إسلام آباد، كابول، موسكو، برلين - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - تعهدت حركة «طالبان» أمس، الانتقام لمجزرة ارتكبها جندي أميركي وأسفرت عن مقتل 16 مدنياً أفغانياً بينهم أطفال ونساء في قندهار الأحد الماضي. ودانت الحركة في بيان «القتل الشائن واللاإنساني»، وقدمت العزاء الى العائلات المفجوعة. وتصاعدت دعوات في أنحاء أفغانستان مطالبةً بانسحاب الأميركيين، ما قد يقوّض فرص إبرام «شراكة إستراتيجية» تسمح ببقاء مستشارين وقوات خاصة أميركية في أفغانستان، بعد انسحاب القوات المقاتلة نهاية العام 2014. ونقلت تقارير عن مصادر رسمية أفغانية تأكيدها أن المجزرة جمدت الجهود المبذولة للتوصل الى «اتفاق الشراكة الإستراتيجية»، المتوقفة أصلاً نتيجة شرطين وضعتهما كابول: تحديد جدول زمني لتسليمها مراكز الاعتقال الأميركية في البلاد، إضافة الى وقف الولاياتالمتحدة والحلف الأطلسي عمليات لدهم منازل أفغان ليلاً، لما سببته من استياء عارم لدى المواطنين والحكومة الأفغانية. في الوقت ذاته، أظهر استطلاع للرأي في الولاياتالمتحدة نشرت نتائجه صحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «إي بي سي نيوز» أمس، بأن الأميركيين يعتقدون بأن الحرب في أفغانستان لا تستحق تكلفتها لجهة الخسائر البشرية والمادية. ولم يبدد الاستياء في الشارع الأفغاني اتصال الرئيس الأميركي باراك أوباما بنظيره حميد كارزاي ووعده ب «محاسبة أي مسؤول» عن المجزرة، رغم إصدار أوباما بياناً اعتبر أن «الحادث مأسوي ومروّع، لا يمثل الطابع الاستثنائي لجيشنا والاحترام الذي تكنّه الولاياتالمتحدة للشعب الأفغاني». وعبرت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون امس عن صدمتها. وقالت للصحافيين في الاممالمتحدة: «صدمت وحزنت لمقتل قرويين ابرياء أفغان... نحن لسنا على هذه الشاكلة والولاياتالمتحدة ملتزمة محاسبة المسؤولين عن ذلك». وعلى رغم تأكيد القيادة الأميركية أن الحادث فردي وأن الجندي الذي ارتكب المجزرة «يعاني اضطرابات نفسية»، نقلت وكالة أنباء «باجهوك» الأفغانية عن سكان في قندهار أن عدداً من الجنود الأجانب متورطون بتنسيق العملية، انتقاماً لمقتل زملاء لهم، في ظل توتر رافق إحراق مصاحف في قاعدة بغرام الأميركية شمال كابول الشهر الماضي. وطالب البرلمان الأفغاني أمس، بمحاكمة علنية في أفغانستان للجندي الأميركي المسؤول عن الجريمة. وندد بالمجزرة «الوحشية واللاإنسانية»، معتبراً أن «الشعب يفقد صبره أمام جهل القوات الأجنبية». وعبرت روسيا عن «صدمتها» للمجزرة، وطالبت أوباما بالعمل لمعاقبة المسؤولين. وأكد المسؤول المكلف شؤون حقوق الإنسان في الخارجية الروسية قسطنطين دولغوف أن «هذا العمل اللاإنساني يجب تصنيفه في فئة أخطر الجرائم المرتكبة أثناء النزاعات المسلحة». وخلال زيارة مقررة سابقاً لأفغانستان، تفقدت المستشارة الألمانية آنغيلا مركل قوات بلادها المتمركزة قرب مزار الشريف (شمال) واتصلت هاتفياً بالرئيس الأفغاني وقدمت له تعازي ألمانيا بضحايا المجزرة. ونقل شتيفن زايبرت الناطق باسم مركل وصفها الحادث بأنه «مروّع» وتأكيدها أن القوة الدولية للمساعدة في إحلال الأمن (إيساف) بقيادة الحلف الأطلسي، ستبذل كل ما في إمكانها لتوضيح ما حدث بالتحديد. وفي لندن، اكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون الاثنين ان المجزرة «المريعة» التي نفذها الجندي الاميركي يجب ان «لا تؤثر على العمل الجيد» الذي يقوم به التحالف في البلاد. وعندما سئل كامرون، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الايرلندية اندا كيني، عن عواقب المجزرة التي نفذها الجندي، اعتبر «انه حادث مريع من دون ادنى شك وافكارنا تتجه الى اسر» الضحايا. واضاف: «انه حقا امر مريع وسيكون له تأثير بكل تأكيد». واضاف كامرون الذي سيبحث المسألة الافغانية مع الرئيس الاميركي باراك اوباما اثناء زيارة يقوم بها اليوم وغدا للولايات المتحدة: «لكن علينا بذل كل الجهود لكي لا يؤثر ذلك بشيء على العمل الجيد الذي تقوم به الولاياتالمتحدة وبريطانيا والقوى الاخرى في ايساف حاليا في افغانستان». وذكر «لدينا خطة جيدة تنص على عملية انتقالية في افغانستان» تسمح للقوات الافغانية بان تتولى بصورة تدريجية مسؤولية الامن في البلاد بحلول العام 2014. واوضح «ان الاهم هو اننا نتمسك بهذه الخطة التي سننفذها والتي ستمكننا بعد ذلك من اعادة قواتنا (الى وطنها) بعد انجازنا عملا جيدا باعطائنا افغانستان فرصة على الاقل لتنعم بالاستقرار والازدهار والنمو في المستقبل».