علمت «الحياة» أن «إعلان بغداد» الذي سيصدره القادة العرب في اختتام أعمال قمتهم اليوم الخميس سيتضمن الإعلان عن تبني القمة رؤية شاملة للإصلاح السياسي والاقتصادي بما يضمن صون كرامة المواطن العربي وتعزيز حقوقه في ظل عالم يشهد تطوراً متسارعاً في وسائل الاتصال وبما يلبي مطالب الشعوب العربية في الحرية والعدالة الاجتماعية والمشاركة السياسية التي جسدتها التطورات التي تعيشها شعوبنا العربية. وتدعو القمة وفقاً لمشروع «إعلان بغداد» الذي وافق عليه وزراء الخارجية تمهيداً لإقراره اليوم إلى تحقيق التكامل الاقتصادي للنهوض باقتصادات الدول التي شهدت هذه التغيرات مما يتطلب دعماً عربياً يؤمن مستقبلاً آمناً وزاهراً لأجيالها. ويشيد الإعلان بالتطورات والتغييرات السياسية التي جرت في المنطقة العربية وبالخطوات والتوجهات الديموقراطية الكبرى التي رفعت مكانة الشعوب العربية وعززت من فرص بناء الدولة على أسس احترام القانون وتحقيق التكافل والعدالة الاجتماعية وحيت القمة الشعوب التي قادت هذه الخطوات. كما يعلن القادة العرب التزامهم التضامن العربي والتمسك بالقيم والتقاليد العربية النبيلة والحفاظ على سلامة الدول العربية كافة واحترام سيادتها وحقها المشروع في الدفاع عن استقلالها الوطني ومواردها وبناء قدراتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. ويؤكد الإعلان، الذي يتضمن نحو 40 بنداً، التشديد على تسوية الخلافات العربية بالحوار الهادف البناء وبالوسائل السلمية والعمل على تعزيز العلاقات العربية العربية وتمتين عراها ووشائجها والحفاظ على المصالح القومية العليا للأمة العربية والإشادة بالمبادرة والجهود الرامية إلى حل الأزمات في الإطار العربي، والدعوة إلى مواصلة الجهود الرامية إلى تطوير وإصلاح منظومة العمل العربي المشترك وتفعيل آلياتها والارتقاء بأدائها بما في ذلك الدور الذي سيضطلع به البرلمان العربي ومجلس السلم والأمن العربي بالشكل الذي يساهم في إيجاد سياسات فاعلة لإعادة بناء المجتمع العربي المتكامل في موارده وقدراته لتحقيق العدالة الاجتماعية ومواجهة تحديات المرحلة ومواكبة التطورات السياسية التي تشهدها المنطقة العربية. ويشدد على أن الإصلاح المطلوب للجامعة العربية يتطلب دعماً مالياً لموازنتها يتمثل كمرحلة أولى في إعادة النظر في هيكلها التنظيمي من أجل تطوير مؤسساتها المتعددة وإعادة تشكيلها وتفعيل أدائها والالتزام بقراراتها. وتشيد القمة بجهود اللجنة المستقلة للبحث في تطوير منظومة العمل العربي المشترك والعمل على توفير الإمكانات اللازمة لمواصلة عملها حتى يتحقق الهدف من إنشائها في تعزيز مكانة الجامعة العربية بين المنظمات الإقليمية والدولية ومواكبة التحديات التي تواجه الشعوب العربية في هذه المرحلة. ويؤكد القادة العرب إدانتهم للإرهاب بصوره وأشكاله كافة وأياً كان مصدره ومهما كانت دوافعه ومبرراته وضرورة العمل على اقتلاع جذوره وتجفيف منابعه الفكرية والمالية وإزالة العوامل التي تغذيه ونبذ التطرف والغلو والابتعاد عن الفتاوى المحرضة على الفتنة وإثارة النعرات الطائفية وحث المؤسسات العربية المعنية على زيادة التنسيق في ما بينها لمكافحته. ويوجه القادة العرب تحية إكبار وإجلال للشعب الفلسطيني في نضاله للتصدي للعدوان الاسرائيلي المستمر عليه وعلى أرضه ومقدساته وتراثه، ودعم صموده من أجل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة والمتصلة وعاصمتها القدسالشرقية ويدينون بشدة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني وعلى الأراضي الفلسطينيةالمحتلة واستمرار إسرائيل في نشاطاتها الاستيطانية على رغم الإدانات الدولية لهذه الممارسات غير الشرعية والانتهاكات للقانون الدولي الإنساني ولمواثيق حقوق الإنسان وتفعيل القرارات العربية والإسلامية والدولية في مواجهة ممارسة القمع