لم يدرج حتى الآن مشروع القانون الذي أعده وزير الدفاع الوطني اللبناني فايز غصن الرامي الى رفع سن الخدمة لقائد الجيش من 60 الى 62 سنة على جدول أعمال مجلس الوزراء، ويتردد بين الوزراء أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أعاده الى الوزير بسبب حصره بقائد الجيش من دون الآخرين، خصوصاً الضباط الذين يحملون رتبة لواء وهم المدراء العامون لقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة، إضافة الى أعضاء المجلس العسكري في الجيش اللبناني. وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية وأمنية رسمية أن فكرة رفع سن التقاعد لقائد الجيش كانت طرحت في اجتماع للمجلس العسكري، وسارع الوزير غصن الى تبنيها بعد مشاورات أجراها بعيداً من الأضواء شملت معظم القيادات السياسية الرئيسة في البلد. ووفق المعلومات، فإن رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون لم يبد في بادئ الأمر حماسة لرفع سن الخدمة لقائد الجيش ولاستحداث منصب عميد أول من دون تعديل في رتبته ويتساوى فيها مع الضباط الذين يحملون رتبة عميد. إلا أن العماد عون عدل عن رفضه بعد مداخلات تولاها لديه عدد من حلفائه أبرزهم زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية. لكنه اشترط حصر التعديل بقائد الجيش من دون أن يشمل الضباط الذين يحملون رتبة لواء. وفي هذا السياق، تردد أن عون وضع هذا الشرط لأنه يرفض رفع سن الخدمة لمن يحمل رتبة لواء، تحديداً لمدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي، الذي يحال على التقاعد فور بلوغه سن ال59 عاماً. وفي المقابل، استغرب عدد من الوزراء موقف عون من أن يشمل رفع سن التقاعد كل من يحمل رتبة لواء، ورأوا أن من غير الجائز استثناء ريفي من سن التقاعد وبالتالي فإن التعديل المقترح وضع على قياس قائد الجيش، إضافة الى أنهم لا يرون مبرراً لاستحداث منصب عميد أول طالما أنه غير مشمول برتبة جديدة. وأكد عدد من الوزراء ل «الحياة»، أن لا موقف شخصياً من قائد الجيش العماد جان قهوجي، وأن لا علاقة له بالتجاذبات حول دور الجيش بمقدار ما أنه يفتح الباب أمام مساءلة وزير الدفاع حول استبعاده من يحمل رتبة لواء من رفع سن التقاعد، باعتبار أنه ينطوي على خلفية سياسية تقحم البلد في سجال هو في غنى عنه. ونقل هؤلاء الوزراء عن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان تأييده رفع سن التقاعد لقائد الجيش، بذريعة أن عدم تعديل قانون الدفاع الوطني في هذا الشأن يعني أنه سيحال على التقاعد قبل انتهاء الولاية الرئاسية، وبالتالي ليس من المستحسن تعيين خلف له قبل اشهر من موعد انتخاب رئيس جديد للبنان لأن التقليد يقضي بأن يترك تعيين قائد جديد للجيش لرئيس الجمهورية الجديد. واعتبر الوزراء ومعهم عدد من النواب أن هناك متسعاً من الوقت للنظر في التعديل المقترح من وزير الدفاع، وأكدوا أنهم لا يلمون بالأسباب التي دفعت الوزير الى طرح هذا التعديل الآن -علماً أن قائد الجيش لن يتقاعد قبل سنة وخمسة أشهر- ولا بالدوافع التي اضطرته الى حصره بالعماد قهوجي من دون أن ينسحب على الضباط من رتبة لواء لجهة رفع سن تقاعدهم من 59 الى 60 سنة. ولفت عدد من النواب المنتمين الى «قوى 14 آذار» الى ضرورة إعادة النظر بمشروع القانون المقترح من وزير الدفاع وسألوا عن صحة ما تردد من أن هناك ضرورة لرفع سن التقاعد لقائد الجيش بغية قطع الطريق على إحداث فراغ في المؤسسة العسكرية إذا تعذر الاتفاق على تعيين بديل له في حال أحيل على التقاعد في سن الستين، علماً بأن هناك حالات سابقة تولى فيها رئيس الأركان قيادة الجيش بالوكالة الى حين تعيين قائد جديد للجيش. وأوضح النواب أنه بصرف النظر عن مدى تجاوب وزير الدفاع مع إعادة النظر في مشروع القانون الرامي الى تعديل قانون الدفاع بما يسمح برفع سن التقاعد لقائد الجيش، فإن الكلمة الفصل في هذا الخصوص تبقى للهيئة العامة في البرلمان التي يعود إليها النظر في التعديل والتصويت عليه سلباً أو إيجاباً بأكثرية نصف عدد النواب زائداً واحداً ممن يحضرون الجلسة المخصصة للتعديل، شرط أن يتأمن النصاب القانوني الذي يستدعي حضور نصف أعضاء البرلمان زائداً واحداً، اي 65 نائباً. وإذ شدد النواب على دعم المؤسسة العسكرية وتوفير كل الإمكانات المادية واللوجستية لها، رأوا في المقابل أن أي موقف من التعديل لا يعني بالضرورة أنه موقف من قائد الجيش الذي أظهر مرونة في تعاطيه مع ملف النازحين السوريين، أدت الى تجنيب البلد دورة جديدة من الاحتقان على خلفية الاختلاف في التعاطي مع الأزمة في سورية وارتداداتها على الساحة اللبنانية. وأكد النواب أن قيادات 14 آذار ستتشاور في هذا الأمر فور وضعه على نار حامية للنظر فيه بصورة نهائية.