تزامنت حادثة تفجيرات القطارات في لندن في تموز (يوليو) 2005 ونيل العاصمة البريطانية شرف تنظيم دورة الألعاب الأولمبية 2012، التي تنطلق في 27 من الشهر نفسه. لكن الهاجس الأمني الذي تصاعد عالمياً منذ هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، جعل ملف ترشّح لندن لتنظيم الدورة الأولمبية الصيفية الأولى في بريطانيا منذ العام 1948، يأخذ في الاعتبار هذه التطورات قبل حادثة القطارات، بل إن العرض الأخير لملف الاستضافة خلال الجمعية العمومية للجنة الأولمبية الدولية في سنغافورة العام 2005 بقيادة رئيس الوزراء السابق توني بلير ورئيس لجنة الترشح اللورد سباستيان كو، الذي أضحى رئيساً للجنة المنظمة للألعاب، لحظ هذا الموضوع الحساس، حتى إن الموازنة الأمنية للألعاب شكلت نحو نصف المبالغ المرصودة للتنظيم عموماً. أمس في الدوحة، تطرق ممثلو ملف «لندن 2012» إلى هذه الناحية خلال المؤتمر الثاني الذي نظمه المركز الدولي للأمن الرياضي، وشكّل فقرة مهمة من فعالياته التي استمرت يومين. وكشف ممثلون عن اللجنة ومعنيون بملفها الأمني نقاطاً حساسة على هذا الصعيد، كون تبديد القلق في مثل هذه الاستحقاقات وتوفير أرضية أمنية صلبة باتت حاجة ملحة وتزداد تعقيداً من دورة إلى أخرى في ظل السباق بين «الإرهابيين» ورجال الأمن على الاستفادة من التكنولوجيا المتاحة، على غرار السباق بين مروجي المنشطات ومتعاطيها ومكافحيها. فلا عجب إن تعرضت أنظمة المعلوماتية في الإنتربول أخيراً لهجوم من قراصنة. وقد تناول المؤتمر في الدوحة جوانب حيوية تتعلق بالتحديات الراهنة وكيفية تبادل المعلومات والخبرات لضمان تنظيم آمن، استناداً إلى تخطيط صحيح عماده أصحاب الخبرة والكفاية. وإذا كانت الأحداث الرياضية الكبرى، وفي مقدمها الأولمبياد، لا يقتصر تأثيرها في إنعاش الاقتصاد والبنى التحتية بل يتجاوز ذلك إلى تكوين إرث ثقافي واجتماعي، فإن الجانب الأمني وما يتطلبه من تدابير وجاهزية يؤرق دائماً المسؤولين والسلطات المختصة. وتتعدى الموازنة الأمنية لأولمبياد لندن 7 بلايين دولار، علماً أن نسبة 74 في المئة من الإنفاق العام مخصصة للبنية التحتية. وأضحى الحديث عن الإرث الأمني المنتظر «لغة دارجة» تترصد الأخطار وتقوّم الأزمات آخذة في الاعتبار تجارب متنوعة وأحداثاً حصلت في استحقاقات دولية سابقة، ومنها مثلاً دورة سيدني الأولمبية العام 2000، علماً أن الحوادث ليست دائماً أمنية أو إرهابية، وعلى رغم أن التهديدات الإرهابية تحتل المركز الأول في مؤشر الرصد، للوضع العالمي عموماً واتجاه «المخربين» إلى الاستفادة القصوى من المناسبات الرياضية الكبرى، متى استطاعوا ذلك. وفصّل كل من عضو المجلس الاستشاري للمركز الدولي للأمن الرياضي (مفوض شرطة لندن سابقاً) اللورد جون ستيفنز، ومستشار الأمن لدى اللجنة الأولمبية الدولية بيتر رايان، وديفيد غرير المتخصص في شؤون الأمن والسلامة، ونائب الرئيس لشؤون التسويق في إحدى الشركات المتعاقدة مع اللجنة المنظمة لدورة لندن السير بريان بوريدج، الخطوات التي اتخذت وسبل التدريب عليها وتشمل قطاعات مختلفة، ومنها مناورات دورية بوتيرة تصاعدية لآلاف من رجال الأمن للإحاطة بأي طارئ. من جهته، تطرّق رئيس الأنتربول كو بي هوي إلى ضرورة التواصل مع الشبكات الاجتماعية (الفيسبوك مثلاً)، سعياً إلى شراكة وثيقة تعزز الوعي العام، والاستفادة من المنظمات الدولية لنقل الخبرات واعتماد برامج وتقنيات قابلة للتنفيذ تراعي خصوصية المجتمعات. أما الخلاصة المختصرة فهي أن الخطط الأمنية تتوازى في سيرها مع ورش تشييد المرافق والبنى التحتية والخطوات التنظيمية وفق المعايير الدولية وإعداد الرياضيين للحدث المنتظر، بل باتت واجهة تحدد مدى النجاح أو الفشل.