والانتهاكات الإسرائيلية في غزة وعموم الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. ويؤكد على اعتبار المصالحة الفلسطينية ركيزة أساسية ومصلحة عليا للشعب الفلسطيني داعين القيادة الفلسطينية إلى التزام تنفيذ اتفاق المصالحة الوطنية الفلسطينية الموقع في القاهرة بتاريخ الرابع من أيار (مايو) 2011 وإعلان الدوحة بتاريخ السادس من شباط (فبراير) 2012 لوضع حد للخلافات والانقسام الفلسطيني الداخلي وتوحيد الجهود من أجل إجراء انتخابات جديدة وتشكيل حكومة وحدة وطنية. ويعربون عن دعمهم الكامل لمدينة القدس وأهلها الصامدين والمرابطين على أرضهم في مواجهة العدوان الإسرائيلي المتواصل عليهم وعلى مقدساتهم خصوصاً على المسجد الأقصى المبارك، ويعلنون دعم ومساندة نتائج مؤتمر القدس الذي عقد في الدوحة في شباط الماضي لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية المستمرة على هذه المدينة المقدسة. ويؤكد القادة العرب على أن القدسالشرقية جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1967 وأن جميع الإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي باطلة قانوناً ولا يترتب عليها إحداث أي تغيير على وضع المدينة القانوني كمدينة محتلة ولا على وضعها السياسي باعتبارها عاصمة لدولة فلسطين. ويؤكدون على ضرورة التوصل إلى حل عادل للصراع العربي - الإسرائيلي على أساس الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية والتأكيد على أن السلام العادل والشامل في المنطقة لن يتحقق إلا من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والانسحاب من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري حتى خط الرابع من حزيران (يونيو) 1967 تطبيقاً لقرار مجلس الأمن رقم 242 لعام 1967 والتوصل لحل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين بما في ذلك حق العودة ورفض أشكال التوطين والتأكيد على إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدسالشرقية. ويؤكد إعلان بغداد دعم القادة العرب للتطلعات والمطالب المشروعة للشعب السوري في الحرية والديموقراطية وفي رسم مستقبله وفي التداول السلمي للسلطة وإدانة أعمال العنف والقتل وإيقاف نزيف الدم والتمسك بالحل السياسي والحوار الوطني ورفض التدخل الأجنبي في الأزمة السورية حفاظاً على وحدة سورية وسلامة شعبها ويؤكدون دعمهم والتزامهم القرارات الصادرة عن الجامعة العربية في هذا الشأن. وتؤكد القمة العربية في إعلان بغداد على الدعم القوى لمهمة السيد كوفي أنان لإطلاق حوار سياسي بين الحكومة وجماعات المعارضة السورية استناداً لما نصت عليه المرجعيات الخاصة بولاية هذه المهمة والتي اعتمدت من قبل الأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية. ويرحب إعلان بغداد بالتطورات الهامة التي شهدتها ليبيا الشقيقة والتأكيد على الدعم القوى للجهود المبذولة من جانب المجلس الوطني الانتقالي والحكومة الليبية لتحقيق الأمن والاستقرار اللازمين للانتقال بليبيا إلى إقامة دولة ديموقراطية تحقق العدل والمساواة والحرية والرخاء لجميع أبناء الشعب الليبي وبما يضمن وحدتها أرضاً وشعباً ودعم الإجراءات المبذولة من جانب الحكومة الليبية لأعمال حكم القانون وحق الشعب الليبي في استرداد أمواله. كما يؤكدون دعم السودان الشقيق في مواجهة كل ما يستهدف النيل من سيادته وأمنه واستقراره ويثمنون إيفاء السودان بمستحقات السلام في إطار اتفاقية السلام الشامل ويحثون الدول الأعضاء ومؤسسات العمل العربي على تكثيف جهودها المادية والفنية لدعم الاقتصاد السوداني في مواجهة تداعيات انفصال جنوب السودان ومعالجة ديون السودان الخارجية بشكل ثنائي أو في إطار المبادرات الدولية الهادفة إلى معالجتها بما يُسهم في إسراع معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبذل