بعد يوم على ابلاغ الحكومة السورية المبعوث الاممي - العربي المشترك كوفي انان موافقتها على خطته المؤلفة من ست نقاط لحل الازمة، والتي نص احد بنودها على وقف القتال وسحب آاليات الجيش من المدن والمناطق السكنية، قالت لجان التنسيق السورية امس ان الجيش سيطر على بلدة سراقب بعد اربعة ايام من القصف سقط خلالها خمسون شخصاً على الاقل معظمهم من المدنيين. وقال ناشطون ان جثثاً كثيرة مجهولة الهوية تنتشر في الشوارع اضافة الى عدد كبير من الجرحى. كما قامت القوات النظامية بسرقة محتويات البيوت والمحلات قبل احراقها. كما تم تهجير معظم الاهالي. واتهمت واشنطن الرئيس بشار الاسد بعدم الوفاء بوعوده لجهة تطبيق خطة انان. وقالت الناطقة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند ان «الاسد لم يتخذ الخطوات اللازمة لتطبيق» خطة السلام التي قدمها انان. وفي اسطنبول التقت «الحياة» الشاب عبد المجيد بركات الذي عمل مديراً لمكتب المعلومات في «الخلية المركزية» لادارة الازمة السورية التي تم تشكيلها في مطلع نيسان (ابريل) من العام الماضي، اي بعد اسبوعين على بدء الانتفاضة. وفر بركات الى اسطنبول منذ اسابيع، بمساعدة احد الضباط «الذي لا يزال في الداخل ويساعد الكثيرين»، كما قال بركات الذي نقل معه وثائق سرية كثيرة اطلعت «الحياة» على بعضها، تظهر مسؤولية القيادة السورية عن اعمال القمع. ويروي بركات ان خلية ادارة الازمة تشكلت من كبار ضباط اجهزة الاستخبارات والامن، ومن بينهم الامين القطري المساعد لحزب البعث سعيد بخيتان ووزير الدفاع الاسبق حسن توركماني ونائب رئيس الاركان آصف شوكت. وكانت تعمل باشراف غير مباشر من شقيق الرئيس العميد ماهر الاسد. وروى بركات ان قرارات خلية الازمة لطريقة مواجهة الانتفاضة ونشر القوات او التعامل مع التظاهرات كانت تنقل الى القيادة القطرية في القصر الجمهوري حيث يتخذ الرئيس بشار الاسد شخصياً القرار النهائي بشأنها ويوقع الاجراءات المتوجبة عليها بنفسه. وفي الردود على موافقة دمشق على خطة انان، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على ضرورة «وضع الرئيس الأسد التزاماته موضع التطبيق الفوري». وأعرب عن قلقه البالغ حيال «استمرار النزاع وسفك الدماء في سورية واستمرار نزوح آلاف المدنيين». وأكد دعمه الكامل لأنان، وأنه يشاركه الرأي بأن موافقة سورية على خطة النقاط الست هي «خطوة أولى أساسية يمكن أن تنهي العنف وسفك الدماء وتؤمن المساعدة للذين يعانون وتوفر بيئة مواتية لحوار سياسي يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري». وتوجه الى الرئيس السوري بالقول «أحض الرئيس الأسد بقوة على وضع التزاماته موضع التطبيق الفوري فليس من وقت لإضاعته». وقال ديبلوماسي غربي في مجلس الأمن إن «الأسد أعطى تعهدات كثيرة في الماضي ولم يحترمها» وأضاف انه «من السهل القول، لكن الأفعال هي التي تهمنا وليس الأقوال». وقال إن «قسم عمليات حفظ السلام في الأممالمتحدة يدرس احتمالات نشر مراقبين على الأرض في سورية لمراقبة أي تطبيق محتمل لخطة أنان». وأضاف «أن الاحتمالات القائمة الآن بسبب الطبيعة العاجلة للأزمة هي أن «يتم الاستعانة بمراقبين من بعثات حفظ السلام المنتشرة في سورية أو محيطها كقوة «أندوف» في الجولان أو «يونيفيل» في جنوب لبنان أو مراقبي الهدنة مع إسرائيل». وقال ديبلوماسي رفيع في المجلس