لم تجد إسرائيل وعصابتها من لوبي وليكوديين أميركيين في «يوم الأرض» وفي «الزحف العالمي على القدس» المرافق له قبل يومين سوى محاولة لنزع الشرعية عن إسرائيل، وأن القس جرمياه رايت، أو قس كنيسة باراك اوباما في شيكاغو، أيّد المناسبة. اسرائيل من دون شرعية أصلاً، فالشرعية لا تأتي من اميركا وأوروبا، وإنما من الفلسطينيين أصحاب الأرض الوحيدين، فهم وحدهم يعطون إسرائيل الشرعية إذا قبلوا بوجودها في 78 في المئة من بلادهم. فلسطين من البحر الى النهر، ولا أثر إطلاقاً لأي مملكة يهودية أو أنبياء مزعومين في بلادنا (مع أن هناك أثراً لسن ديناصور عمره 200 ألف سنة). وأقبلُ شخصياً دولة للفلسطينيين في 22 في المئة من بلادهم عاصمتها القدس، لأنني لا أريد أن يموت أحد، ولكن «رضينا بالهم، والهم ما رضي بينا»، كما يقول مثل فلسطيني. على نطاق العالم كله، الاعتراف بفلسطين وشعبها أضعاف أضعاف أي اعتراف بإسرائيل، وكنت في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 23/9/2011 عندما خطب الرئيس محمود عباس وتبعه مجرم الحرب بنيامين نتانياهو. الجلسة سجلتها كاميرات الميديا العالمية، وتُظهر أن 80 في المئة من ممثلي دول العالم المئة وثلاثة وتسعين الأعضاء في الأممالمتحدة صفقوا للرئيس الفلسطيني، ووقفوا وهتفوا وبكوا وهجموا عليه في الخارج للتحية حتى كدنا نروح عصراً أو دوساً كأننا في مباراة كرة قدم، وأن نتانياهو صفق له وفده حتى أنه لم يقف خارجاً للسلام على الناس ككل خطيب لإدراكه أنه لن يجد واحداً في المئة من الذين انتصروا للفلسطينيين، وإنما أسرع كالمذنب ليوقفه عند السلم الكهربائي بضعة أفراد يرتدون القبعة اليهودية. إسرائيل دولة يمثلها مجرم حرب شارك في تدمير طائرات مدنية في مطار بيروت عام 1968، وحارس مواخير من مولدافا هو أفيغدور ليبرمان عمله الأصلي أن يلكم المخمورين ويخرجهم من خمّارة. ثم هناك القس جرمياه رايت، ولم أكن أعرف أنه يؤيد «الزحف العالمي على القدس» حتى قرأت ذلك في تقرير لمركز ماير آميت للاستخبارات والإرهاب. هذا اسم مناسب جداً لأن ماير أميت كان جندياً إسرائيلياً، أي قاتلاً، وكان رئيس الموساد، أي إرهابياً يطارد الناس في فلسطينالمحتلة وحول العالم، لذلك فالمركز يتحدث عن الاستخبارت والإرهاب كما مارسهما ضد الفلسطينيين وشعوب المنطقة كلها الإرهابي الذي يحمل المركز اسمه. الفلسطينيون لا يحتاجون الى قس أميركي لتأييدهم مع أنهم يشكرونه على عاطفته الإنسانية، فهناك قس آخر معروف عالمياً يؤيدهم هو القس دزموند توتو، كبير أساقفة جنوب أفريقيا الذي خبِرَ التمييز العنصري، أبارتهيد، في بلاده، وعاش حتى يراه يُهزم ويحكم البلاد شعبها الأصلي، ويرى أن التمييز العنصري انتقل الى دولة نازية جديدة قامت في أرض فلسطين لأن أوروبا المسيحية قتلت اليهود في المحرقة النازية المعروفة وكفّرت عن جريمتها بمساعدتهم على سرقة فلسطين من أهلها. يوم الأرض يحيي ذكرى أحداث في 1976 عندما استولت حكومة إسرائيل على ألوف من دونمات أراض خاصة للفلسطينيين في الجليل فهبوا للدفاع عن أرضهم وردّت عليهم سلطات الاحتلال (كله احتلال في الضفة والقطاع وفلسطين الأصلية) بالدبابات والرصاص. أما «الزحف العالمي على القدس» فهو موقف رمزي يرافق «يوم الأرض» الهدف منه إظهار تأييد العالم حقوق الفلسطينيين في بلادهم، وهو لن يعيد فلسطين، بل لم يخترق الحدود حيث الدبابات وجيش نازي جديد يقتل ويدمر كل يوم من دون حاجة يوم أرض أو زحف. والإسرائيليون أغلقوا الضفة على أهلها يوم الجمعة الماضي، ووقعت اشتباكات محدودة مع قوات الاحتلال. كل ما رأيت في الزحف العالمي أنه يشبه في قاعدة أنصاره العريضة ذلك اليوم في الجمعية العامة عندما انتصر العالم للفلسطينيين، فالأعضاء من البلدان العربية وجنوب أفريقيا والهند والصين وإندونيسيا وبعض الدول الغربية والولايات المتحدة. ولو جمعنا عدد سكان هذه البلدان لوجدنا مرة أخرى غالبية عالمية مطلقة تنتصر للفلسطينيين وحقوقهم. إسرائيل كلها احتلال حتى تقوم دولة فلسطين المستقلة إلى جانبها. [email protected]