الجهود العربية للعمل معها على رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان والتأكيد على ضرورة تنفيذ قرارات القمم العربية السابقة المتعلقة بدعم السودان والترحيب بما تم إنفاذه في إطار تنفيذ وثيقة الدوحة لسلام دارفور. ويوجه القادة العرب التهنئة إلى الشعب اليمنى الشقيق بنجاح الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس عبد ربه منصور هادي ويشيدون بعملية انتقال السلطة والتأكيد على ضرورة تقديم الدعم اللازم لليمن في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والسياسية والتنموية والعمل على توفير الخبرات اللازمة لمساعدته في إزالة الأضرار وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية. ويشدد الإعلان على أهمية الإعلام بوسائله كافة بما فيه الإعلام الرقمي لما له من دور وتأثير كبيرين والتقيد بالموضوعية والصدقية من دون مساس بحرية التعبير والرأي والدعوة إلى نبذ الإعلام المحرض الذي يشيع روح الكراهية والتفرقة والطائفية والتكفير وازدراء الأديان مع التأكيد على أن حرية الإعلام مرتبطة بروح القوانين التي تتماشى مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ودعوة الهيئات والمؤسسات الإعلامية العربية للعمل في ضوء هذه المبادئ. ويذكرون بأن الدول العربية جميعها انضمت إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في حين ما زالت إسرائيل ترفض الانضمام لتلك المعاهدة الهامة وغيرها من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة وترفض إخضاع منشآتها النووية لنظام الضمانات الشاملة التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وذكر القادة العرب في إعلان بغداد كذلك بموافقة الدول العربية على جميع القرارات الصادرة منذ عام 1974 في شأن جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل وفي مقدمها الأسلحة النووية وتجاوبها الكامل مع هذه القرارات التي لم تجد سبيلها إلى التنفيذ لتحقيق الهدف المطلوب والترحيب بالخطوات العملية التي أقرها مؤتمر 2010 لمراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية خصوصاً ما يتعلق بإقامة مؤتمر في 2012 والمقرر عقده في فنلندا حول إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. ويعرب القادة العرب عن دعم الحكومة الصومالية في جهودها لإعادة تأهيل قواتها الأمنية ومساعدتها ويشيدون بسير العملية السياسية في الصومال ونجاحها في التوصل لاتفاق حول مبادئ انتخاب الرئيس وصياغة الدستور وتقديم المساعدات اللازمة لشعبها والدعم السياسي والاقتصادي لإعادة بناء مؤسساتها والإعراب عن الدعم الكامل لجمهورية القمر الشقيقة والحرص على وحدتها الوطنية وسلامة أراضيها وسيادتها الإقليمية على كامل أراضيها وتقديم الدعم الافتصادي لها والتأكيد على هوية جزيرة مايوت القمرية والدعوة لفتح بعثات ديبلوماسية عربية فيها. ويؤكد الإعلان على أن وجود أسلحة نووية في المنطقة يمثل تهديداً خطيراً على الأمن العربي والإقليمي الدولي، وأن إخفاق مؤتمر 2012 في تحقيق أهدافه سيدفع الدول العربية للبحث عن خطوات لضمان أمنها وعلى أن حق الدول غير القابل للتصرف في استخدام وامتلاك وتطوير التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية طبقاً لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية ورفض محاولات تضييق هذا الحق وفرض القيود عليه، بينما تمنح التسهيلات لبعض الدول غير الأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وتثمين الإجراءات التي تتخذها الجامعة العربية لمراجعة الاتفاقية الموحدة للاستثمار لرؤوس الأموال في الدول العربية لتعديلها بالشكل الذي يتماشى مع التطورات الاقتصادية الدولية والتشديد على أهمية عقد مؤتمر عربي لدراسة مناخ الاستثمار في الدول العربية، وأهمه اتخاذ الخطوات التي