ارتفع إلى 105 عدد الموقوفين من الشرطة التركية في قضية «التجسس» و«التنصت» على مسؤولين، بينهم رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ورئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان، فيما تكهّنت وسائل إعلام موالية للحكومة، بتوسيع الحملة التي تطاول أفراداً محسوبين على جماعة الداعية فتح الله غولن، ونشرت صور وأسماء المرشحين للإعتقال. وكانت حملة التوقيفات شملت مديرَين سابقين لشعبة مكافحة الإرهاب في اسطنبول، هما يورت أطايون وعمر كوسى اللذَين اعترضا على تقييد يديهما، على رغم انهما لم يقاوما أمر اعتقالهما. ووصف محامي أطايون الأمر بأنه «وقح ومتعمّد» لإظهار موكله مكبّل اليدين أمام وسائل الإعلام. أما أناضول أطايون، شقيق المدير السابق لشعبة مكافحة الإرهاب، فاعتبر الأمر «شرفاً» لأخيه «البطل»، لكنه تعهد تقديم شكوى ضد من كبّل يديّ شقيقه، «فيما جميع المتهمين في قضايا الانقلابات، وحزب العمال الكردستاني، و(تنظيم) أرغينيكون، وجبهة النصرة، وداعش، ومحبي الإيرانيين، واللصوص، يشتموننا». والدة كوسى ودّعته لدى توقيفه قائلة: «لا تحزن، في أمان الله. ليخجل اللصوص، أنت لم ترتكب أي جريمة تخجل بها، ولم تختلس مثلهم، ولم تقتل، ولم تبِعْ تركيا». وما زالت أجهزة الأمن التركية تبحث عن 6 من أفراد جهاز الاستخبارات، متهمين في القضية ذاتها التي يعتبرها أنصار غولن «انتقاماً» أطلقه أردوغان ضد كاشفي فساد حكومته. وأعلنت مصادر في مديرية أمن اسطنبول بدء التحقيق مع الموقوفين، مشيرة إلى أنه قد يستغرق فترة طويلة، فيما تكهنت وسائل إعلام موالية للحكومة بحملة اعتقالات جديدة قريباً، تطاول وكلاء نيابة ومحققين وقضاة من جماعة غولن، في إطار القضية ذاتها. بل أن صحفاً نشرت صور وأسماء «من يجب توقيفهم وحبسهم». وتبيّن أن هذه القضية هي أول ثمرة للتعديلات القانونية التي مرّرتها حكومة أردوغان في شباط (فبراير) الماضي، بعد كشف فضيحة فساد كبرى طاولته ومقرّبين منه، بينهم 4 وزراء. وأتاحت التعديلات للحكومة تشكيل نوع جديد من المحاكم الجزائية، تتمتع بصلاحيات موسعة ويُعيّن قضاتها ووكلاء نيابتها مباشرة من الدائرة الأولى من الهيئة العليا للقضاة التي يعيّن وزير العدل مباشرة أعضاءها، ما يعني اختيار الحكومة أعضاء تلك المحاكم الخاصة. وفي هذا الإطار، أفادت معلومات بأن القاضي الذي يتابع قضية «التجسس» و»التنصت» وأمر بتوقيف الشرطيين المحسوبين على جماعة غولن، هو خولوصي بور الذي كانت الحكومة كلّفته استكمال التحقيقات في فضيحة الفساد في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بعد تغيير المشرفين على التحقيق في القضية. كما أنه القاضي الذي أمر بإطلاق سليمان أصلان، مدير «بنك خلق» المملوك للدولة، على رغم العثور على ملايين من اليورو في منزله، مخبأة في علب أحذية، من دون تفسير واضح لمصدر تلك الأموال، أو قرار الإفراج عنه بلا كفالة. كما أن القاضي الذي سيتابع طلبات التظلم من المتهمين على سير التحقيق، هو إسلام شيشيك المعروف بحبه الشديد لأردوغان وإخلاصه له، من خلال تغريداته على موقع «تويتر». كما أنه شريك بور في استكمال التحقيقات في قضايا الفساد، وهو من أفرج عن رجل الأعمال الإيراني الأصل رضا ضرّاب المُتهم برشوة مسؤولين أتراك، وإطلاق نجل وزير الداخلية السابق في القضية ذاتها. كما أصدر الحكم الشهير والمثير للجدل بحبس الموسيقار العالمي فاضل صاي 10 أشهر، بسبب تغريدة نشر فيها أبياتاً من شعر عمر الخيام. وتعتبر وسائل إعلام مقرّبة من جماعة غولن أن هذين القاضيين يعملان لمصلحة الحكومة في شكل واضح، بدليل توقيف رجال أمن سابقاً في قضايا تجسس وتنصت مشابهة، أُفرِج عنهم فوراً لعدم وجود أدلة تدينهم، لكن الأمر سيختلف هذه المرة مع هذين القاضيين.