واصلت الطائرات والدبابات والمدفعية والزوارق الحربية الإسرائيلية إلقاء حممها القاتلة على المدنيين الفلسطينيين العزل أمس ولليوم الخامس عشر على التوالي، ما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 13 فلسطينياً، ليرتفع العدد الإجمالي منذ بدء العدوان في الثامن من الشهر الجاري إلى 609 قتلى و3700 جريح. وركزت الطائرات الإسرائيلية من طراز «أف 16» المقاتلة، ومروحيات «أباتشي» العسكرية الأميركية الصنع، والمدفعية على حيي الشجاعية والتفاح شرق مدينة غزة في محاولة للانتقام من سكانهما، بعدما قتلت «كتائب القسام» الذراع العسكرية لحركة «حماس» 28 ضابطاً وجندياً في معارك ضارية وجهاً لوجه مع آليات الاحتلال المتوغلة على الأرض. وأفيد أمس أن الفصائل الفلسطينية وافقت -في مقابل رفض إسرائيلي- على مبادرة قدمها منسق الأممالمتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري تنص على وقف للنار يدوم خمس ساعات لإجلاء الشهداء والجرحى من أرض المعركة، خصوصاً في حيي الشجاعية والتفاح. ولا تزال الجهود المبذولة للتوصل الى تهدئة دائمة تراوح مكانها، فيما وصل الأمين العام للأمم المتحدة الى تل أبيب قادماً من القاهرة، يرافقه سيري، لإجراء محادثات مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه موشيه يعلون قبل أن ينتقل الى مدينة رام الله للقاء الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء رامي الحمد لله. وفي الأثناء، تمسكت الفصائل الفلسطينية بشروطها للتوصل الى تهدئة دائمة، ورفضت الشرط الأميركي- الإسرائيلي- المصري بوقف النار قبل البحث في أي شروط. وأكد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان شلح أن «الأمور لم تنضج حتى الآن لبلورة اتفاق وقف إطلاق نار». وقال شلح خلال لقاء مسجل بثته قناة «الميادين» ليلة الإثنين- الثلثاء، إنه «من دون مصر لا يمكن أي اتفاق أن يجد طريقه»، مضيفاً أنه «لم يُبذل أي جهد حقيقي منذ البداية يمكن أن يُفضي إلى وقف العدوان». وشدد على أن «الحد الأدنى الذي لا يمكن التنازل عنه هو رفع الحصار عن قطاع غزة»، معتبراً أن «تجاوز حساسية معبر رفح يعني إمكان الوصول إلى توقيع اتفاق، فالشعب الفلسطيني لا يطلب المستحيل، كل ما نطلبه هو وقف الحصار وفتح المعابر». وأشار شلح إلى «إمكان بلورة موقف موحد في الساحة الفلسطينية عنوانه التعاطي مع الورقة المصرية لبلورة أفكار جديدة». وانتقد موقف الرئيس محمود عباس، وحضه على «ألا يلعب دور الوسيط، بل يجب أن يأخذ موقفاً تاريخياً وأن يتحدث كجزء من الكل الفلسطيني». ونفى وجود مسار قطري- تركي، قائلاً إن «حماس حريصة على دور مصر ودور السلطة، وورقة التهدئة التي سُلمت لقطر أنجزت بعد ورقة القاهرة»، معتبراً أن الفلسطينيين الآن «أمام مشكلتين: الأولى هي العدوان الإسرائيلي والثانية هي موقف القاهرة من حماس». ميدانياً، واصلت قوات الاحتلال عدوانها على القطاع من مدينة رفح في أقصى الجنوب إلى بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون شمالاً، في وقت انقطع التيار الكهربائي عن معظم المناطق معظم ساعات الليل والنهار، فيما لا تصل مياه الشرب الى نصف سكان القطاع، أي 900 ألف فلسطيني. كما لا يزال أكثر من 100 ألف فلسطيني مشردين في حوالى 70 مدرسة تابعة لوكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، وبضع مئات في مستشفى الشفاء في مدينة غزة. واستشهد 20 مواطناً وأصيب 75 آخرون معظمهم من النساء والأطفال أمس، في اليوم الخامس عشر للعدوان. ومساء أمس استشهد طفل وشاب في قصف على بيت لاهيا، وشابان في غزة، وعجوزان في الخامسة والثمانين والخامسة والسبعين في قصف استهدف المنطقة الشرقية من رفح، وثلاثة شهداء في مخيم البريج، وشهيد في مخيم المغازي وسط القطاع، وثلاثة في بيت حانون، وآخر في حي الشجاعية، وشهيد وخمسة مصابين في منطقة الزنة في بلدة بني سهيلا شرق مدينة خان يونس، وشهيدتان في منطقة أبو العجين شرق دير البلح وسط القطاع. كما واصلت قوات الاحتلال استهداف منازل الفلسطينيين العزل، إضافة إلى استهداف وسائل الإعلام والصحافيين الفلسطينيين. وتعرض مكتب قناة «الجزيرة» القطرية في مدينة غزة لإطلاق نار من طائرة مروحية إسرائيلية ليلة الإثنين- الثلثاء، ما ألحق أضراراً مادية فيه، من دون وقوع مصابين. وجاء ذلك بعد ساعات على دعوة وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى وقف عمل القناة في إسرائيل عقاباً لدولة قطر، التي اعتبرها الممول الرئيس للإرهاب في الشرق الأوسط. ونفت وزارة الداخلية في غزة المزاعم الإسرائيلية حول استخدام رجال المقاومة المشافي والمدارس والمساجد والمؤسسات المدنية. ووصف الناطق باسم الوزارة إياد البزم في بيان صحافي أمس، هذه المزاعم بأنها «أكاذيب ودعايات يمارسها الاحتلال لتبرير استهداف المدنيين في غزة». واعتبر البزم أن هذه الأكاذيب «محاولة لتخفيف حدة الانتقادات الدولية التي يتعرض لها الاحتلال بعد الفظائع والمجازر التي ارتكبها في حق المدنيين». في غضون ذلك، أقرت إسرائيل أمس باختفاء الجندي شاؤول أرون. وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي للقناة العاشرة صباح أمس، إنه «تبين فقدان جثة أرون بعد الانتهاء من فحص الحمض النووي للجنود القتلى في الهجوم» الذي شنته كتائب القسام على مجموعة من الجنود في حي التفاح. وأضاف أن المعلومات المتوافرة أنه «قُتل خلال الهجوم» وأن كتائب القسام استولت على جثمانه. كما أعلنت إسرائيل أمس مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وإصابة سبعة آخرين، ليرتفع العدد منذ بد العدوان البري فجر الجمعة الماضي إلى 28 ضابطاً وجندياً، وإصابة أكثر من 150 بجروح. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الجنود واجهوا مقاومة شرسة جداً في الشجاعية والتفاح وبيت حانون، وإن رجال المقاومة حاولوا خطف جنود أحياء، كما تنازعوا مع الجنود على سحب جثامين جنود قتلى. كما واصلت، الفصائل، ولكن بوتيرة أخف، إطلاق الصواريخ على مدن وسط إسرائيل، وبكثافة على المستوطنات المحاذية للقطاع، التي هجرها نحو 90 في المئة من سكانها، بحسب مصادر إسرائيلية. وأعلنت كتائب القسام أنها أطلقت عشرات الصواريخ على مدن جنوب إسرائيل ووسطها. كما أعلنت سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي أنها أطلقت عدداً من صواريخ «براق 70» على مدينة تل أبيب، وعشرات الصواريخ على مستوطنات محاذية للقطاع.