من شأنها أن تعطي مزيداً من الاهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة لما لها من أهمية في الحد من البطالة في الدول العربية وتقديم التسهيلات لرجال الأعمال العرب للدخول في مشاريع استثمارية بما يحقق المصالح المشتركة ويعزز التجارة البينية بين الدول العربية. ويؤكد أهمية تعزيز شبكات الربط الكهربائي العربي القائمة وتقويتها، وإنشاء سوق عربية للطاقة الكهربائية وإلى ضرورة استغلال إمكانيات دولنا العربية في مجال الطاقة المتجددة لتحقيق التنمية المستدامة وعلى زيادة مشاركة القطاع الخاص في استثماراتها وعلى أهمية الاندماج والتكامل بين الاقتصادات العربية وطريق حرية التجارة والاستثمار وتفعيل دور كل من القطاع الخاص والمجتمع المدني من أجل الإسهام بفاعلية في عملية التنمية الشاملة في إطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والتحرك نحو إقامة الاتحاد الجمركي العربي وصولاً للسوق العربية المشتركة عام 2020، كما يتم توجيه المؤسسات والجهات المعنية بتنفيذ قرارات القمة العربية الاقتصادية التنموية والاجتماعية التي عقدت في الكويت عام 2009 وفي شرم الشيخ عام 2011 وتأكيد عزمنا في متابعة وتنفيذ نتائجها بما يخدم العمل العربي الاقتصادي المشترك ويسهم في تنمية المجتمعات العربية ومواصلة الجهود العربية الرامية لتنفيذ الأهداف التنموية للألفية ودعم الدول العربية الأقل نمواً بمساعدتها على التغلب على الصعوبات التي تواجهها في هذا المجال وتعزيز جهود جامعة الدول العربية ومجالسها ومنظمتها المتخصصة بالتنسيق مع الدول الأعضاء لوضع تصور وبرامج عمل لتسريع التحرك العربي المطلوب لتنفيذ أهداف الألفية بحلول عام 2015. ويشيد إعلان بغداد بنجاح قمة توصيل العالم العربي الثالثة في الفترة من 5 إلى 7 آذار (مارس) من عام 2012 تحت رعاية أمير دولة قطر بالدوحة التي أقرت تفعيل الأليات التي من شأنها حشد الموارد المالية والبشرية والتقنية اللازمة لتوسيع نطاق شبكات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتعميم النفاذ إليها بما يشجع الاستثمار في مشروعاتها ويوفر فرص للعمل تحقيقاً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بمفهومها الأوسع. وتطوير مسارات التنمية لتكون اكثر ارتباطاً بالاستدامة والعدالة الاجتماعية وأكثر تركيزاً على الإنسان العربي وانحيازاً للفقراء والشباب وتعزيز قدراتهم للمشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتفعيل العلاقات الشبابية بين الشباب العربي. والعمل على إتاحة الفرص أمام جيل الشباب لتمكينه من المشاركة الفاعلة في المجتمع، وتوفير فرص العمل له وتطوير العمل العربي المشترك في إقامة المؤسسات التي ترعى مصالح الشباب ودورهم المؤثر في صنع مستقبل بلدانهم. ويؤكد على مبادئ حقوق الإنسان وضمان حقوق مواطني الدول العربية في المساواة في حق الانتخاب والتنمية والصحة والتعليم وشدد على ضمان حقوق المرأة وتفعيل العلاقات بين المنظمات النسوية في البلدان العربية والعمل على تقوية أواصر الأسرة العربية وضمان حقوق الأقليات السياسية والثقافية وحرية ممارستهم طقوسهم الدينية واحترام تقاليدهم ورعاية مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية. والدعوة إلى تكثيف الحوار بين الأديان والحضارات والشعوب وإرساء ثقافة الانفتاح وتفعيل التعاون والتنسيق بين المؤسسات الثقافية العربية وقبول الآخر ودعم مبادئ التآخي والتسامح ونبذ التطرف والابتعاد عن الفتاوى المحرضة على الفتنية واحترام القيم الإنسانية التي تؤكد على حقوق الإنسان وتعلي كرامته وتصون حريته. وشدد على دعم العمل العربي المشترك وتوحيد الجهود والرؤى العربية في القضايا البيئية في خطط التنمية باعتبارها من أسس عملية التنمية المستدامة وتوفير الإمكانات الاقتصادية والمالية المناسبة لخدمة هذا الغرض.