هبطت أسعار الأسمنت في جدة بمعدلات كبيرة عما كانت عليه خلال الأزمة التي استمرت طوال الشهرين الماضيين، إذ أصبح سعر الكيس حالياً نحو 16 ريالاً، بعد ما وصل إلى 30 ريالاً قبل ثلاثة أسابيع. وتأتي خطوات وزارة التجارة بالتعاون مع الجهات المختصة لضبط السوق ولتعيد إليها توازنها وأسعارها المعقولة، بعد اتخاذ الوزارة حزمة من الإجراءات المهمة، التي شملت تشغيل بعض المصانع وفتح باب الاستيراد، مع رقابة الجهات الأمنية على السوق. وبحسب رئيس لجنة البناء والتشييد في غرفة جدة خلف العتيبي فإن قرارات «التجارة» قد تكون أسهمت في حل الأزمة قليلاً، إلا أن اعترافها بعدم قدرتها على التحكم في السوق والرقابة على العمالة الوافدة واستعانتها ب «الداخلية» لملاحقة المتلاعبين من العمالة الوافدة أعادت الأمور إلى نصابها وضبطت السوق وأسعارها. وأضاف: «الوزارة اعترفت بعجزها عن التحكم في السوق من دون معاونة الجهات الأمنية، نظراً إلى أن جزءاً من الأزمة كان من العمالة الوافدة التي تلاعبت بالأسعار، مع اتخاذها خطوات مهمة في هذا الصدد، لذا نستطيع القول بأن الأزمة خفت حدتها بشكل كبير، إلا أن الأسعار لم تصل حتى الآن إلى ما كانت عليه في السابق». وأبدى استغرابه من عدم تشهير وزارة التجارة بالتجار أو العمالة الوافدة المتلاعبة في السوق في وقت شهّرت فيه وزارة الداخلية بالمتلاعبين في الشعير وأعادت للسوق وضعها الطبيعي، مستدركاً بقوله: «أعتقد أن الوزارة ليس لديها مراقبون بشكل كافٍ يساعدونها على القيام بهذه المهمة، كما أعتقد أنها لا تزال عاجزة عن تطبيق الأمر الملكي الذي خصص لها 500 مراقب على الأسواق، وضاع تطبيق هذا الأمر بينها وبين وزارات أخرى». وانتقد العتيبي إحجام وزارة التجارة عن الترخيص لمصانع جديدة للأسمنت تسهم في زيادة الإنتاج وتوفير المعروض في السوق بكميات مناسبة تحقق أسعاراً عادلة للأسمنت، وتزيد من صادرات السلعة للبلدان المجاورة التي هي في حاجة ماسة للأسمنت السعودي. وزاد: «طالبنا كثيراً بفتح التراخيص لزيادة المعروض ومنع الاحتكار والتحكم من مصانع معينة بأسعار السلعة، ورفع نسبة التصدير إلى الدول المجاورة التي تعتبر الأسمنت السعودي من أجود أنواع الأسمنت في المنطقة التي تنتشر فيها أنواع رديئة من الأسمنت تصدرها بلدان أخرى، إلا أننا لم نتلقَّ رداً إيجابياً من الوزارة حتى الآن.. من المفترض أن تكون السعودية هي المصدر الأول في العالم للسلعة، فجميع المواد الأولية متوافرة لدينا، وهناك رغبة كبيرة من المستثمرين في ضخ أموال لإنشاء مصانع، إلا أن صندوق التنمية الصناعي أيضاً زاد الطين بلة بإيقاف قروض تمويل مصانع الأسمنت لأن السوق مكتفية». وأكد رئيس لجنة البناء والتشييد في غرفة جدة أن السعر العادل لكيس الأسمنت في السعودية هو 8 ريالات إذا ما علمنا أنه يخرج من المصنع بقيمة 4 ريالات، وبافتراض أن الهامش الربحي للموزع والناقل بمعدل 100 في المئة فإن السلعة ينبغي ألا يزيد سعرها للمستهلك النهائي على 8 ريالات. وحول خطوة وزارة التجارة بفتح استيراد الأسمنت من الخارج لمواجهة نقص المعروض وزيادة الطلب في السوق ومنع تحكم بعض المصانع، قال العتيبي: «هذا الأمر معمول به من السابق، وواجه المقاولون صعوبات كبيرة مع الأسمنت المستورد الذي يأتي رديئاً جداً من ناحية الجودة، وقد يصل إلى أن بعض الأسمنت المستورد من بلد عربي يأتي نصف الكيس أسمنتاً والنصف الآخر رملاً». من جهته، قال أحد المقاولين في جدة يوسف الحربي إن أسعار الأسمنت هبطت حالياً لتصل إلى 16 ريالاً لكيس أسمنت الصفوة و18 ريالاً لأسمنت ينبع، ما يعد بداية انفراج لأزمة استمرت طويلاً، مبيناً أن الأسمنت أصبح متوافراً بصورة كبيرة في منافذ البيع، إلا أن أسعاره لا تزال تحتاج إلى مزيد من الانخفاض. وأضاف: «بعد أن كنّا ننتظر فترة تتراوح بين 10 أيام وأسبوعين من أجل الحصول على طلبنا من مصنع أسمنت ينبع تقلصت فترة الانتظار حالياً لتكون بمعدل يقل عن ستة أيام، الآن الأسعار استمرت في الهبوط ونتطلع إلى أن تصل إلى سعر عادل».