمغلوط بأنها تُحسن الأداء جنسياً». ورأى عبدالمحسن أيضاً أن الأدوية المنُشطّة للجنس، على عكس المخدّرات، صنعت طفرة في علاج حالات الضعف الجنسي، لأنها تُعطى بصورة علمية. وقال:» لا تعطي المخدرات سوى إنطباع زائف بالاستمتاع، لأنها تحدث خللاً في الإحساس وتتبع الزمن». وتناول الدكتور حسين غانم، أستاذ الأمراض التناسلية والذكورة في كلية طب قصر العيني، دراسة ل «المركز المصري لمكافحة الإدمان» أوردت أن استخدام المخدرات يطاول 8 في المئة من المصريين، مع وجود نسبة أعلى بالنسبة الى بعض أنواعها. وأضاف: «تؤكّد حقائق العلم أن المخدرات لا تزيد القدرة الجنسية، بل تضرّها. هناك بحث حديث أجري في تايوان، شمل نحو 700 مريض، وبرهن أن استخدام المخدرات يزيد الضعف جنسياً عند الشباب بمقدار خمسة أضعاف، وأكثر الأنواع ضرراً هي مجموعة الأفيون والهيرويين. وهناك أيضاً دراسة دنماركية نشرت في «المجلة الدولية للصحة الجنسية» عام 2011، وشملت 5552 رجلاً وامرأة تناولت تأثير المخدرات والحياة غير الصحية على القدرة الجنسية. ووجد أن اجتماع استخدام المخدرات والتدخين والكحول وعدم ممارسة الرياضة، يزيد الضعف الجنسي بدرجة تصل إلى 22 ضعفاً. إذ تؤدي المواد المخدّرة إلى خفض هرمون الذكورة، كما تُسبّب تقلصاً في شرايين العضو الذكري، ما يمنع وصول كمية كافية من الدم لحدوث الانتصاب واستمراره. كما يسرّع نيكوتين التبغ عملية إنسداد الشرايين، وضمنها تلك التي تُغذي القضيب». وعن علاج الاضطرابات الجنسية، لاحظ غانم إنها أصبحت على درجة عالية من الأمان والفاعلية، خصوصاً بعد مرور أكثر من 15 عاماً على عقار ال»فياغرا» واستخدامه من قبل ملايين الرجال. وأوضحت الدكتورة هبة قطب، استشارية العلاقات الجنسية، أن الموروثات الشعبية تحمل خرافة عن العلاقة بين المخدرات والجنس، ترجع إلى عصور الرومان والإغريق، إضافة إلى خرافات الهند والصين. « وتآلفت هذه الموروثات مع المجتمعات البدوية، خصوصاً الممارسات المتّصلة بليلة الزفاف والأيام الأولى من الزواج. ويكمن سر هذه الخرافة في أن المخدّرات تجعل متعاطيها في حال مزاجية مرتفعه دائماً، فيتخيل أنه اكتسب قدرة جنسية عالية» كما تقول. موروث شعبي زائف كذلك إعتبر الدكتور ياسر الخياط، مدير «جمعية الشرق الأوسط للصحة الجنسية» أن الجنس من أهم الغرائز الإنسانية الأساسية، إضافة إلى أنه يتّصل بغريزة حفظ النوع من الفناء. ويضيف: «تختلف العوامل المُحفّزة للجنس بين الرجل والمرأة. إذ تتركّز عند الرجل بعوامل حسّية كجمال المرأة ولون عينيها ونعومة شعرها، بينما تتصل عند المرأة بعوامل نفسية كالحاجة إلى الحب والقرب والحماية. ونتيجة لغلبة الجانب الحسي عند الرجال والرغبة في امتلاك أفضل القدرات والخصائص جنسياً، يلجأ كثير منهم، خصوصاً الشباب، إلى أساليب متنوّعة، فيقع بعضهم في شرك المخدّرات». وأوضح الخياط أنه يجب التصدي للدعاية المحمومة، خصوصاً على الانترنت، التي تروّج للأعشاب والأجهزة والجراحات التي يدّعي باعة الوهم أنها تزيد حجم العضو الذكري، ويقول: «لا جدوى فعلياً من هذه الطرق، بل أنها مضرّة. وخلاصة القول أن الحفاظ على الصحة العامة وممارسة الرياضة والغذاء المتوازن والبعد من التدخين والكحول والتوتر النفسي، إضافة الى استشارة الأطباء عند الحاجة، تعطي أفضل النتائج في الحفاظ على الصحة الجنسية». وفي سياق متّصل، أصدرت وزارة الصحة المصرية قراراً بخفض سعر عقار «الفياغرا» بنسبة 60 في المئة، ضمن مساعيها لمكافحة انتشار أدوية مجهولة المصدر تستخدم علاجاً للضعف الجنسي.