إن «الجميع يعلم أننا سنتوصل الى الاتفاق على قرار في شأن سورية عاجلاً أم آجلاً». وأضاف أن خطة النقاط الست هي «سلة متكاملة» ولا يمكن الرئيس الأسد أن «يختار تطبيقها بانتقائية». وأشار الى أن النقطة الخامسة التي تنص على حرية تشكيل الجمعيات والأحزاب وحرية التظاهر «هي فقرة مهمة جداً لأنها ستعني عملياً ترجمة الانتقال السياسي الى واقع». واعتبر أن موافقة الأسد على خطة أنان تعني أنه «قدم التزاماً بالبدء بوقف العمليات العسكرية وسحب قواته من المدن والبلدات ومحيطها، وعليه أن يبدأ فوراً». ووزعت البعثة الفرنسية في الأممالمتحدة بيانا رحبت فيه «بجهود المعارضة السورية لبناء رؤية موحدة حول سورية الغد». وحضت «الذين يريدون العمل نحو إيجاد سورية الجديدة الى التوحد وراء أهدافهم». واعتبرت أن «إعلان المعارضة في اسطنبول هو وثيقة تضع مبادىء تأسيس سورية ديموقراطية وتعددية تحترم حقوق كل الشعب السوري». وأعربت عن الأمل في أن «تتكثف الجهود تحضيراً لمؤتمر أصدقاء سورية في 1 نيسان (ابريل) وأن يقدم المؤتمر فرصة لتقوية الدعم الدولي للمعارضة السورية المتحدة حول المجلس الوطني السوري». وحضت الصين السلطات السورية والمعارضة على التزام خطة انان. فيما نفى ناطق باسم الاخير نيته زيارة ايران في الاسبوع المقبل. وقال وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي إن بلاده تؤيد خطة السلام بشأن سورية، داعيا الى «التعامل مع القضية السورية بصبر»، ومحذرا من أن «أي نهج متسرع وخلق فراغ في السلطة في هذا البلد يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على المنطقة». وكانت اطراف المعارضة السورية اتفقت في اجتماعها اول من امس في اسطنبول على «وثيقة العهد والميثاق» التي تضمنت «تأكيد الدستور الجديد لسورية على عدم التمييز بين عرب وأشور وكرد وتركمان او غيرهم، واحترام الحقوق المتساوية للجميع ضمن وحدة سورية ارضاً وشعباً»، كما دعا الى «تنظيم انتخابات نزيهة ونظام متعدد الأحزاب وعدم قيام اي نوع من العقبات امام الراغبين بالمشاركة في الحياة السياسية». وأكدت الوثيقة على ان «المجلس النيابي سيعكس ارادة الشعب ويعطي الشرعية للحكومة المنبثقة عنه». كما ان الرئيس بموجب هذه الوثيقة «سينتخب بحرية من قبل الشعب او من قبل البرلمان، ولن يكون على قياس فرد او هيئة معينة وتحدد صلاحياته وفق الدستور بما يتوافق مع فصل السلطات». ميدانيا، تحدث المرصد السوري لحقوق الانسان عن أعمال عسكرية استهدفت بلدات وقرى مختلفة وامتدت المواجهات من محافظة درعا في الجنوب الى منطقة حماة في الشمال، الى جانب اقتحام سراقب. كما تحدثت تقارير عن قصف أجزاء من حمص حيث قام الرئيس الاسد بجولة في حي بابا عمرو امس. وذكر المرصد ان اشتباكات عنيفة وقعت بين القوات الحكومية وقوات المعارضة في منطقة بصر الحرير بجنوب درعا بعد ان طلبت قوات الامن من السكان تسليم المعارضين. وعندما حاول الجيش اقتحام بلدة الرستن بوسط محافظة حمص قتل ثلاثة جنود وأصيب أربعة معارضين على الاقل. وانفجرت قذائف مورتر في مدينة حمص القديمة وفقا لرواية الناشطين. كما اسفرت الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوري ومنشقين في ريف حماة امس عن مقتل اربعة مدنيين وخمسة منشقين واربعة جنود نظاميين على الاقل في قلعة المضيق وكرناز، اضافة الى عشرات الجرحى في صفوف الجيش النظامي.