أكثر ما يخيف المسؤول/ الخادم أن يتم تسليط الضوء عليه، وعلى مؤسسته، ومجاوريه الذين يصنعون له حاجزاً بينه وبين المواطن/ المخدوم، ويقنعونه دوماً أن كل شيء على ما يرام، والعيب الأكبر للمسؤول أنه لا يحب التجول في أركان جهازه، ويكره الوقوف على مكامن الخلل، لا نجده سوى في افتتاح مؤتمر، استقبال ضيوف، احتفال عام، وأحياناً حين تَعِدُه الصحيفة بأن يكون ضيفاً لصفحة أو نصف صفحة، أو حين يستضيفه برنامج إذاعي، بعد اتفاق خلف الهواء، أن يكون اللقاء للدفاع لا لتخفيف حدة الهجوم واحتواء نزيف الأسئلة. إذا كان المسؤول يعلم يقيناً أنه لن يفارق الكرسي الذي يجلس عليه إلا بخيارين «الموت / التقاعد» فإن نسبه الحماسة، والتجديد، وحيوية الدم تنقص يوماً بعد يوم، ما يستوجب معه أن نفتح معه ومن أجله - طليعة كل عام مالي - كشفاً جريئاًَ وشفافاً لمعالم الإيجاب وعوالم السلب، وما خلف هذه الجملة تحديداً يحمل نقطة البدء في التصحيح لمستقبل خدمي وتنموي صالح ومذهل. المسؤول يمكنه أن يحاسب من يريد لكنه لا يملك الشجاعة لأن يحاسب نفسه وبمنطقية أكثر «من ليس شجاعاً مع نفسه لا يمكن أن يكون شجاعاً في معالجة الأخطاء وملفات السلبية إلا إذا حدث طرق خفيف على الرأس لتوجيه العينين إلى مناطق الجرح»، المسؤول أيضاً يفرح بقرار التعيين، ويتحمس مع برقيات ورسائل التهاني، ويذوب تدريجياً نحو الرغبة في العطاء لسبب معلوم ينحصر في استحالة أن يستقيل مسؤول بشجاعة انطلاقاً من ضعف في القدرات أو رغبة في أن تضخ في الأمكنة دماء جديدة، أما المعجزة فهي «استقالة المسؤول لأنه أخطأ»! أكثر ما تفعله الأحداث المحلية وحالات الاحتقان أو الغضب على المسؤولين أنها تفعل المثل العربي الشهير «إياك أعني... واسمعي يا جارة»، وإلا كيف أفسر كل هذا الحراك الدؤوب، والتقارير الصريحة والتعاميم المتلاحقة التي تصب لضرورة أن يكون المسؤول كبيراً / صغيراً ذا باب مفتوح وأذن صاغية وقلب نقي؟ الشكاوى الدائمة، علامات التقصير المشعة كجمر، المطالب المدفونة، الأبواب المغلقة، قصص الفساد المستترة بفاسد، أوراق الضياع هنا وهناك، ألا تستحق أن نتساءل ما قيمة المسؤول إذا كانت جل هذه الأوراق الصادمة متناثرة حوله؟ وكيف نتفاءل في المقبل من الأيام بأن أمراضنا الإدارية المتراكمة نحمل لها علاجاً فعالاً، لا الاكتفاء بما ستسفر عن لجان منبثقة من لجان! ولي الأمر نقل الأمانة من الذمة للذمة، ولعل المسؤول استهان بالأمانة، أو وزعها على أذرع معطلة وأضعف منه أو - في الغالب - تفاجأ بأنها أكبر من قدراته، ليطل «فَشَلُ البقاء» على الكرسي، والترقب الدائم للحظات / رياح التعيين الجديدة علها تأخذه معها وتبدله بآخر أكثر نشاطاً وحماسةً منه، ولكل مسؤول أقول: لا عيب في المغادرة بناءً على طَلَبْ أو شجاعة لأجل خطأ! العيب أن تغادر المكان / الكرسي، والمتقاطع لزمن معك منتظر وسعيد وفرح ثم يمسحك من الذاكرة فوراً ولا يحتفظ بك، وذلك لا يحدث إلا في حالين: إذا كانت اللياقة ضعيفة، أو مدة البقاء طويلة! [email protected] @akalalakl