8.357 ترخيصاً لمرافق ضيافة سياحية خاصة    الأمم المتحدة: الاحتلال قتل 71 مدنياً منذ 27 نوفمبر    "مؤتمر لندن".. تعهدات ب800 مليون يورو من المساعدات للسودان    المملكة ودول خليجية وعربية تؤكد التضامن مع الأردن واستقراره    تصعيد روسي أوكراني وسط جهود متعثرة لإنهاء الحرب    الهلال والخليج.. ذكرى الصدمة    القبض على إثيوبي في الباحة لترويجه الحشيش والإمفيتامين    عفت السينمائي يكرم فائزي «من الحلم إلى الفيلم»..    «الثقافة» تطلق الخط الأول والخط السعودي    ما كل ممكن يسوغ    عملية قلب مفتوح لسبعيني في القصيم    إسرائيل تُبقي قواتها في غزة ولبنان وسوريا وتُحيي مشروع التهجير الطوعي    رئيس الاتحاد الدولي للسيارات: السعودية لعبت دوراً رئيسياً في منح العالم العربي مستقبلاً طويل الأمد لسباقات الفورمولا 1    إغاثة سعودية تصل سوريا بطواقم طبية    اتفاقية سعودية - فرنسية في مجال التكنولوجيا الصحية    مليون شتلة بمحايل عسير    مركز التحكيم الرياضي السعودي يوقع اتفاقية تعاون مع جامعة الملك خالد    أستون فيلا يكشف سبب خطأ عزف النشيد في مواجهة باريس سان جيرمان    الأرصاد: هطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    نائب أمير منطقة جازان يستقبل مدير عام فرع وزارة الصحة بالمنطقة    ⁧‫أمير نجران‬⁩ يطّلع على تقرير أداء الوكالات المساعدة والإدارات العامة بالإمارة    5 جهات حكومية ترسم مستقبل الحج والعمرة    مهرجان الثقافات بالجامعة الإسلامية يجمع حضارات العالم    أمين المدينة: تأهيل 100 موقع تاريخي بحلول 2030    انطلاق منتدى ومعرض للطاقة الشمسية والرياح بجامعة الإمام عبد الرحمن    المريخ يصل إلى (الأوج) اليوم    المياه الوطنية تشرع في تنفيذ 14 مشروعاً بمنطقة حائل تجاوزت كلفتها 1.2 مليار ريال    الهلال الأحمر بالشرقية ينفذ فرضية لمشروع "معاذ" في جسر الملك فهد    ارتفاع أسعار الذهب    بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة.. 598 مستفيدًا من مركز الأطراف الصناعية في تعز    محمد بن فهد.. موسوعة القيم النبيلة    وصل إلى الكويت للمشاركة في اجتماع الحوار الإستراتيجي الخليجي.. وزير الخارجية ونظيره الهولندي يبحثان القضايا الإقليمية والدولية    في افتتاح آسيوية ألعاب القوى للناشئين والناشئات بالقطيف|محمد سراج الزاير يحصد أول ذهبية في رمي المطرقة    حارس مانشستر يونايتد على رادار أندية روشن    حسن عبدالله القرشي.. شاعر البسمات الملونة (2/2)    فلسفة كتابة الرأي في حياتي    القيادة تعزي ملك ماليزيا    تركيا.. استطلاعات تظهر تقدم المعارضة والملايين يطالبون بإطلاق سراح أوغلو    صندوق تمكين القدس يدعو إلى إغاثة الشعب الفلسطيني    ولي العهد يعزي رئيس وزراء ماليزيا في وفاة عبدالله بدوي رئيس الوزراء الماليزي الأسبق    رُهاب الكُتب    الأول من نوعه في السعودية.. إطلاق إطار معايير سلامة المرضى    تغريم 13 صيدلية 426 ألف ريال لمخالفتها نظام "رصد"    السجن خمس سنوات لمواطنٍ بتهمة الاحتيال المالي    «المظالم»: إنجاز قضائي لأكثر من 46 ألف دعوى    "بينالي الفنون الإسلامية 2025" يواصل استقبال زوّاره في جدة    انطلاق أعمال الدورة ال47 للجنة الإسلامية للشؤون الاقتصادية والثقافية والاجتماعية    الأخضر تحت 17 عاماً يعاود تدريباته استعداداً لنصف نهائي كأس آسيا    إجراء قرعة دوري الإدارت الحكومية لكرة القدم 2025 بمحافظة حقل    الأمير سعود بن نهار يطلع على منجزات ومبادرات أمانة الطائف    سمو أمير منطقة الباحة يتسلّم تقرير أعمال الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    توقيع اتفاقية تمويل "رسل السلام" بقيمة 50 مليون دولار    تعليم الباحة يطلق جائزة الشيخ الدرمحي للتميز التعليمي    العالم على أعتاب حقبة جديدة في مكافحة «الجوائح»    فرع الإفتاء بجازان يختتم برنامج الإفتاء والشباب في الكلية الجامعية بفرسان    أمير نجران يعتمد الهيكل الإداري للإدارة العامة للإعلام والاتصال المؤسسي بالإمارة    الحقيقة التي لا نشاهدها    أمير تبوك يزور الشيخ محمد الشعلان وبن حرب والغريض في منازلهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جريمة قتل واقعية تدخل عالم صلاح عيسى الروائي
نشر في الحياة يوم 02 - 04 - 2012

