اعلن رئيس الوزراء الهولندي مارك روته أن طائرة تنقل أولى جثث ضحايا الطائرة الماليزية التي سقطت شرق أوكرانيا الخميس الماضي وعلى متنها 298 شخصاً بينهم 193 هولندياً، ستصل إلى إيندهوفن (جنوب) اليوم، مشيراً إلى أن التعرف على الجثث «قد يستغرق أشهراً». وأمس، نقل قطار جثث 282 ضحية وأشلاء 16 ضحية أخرى من توريز الى دونيتسك ومنها إلى خاركيف التي تخضع لسلطة كييف، فيما سلم زعيم الانفصاليين الموالين لروسيا ألكسندر بوروداي الصندوقين الأسودين للطائرة لخبراء ماليزيين في دونيتسك. وقال بوروداي داخل قاعة مكتظة بصحافيين في مقر «جمهورية دونيتسك الشعبية» المعلنة من جانب واحد: «ها هما الصندوقان الأسودان»، فيما اعلن الكولونيل محمد صقري من مجلس الأمن القومي الماليزي ان الصندوقين الأسودين «في حالة جيدة». وتحدث رئيس الوزراء الهولندي هاتفياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد إصدار مجلس الأمن قراراً طالب فتح تحقيق في الكارثة، وأبديا تقديراً كبيراً لمضمونه، مع تشديد رئيس الوزراء الهولندي على ضرورة أن تستغل روسيا نفوذها لدى الانفصاليين لتحسين الأوضاع على الأرض». ورد بوتين خلال اجتماع عقده مجلس الأمن الروسي قائلاً: «يطلبون منا الضغط على المتمردين. أكرر أننا سنفعل بالتأكيد ما في وسعنا وسنستخدم نفوذنا لدى الانفصاليين للمساعدة في إجراء تحقيق شامل ودقيق وشفاف وبمشاركة كل الأطراف، ولكن هذا لن يكفي»، علماً بأن وزارة الخارجية الروسية أكدت استعدادها لتقديم مساعدة «كاملة» في التحقيق تشمل أيضاً إرسال خبراء. وتحدث بوتين عن هجوم للدبابات الأوكرانية على دونيتسك، أهم معاقل الانفصاليين في الشرق، وقال: «تجب دعوة السلطات الأوكرانية إلى احترام المعايير الأخلاقية الأساسية وتطبيق وقف النار على الأقل أثناء التحقيق». وكان الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو أمر أول من أمس قواته بوقف العمليات العسكرية في قطر 40 كيلومتراً حول موقع تحطم الطائرة الماليزية، والذي لا يشمل مدينة دونيتسك. وأفاد الكرملين بأن «بلوغ الخبراء مباشرة وفي شكل كامل موقع الكارثة للانضمام إلى التحقيقات التي تنفذها المنظمة الدولية للطيران المدني التابعة للأمم المتحدة (ايكاو)، يحتاج إلى وقف فوري غير مشروط للنار في منطقة الصراع». وكانت سفيرة روسيا لدى ماليزيا، ليودميلا فوروبييفا، دعت «المجتمع الدولي» إلى قيادة التحقيق وليس دولة أوكرانيا، وقالت: «الوضع فريد، فالمنطقة تشهد حرباً، لذا أعتقد بأن المجتمع الدولي يجب أن يظهر مرونة حول ذلك، ويتصرف بطريقة تلقى قبول كل الأطراف». وأضافت: «تدعو روسيا إلى تحقيق نزيه ودقيق وكامل تقوده إيكاو، خصوصاً أن المتمردين لا يثقون بسلطات كييف». لكن قواعد «إيكاو» تفرض على قيادة البلد الذي حصل فيه الحادث، وهو في هذه الحالة أوكرانيا، التحقيق. في كانبيرا، صرح رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت، بأن «تلاعباً كبيراً في الأدلة حصل في موقع تحطم الطائرة الماليزية ضمن محاولة للتستر. وواضح أن هذا يجب أن يتوقف، فهذا ليس حادثاً بل جريمة». واعتبر أبوت أن الرئيس الروسي بوتين «أثبت حتى الآن أنه صالح، على غرار أقواله، بعد موافقته على قرار مجلس الأمن ضمان وصول آمن لمراقبين دوليين إلى موقع الحادث». في واشنطن، أفاد البيت الأبيض بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره البولندي بونيسلاف كوموروفسكي ناقشا في اتصال هاتفي الحاجة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي في أوروبا، وتضافر الجهود بين جانبي الحلف الأطلسي (ناتو) بعد إسقاط الطائرة الماليزية. وفي اجتماع أمام نظرائه من ثماني دول شرق أوروبا ووسطها اجتمعوا للتشاور في وارسو حول الوضع في أوكرانيا المجاورة، دعا كوموروفسكي إلى تعزيز الدفاع الأطلسي المشترك عند الحدود الشرقية للحلف، وقال: «يشكل انتشار قوات عسكرية للحلف في منطقتنا، في شكل دائم وظاهر ومناسب للوضع، عنصراً من هذه العملية، وكذلك تطوير البنى التحتية العسكرية للحلف في هذه المنطقة. وتعبر دول البلطيق وبولندا عن مخاوفها على أمنها منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية في آذار (مارس) الماضي، وطالبت الحلف بتعزيز انتشاره في منطقتها. ونشرت الولاياتالمتحدة وفرنسا طائرات عسكرية وجنوداً في إطار مناورات للحلف في بولندا ودول البلطيق. وأعلن الرئيس الأميركي أوباما خطة أمنية ببليون دولار «لطمأنة أوروبا» تنص على نشر قوات أميركية أخرى برية وجوية وبحرية شرق أوروبا. على صعيد آخر، كشف ديبلوماسيون ومسؤولون غربيون أن المنظمة الدولية للصليب الأحمر خلصت في سرية إلى توصيف قانوني لما يحدث في أوكرانيا بأنه «حرب»، ما يفتح الباب أمام إجراء محاكمات جرائم حرب محتملة للطرفين الخصمين تشمل أيضاً كارثة الطائرة الماليزية. وتشرف المنظمة على احترام اتفاقات جنيف التي تحدد قواعد الحرب، ثم توفر مرجعاً للأمم المتحدة لدى وصف أعمال عنف بأنها «حرب».