«ولادة مبكرة» كانت نتيجتها «مأساة». هذه هي اختصار حياة البؤس التي تعيشها الشابة «غزلان». هي فتاة وجدت نفسها معوقة، ويوماً بعد يوم وجدت أن هذه الإعاقة تنغص حياتها وتسيطر على تفكيرها وتضع حاجزاً صلباً أمام أحلامها. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد حل الظلام على منزل أسرة غزلان بأكمله، وما زاد من المرارة أن الأسرة تعاني ظروفاً مالية صعبة، لا تستطيع معها علاج ابنتها، على رغم الألم الذي يشعر به جميع أفراد الأسرة من وضع ابنتهم. وتقول غزلان: «إعاقتي الجسدية تعود أسبابها إلى أنني ولدت قبل الأوان، وتحديداً في الشهر السادس، ولعدم وجود مستلزمات ومعدات طبية متطورة لم أبقَ في الحضانة، واضطر الأطباء إلى إخراجي من المستشفى ملفوفة في قطن، وظل القطن محيطاً بي طوال ثلاثة أشهر قضيتها في منزلنا، وحينها كان وزني لا يتجاوز كيلوغرام واحد». وتضيف: «لم تكن حالتي الصحية مطمئنة، فقد أخبر الأطباء والداي بأنني في حالة صعبة من جراء ولادتي المبكرة، التي سببت لي مشكلات تمثلت خاصة في عدم احتواء جسمي على الأوكسجين، وبالتالي يمكن أن أصاب في أية لحظة بنوبة قاتلة». وتتابع غزلان: «استمررت على هذه الحال إلى أن أكملت ما يقارب السنة حين فوجئ والداي بأني عاجزة عن الحركة تماماً، فسارعوا بأخذي إلى الطبيب المختص، وهناك أخبرهما بأنني سأبقى على تلك الحالة حتى أبلغ سن السابعة»، لافتة إلى أن المفاجأة حدثت من جديد إذ لم تستطع بعد ذلك الوقوف إلا بمساعدة الآخرين، إذ لم تكن تستطيع وضع قدميها في شكل طبيعي على الأرض، بل تعتمد في المشي على الأصابع فقط. صمد جسد غزلان فترة طفولتها ومراهقتها إلى أن بلغت عامها ال20، «وجدت نفسي مجبرة على إجراء جراحة، وفعلاً تم ذلك واستمرت نحو تسع ساعات في مستشفى ابن سينا في مدينة الرباط على يد طبيب مختص في العظام»، موضحة: «النتيجة كانت سلبية إلى درجة أنني ما زلت أعاني أعراضها حتى الساعة، والغريب أن الجراحة أجريت في ظروف غامضة، فالطبيب لم يوافق على الإدلاء بأية شهادة تشخص وضعي أو مرضي أو سبب إجراء الجراحة». وتستطرد: «راجعت بعدها أطباء آخرين أفادوني بأنني في حاجة ماسة إلى إجراء جراحة خارج المغرب، مبررين ذلك بعدم توافر الأجهزة الطبية المتطورة لإجراء الجراحة»، مؤكدة أن ظروف أسرتها المادية لا تسمح بالعلاج خارج المغرب. الحالة المرضية ل«غزلان» تزداد سوءاً مع مرور الأيام، فقد بدأت تعاني أمراضاً في القلب والكلى، ومع ذلك لم تستطع علاج هذه الأعراض في شكل تام للعوز الذي تعيشه أسرتها، «بدأت أفقد الأمل في علاجي، والأدهى أن حالتي النفسية سيئة، وهو ما يزيد من أعراض الأمراض التي تعاودني بين الحين والآخر». وتناشد المحطمة غزلان فاعلي الخير والميسورين النظر إلى وضعها بعين العطف وعلاجها من الإعاقة والأعراض المرضية الأخرى التي أرهقتها وأنهكت جسدها وأفسدت حياتها، «لا أريد سوى أن أمشي مثل أي إنسان على هذا الكون، لقد أفقدتني الإعاقة كل شيء بما في ذلك عزة نفسي، وأريد أن أعود إلى الحياة مرة أخرى، فمن ينقذني؟».