مجدداً، تدخل قصة جريمة قتل واقعية، سطرها التاريخ المصري على استحياء، إلى حد الإهمال، عالم الصحافي المصري صلاح عيسى الروائي، والذي يجمع بخلطة مدهشة التاريخي بالاجتماعي في سياق نص ينحاز إلى فن الرواية أكثر مما ينحاز للتأريخ. ففي كتابه «حكاية مصرع مأمور البداري»، الصادر أخيراً عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة، يربط صلاح عيسى بين عالمين يخصان شخصين يجمعهما فقط نصه، بينما يهتم التاريخ، وفق طبقية تقسيمه بأحدهما ويهمل الآخر. العالم الأول، وهو يخص شخصية إسماعيل باشا صدقي رئيس وزراء مصر ووزير داخليتها في ثلاثينات القرن المنصرم، ليعرض، وفق الراوي العليم، لصراعات طبقة الباشوات والنخب التي تحكمت في مصائر المصريين إبان تلك الفترة، وأدواتها القمعية والتي تمثلت بمأمور قسم شرطة البداري، الحاكم باسم صدقي وجبروت سلطته في المنطقة التي تقع في أقاصي صعيد مصر. ولم تكن الفترة التي أعقبت تولي الملك فؤاد الأول وحتى نجله فاروق الأول، بالفترة التي يمكن الحديث عنها وفق السياق التاريخي العام المختزل، إذ كانت فترة من فوران الحراك الاجتماعي والسياسي، تجلت سياسياً بثورة 1919 ودستور 1923 والدفاع عن هذا الدستور لسنوات أعقبت إقراره وتخللتها أحكام عرفية ومصادرة للحريات. ولذا لجأ عيسى إلى العالم الثاني، من طبقة الفقراء والفلاحين التي تأثرت تأثراً مباشراً بقسوة طبقة الحكام وطغيانهم، ومثلها أحمد الجعيدي، الفلاح والذي فشل في دراسته، مما أحدث له تغريباً على المستوى الاجتماعي/ الثقافي فلا هو أصبح فلاحاً جاهلاً، ولا هو بات أفندياً متعلماً شاغلاً وظيفة حكومية وفق قوانين هذا الزمن. يبدأ النص بالجمع ما بين سيرة الشخصين، إيذاناً ببدء التصادم التدريجي للعالمين اللذين يبدوان منعزلين تاريخياً، فإسماعيل باشا صدقي يبدأ حياته العملية، كابن بار للطبقة الأرستقراطية في سلك النيابة، ويتكون لديه الطموح الحزبي، فيصبح أحد ممثلي حزب الوفد الذي كان يقود المفاوضات مع الاحتلال البريطاني، لكنه ينتهج الواقعية، التي صارت مدرسة معادية للوفد في هذه الفترة، وترى في هذا الاحتلال انتقاصاً من استقلال مصر، لكنه ما يلبث أن يسقط في الانتخابات البرلمانية أمام أفندي وفدي ليترسب في ذهنه أن المصريين غير قادرين على اختيار من يمثلهم، ويقرر أن ينفرد بالسلطة كديكتاتور، في مراحل تآمر سلطة القصر والاحتلال على الوفد ممثل الأغلبية، ليكون أحد أدواتها في تحجيم نضال المصريين.
على الجانب الآخر، يبدو الشاب الجعيدي، الذي ولد، والباشا مستبد على عرشه، مغترباً عن واقعه، فهو يرفض، بفضل قسط التعليم الذي حصل عليه، إذلاله مع طبقته، ليتصادم مع المأمور محمود الشافعي، الذي لا يعجبه اختياله بنفسه، فيقرر تعذيبه بوحشية، وثأراً لكرامته يقتله الجعيدي بمساعدة زميل له، ويبدأ الصراع بين العالمين، فالسلطة التي جرحت بقتل المأمور ترفض أن يقابل أهالي القرية خبر مقتله بإطلاق مظاهر الفرح، وتجبر الجعيدي على الاعتراف بجريمته مكرهاً بمحاولة التحرش بأهل بيته. ومع إطلاق الصراع لعنانه، تخوض النخب الثقافية في هذا الزمان معركتها بشجاعة، فيجد الأديب البارز عباس محمود العقاد مجالاً للهجوم على طغيان صدقي وقوانينه التعسفية وتعطيله لأحكام دستور 1923، بعد أن أوصت محكمة النقض بتخفيف حكم الإعدام على الجعيدي، وانتقدت أسباب حكم المحكمة الأولى في عدم أخذها بجريمة تعذيب الجعيدي وما فعلته أدوات صدقي بالبلاد، كما يكشف النص، في هذا السياق، النقاب عن نص شفاهي لشاعر النيل حافظ إبراهيم يهجو فيه صدقي. ولا يغيب في هذه المعادلة، صراع النخبة، بخاصة على ماهر باشا ممثل حزب «الاتحاد»، أحد أحزاب القصر، مع صدقي على السلطة، بعد أن صعد ماهر من أدائه الحقوقي في وزارة العدل، وأمر نائبه العام بالتحقيق مع ولاة صدقي على الأقاليم المصرية، وإعادة النظر في قوانين حمايتهم.
وينتهي النص بخروج الجعيدي من السجن في العام نفسه الذي شهد وفاة صدقي، بعد أن قام بأسطرة وتأصيل فكرة القبضة الحديد للسلطة واستخدام وزارة الداخلية كأحد أبرز أدواتها، ومقاومة المصريين لها وسخريتهم منها، ليقترب من الوعي الشعبي الجمعي أكثر في تصويره لمسألة إجبار أهالي بعض القرى على رفع لافتات تأييد للحكومة، فيوافق هؤلاء في البداية لكنهم يتركون لافتات التأييد على الحمير وينصرفون ويتعرضون للعقاب الجماعي. ويأتي النص في خضم مشروع صلاح عيسى الإبداعي الذي مرره على شبكة الخطاب الروائي المعاصر، منذ «رجال ريا وسكينة»، ومروراً ب «حكاية جلاد دنشواي».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.