أكد رئيس لجنة التشييد والبناء في غرفة جدة خلف العتيبي، استمرار أزمة الأسمنت حتى الآن على رغم التحسن الملحوظ في زيادة المعروض، والأسعار ما زالت مرتفعة إلى حدود غير معقولة بعد وصوله إلى 30 ريالاً يوم (الخميس) الماضي. وقال العتيبي في حديث إلى «الحياة»، إن الأزمة التي بدأت منذ أكثر من ثلاثة أسابيع لم تنفرج حتى الآن على رغم الجهود الحثيثة من الجهات الحكومية وعلى رأسها وزارة التجارة للسيطرة على الوضع وتوفير الأسمنت بالكميات المطلوبة وبالسعر العادل، إلا أنه حتى الآن لم تحل الأزمة بشكل كامل وبقيت أسعار السلعة مرتفعة بشكل غير معقول. وأشار إلى خسائر ضخمة قد تلحق بقطاع المقاولات في المنطقة في حال استمرت الأزمة، وبخاصة أن المنطقة الغربية تشهد مشاريع استراتيجية عملاقة، وقال: «تأثير الأزمة على قطاع المقاولين كبير جداً فقد بنوا خططهم على سعر 12 ريالاً وفجأة يجدون أنفسهم مجبرين على الشراء بسعر 30 ريالاً بالتأكيد ستكون خسائرهم باهظة». وطلب العتيبي من الجهات الحكومية المختصة التدخل بجدية لحل هذه الأزمة وتفعيل الدور الرقابي على بيع الأسمنت، إذ تشهد سوقه غياب الرقيب، مبيناً ان وزارتي الداخلية والتجارة تتحملان جزءاً كبيراً من مهمة السيطرة على هذه الأزمة. وأضاف: «العمالة الوافدة تسيطر على سوق الأسمنت، وتتحكم فيه، وتعمل على سياسة تجفيف السوق، وتقليل المعروض حتى تزيد أسعاره، ومن المهم لوزارة الداخلية متابعة هؤلاء والرقابة عليهم، إذ تخلو السوق من الباعة السعوديين ويسيطر عليها الأجانب الذين لا هم لهم الا زيادة الأرباح وإن كانت بطريقة غير مشروعة، كما أن وزارة التجارة مطالبة بتفعيل الأمر الملكي الصادر بزيادة المراقبين في الأسواق منعاً للغش والتدليس، ولكن حتى الآن لا يرى أثر هذا القرار واضحاً على أرض الميدان». ووصف العتيبي جميع الأعذار التي ساقها مصنعو الأسمنت في المنطقة بأنها «ليست جدية ولا تجد قبولاً من المستهلكين، وعلى رأسها عدم إمداد أرامكو لهم بالوقود الكافي، إضافة إلى تعطل خطوط الإمداد في بعض هذه المصانع»، مطالباً المصانع بالقيام بدورها على أكمل وجه وعدم افتعال الأزمات بمعاونة من العمالة الوافدة التي تسيطر على السوق. من جهته، قال رئيس لجنة المقاولين في جدة عبدالله رضوان، إن تعطل بعض خطوط الإنتاج في مصنع اسمنت ينبع نتيجة تحججه بقصور في إمدادات الوقود من شركة أرامكو، تسبب في نقص المعروض في أسواق المنطقة الغربية وارتفاع أسعاره. وأضاف: «أسمنت ينبع تؤكد تعطل خطين للإنتاج فيه ما يعني فقدانه تقريباً نصف إنتاجه وهو ما يبرر حدوث أزمة في المنطقة، خصوصاً إذا ما علمنا أن معظم مشاريع المنطقة تستفيد من إنتاج هذا المصنع عند التنفيذ، على رغم توافر مصانع أخرى لها أيضاً زبائنها». وأشار رضوان إلى أهمية خطوات وزارة التجارة الأخيرة في تهدئة الأزمة على رغم أن بعضها له أبعاد نفسية أكثر من فائدته على أرض الواقع، ومن تلك الخطوات تشغيل بعض المصانع في المنطقة الغربية، وتوجيه بعض حصص الإنتاج في مصانع الوسطى وغيرها إلى أسواق الغربية، إلى جانب القرار الأخير بمنع تصدير الأسمنت والكلنكر ما يساهم في زيادة المعروض وعودة أسعاره إلى المعقول. وزاد: «على رغم هذه الخطوات المهمة ما زالت أزمة الأسمنت نشطة في جدة هذه الأيام وإن كانت أقل من السابق، إلا أن سياسة التخزين وتجفيف السوق التي قام بها البعض ما زالت آثارها باقية في منافذ البيع». ونوه رضوان إلى كل المعطيات تثبت أن الأزمة التي حدثت في السوق «مفتعلة وقد يكون لبعض المصانع دور فيها، ولكن غاب عن هذه المصانع إمكان إقدام وزارة التجارة على خطوة السماح بافتتاح مصانع جديدة في السعودية تنافس هذه المصانع على زبائنها». على الصعيد ذاته، أكد المستثمر في سوق الخرسانة الجاهزة في المنطقة المهندس برهان كمال، أن قرار منع تصدير الأسمنت الذي أصدرته «التجارة «خلال الأيام الأخيرة لم يظهر له أي أثر حتى الآن في تهدئة السوق، بل ما زالت تلك الممارسات السلبية التي تحدث من بعض الفئات مستمرة وأسهمت في إبقاء أسعار السلعة مرتفعة في منافذ البيع. وتابع: «قرارات وزارة التجارة وخطواتها لحل الأزمة كان من المفترض أن تنعكس إيجاباً على السوق وتعيد أسعار السلعة إلى المستويات العادلة، إلا أن كيس الأسمنت ما زال يحلق فوق ال25 ريالاً فيما الطن من الاسمنت السائب يصل 390 ريالاً». ولفت كمال إلى أن مصنع أسمنت ينبع هو أكثر من تشاهد منه الأزمة، فتقلص خطوط الإنتاج فيه جعل الازدحام عليه كبيراً، كما طالت فترة انتظار الحصول على السلعة منه إلى معدلات قياسية وغير مقبولة، مستدركاً بقوله: «بعد أن كنا نحصل على الأسمنت في كل يوم حمولة، أصبحنا ننتظر ثمانية أيام للحصول على حمولة واحدة».