أعلنت الحكومة اليمنية تخصيص خمسة بلايين ريال (23.2 مليون دولار) دفعة أولى لإعادة تطبيع الحياة والإعمار في محافظة عمران، شمال صنعاء. وشهدت المحافظة خلال الأيام الماضية قتالاً عنيفاً بين المسلّحين الحوثيين من جهة، ووحدات من الجيش ومسلّحين قبليين من جهة أخرى، ما أدّى إلى نزوح آلاف الأسر وتضرّر البنية الأساس والخدمات العامة بشدة. وأقر اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء برئاسة محمد سالم باسندوة، إنشاء وحدة تنفيذية من المختصين والفنيين من الجهات المعنية وذات العلاقة تحت إشراف محافظ عمران، لحصر الأضرار وتنفيذ المهام المتعلقة بإعادة إعمار المناطق المتضرّرة، مع الالتزام بمعايير الشفافية والإجراءات القانونية والفنية المسيّرة لعمل الوحدات التنفيذية. وأقرّت الحكومة في الاجتماع تسيير مساعدات إغاثة عاجلة من المواد الغذائية والعلاجية ومستلزمات الإيواء ل100 ألف حالة، على أن تُكلّف بذلك إحدى الجهات أو المؤسسات المتخصّصة، وتوزيع المساعدات وفقاً لآلية منظمة ولجان على مستوى المحافظة والمديريات، وعلى أن تكون الأولوية للمتضرّرين في مدينة عمران وجوارها. وشددت الحكومة على ضرورة أن تنصبّ كل المساعدات وتوجّه عبر اللجان منعاً للازدواجية، مع أخذ شروط المنظمات عند التوزيع في الاعتبار والاستفادة من التجارب الناجحة في هذا المجال، بما في ذلك حصر المستهدفين وضمان وصول مواد الإغاثة والمساعدات لمستحقيها وتحت إشراف السلطة المحلية في عمران. وأظهر تقرير أعده مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن أكثر من 500 ألف يمني تضرّروا من الصراع في عمران، كما أن 85 ألفاً من سكان المحافظة تضرّروا مباشرة أو نزحوا، من أصل 140 ألفاً يعيشون في مديرية عمران. وأفاد بأن عدد السكان النازحين داخلياً من عمران منذ نيسان (أبريل) تجاوز 30 ألفاً، في حين وصل أخيراً إلى صنعاء أكثر من 15 ألف نازح. ولفت إلى أن أكثر من 35 ألف شخص أضيفوا إلى نحو 20 ألف نازح بين شهري تشرين الأول (أكتوبر) 2013 وأيار (مايو) الماضي، ما رفع إجمالي عدد النازحين داخلياً المسجّلين في محافظة عمران إلى 69.3 ألف نازح. وأوضح التقرير أن «الحاجات الرئيسة الفورية للسكان المتضرّرين تتمثل في الغذاء والسلع غير الغذائية، بما في ذلك المأوى والوصول إلى المياه الآمنة والنظافة ومرافق الصرف الصحي والحصول على الرعاية الصحية». وتركّز الاستجابة الحالية على تقديم المساعدات الطارئة التي تنقذ الأرواح إلى النازحين داخلياً في مناطق في صنعاء يمكن الوصول إليها، في حين وضعت خطط قيد التنفيذ للوصول إلى السكان في عمران حالما تسمح الظروف الأمنية بذلك. وأضاف التقرير «وصول المساعدات الإنسانية إلى عمران يتعرّض لقيود شديدة بسبب المعارك والحواجز العسكرية وغيرها، والوحدة التنفيذية الحكومية المعنية بالنازحين داخلياً أرسلت قائمة تضم أكثر من ألف أسرة وصلت أخيراً إلى صنعاء وتحتاج بشدة إلى مساعدات». وأعلن منسق الشؤون الإنسانية في اليمن يوهانس فان دير كلاو، أن «العنف في عمران تسبّب في نزوح آلاف الأسر وأضرّ بعدد كبير من الأسر الأخرى». وأكد في بيان أن «الأنباء عن الاستيلاء على الأصول الإنسانية واستهداف البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات، أزعجتنا جداً، ولن نقبل أي أعذار للهجمات المباشرة» عليها. وكلّفت الحكومة وزيري الأشغال العامة والطرق والمال ومحافظ عمران، باختيار العاملين في الوحدة التنفيذية المقرّر إنشاؤها، من الأشخاص «المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والإخلاص في أداء عملهم». وأقرّت تشكيل لجان متخصصة على المستويات كافة، خصوصاً من «الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة» ووزارة المال وكل الوزارات والمؤسسات والهيئات التي تتواجد في محافظة عمران، وذلك للحصر والتدقيق عبر محاضر الجرد لكل الموجودات والمفقودات لتفادي أي «ذريعة لفقدان أي شيء». وحضّت الحكومة الجهات الخدمية والمركزية الأخرى، بالتنسيق مع مكاتبها في عمران كل في اختصاصه، العمل سريعاً على إعادة الخدمات الأساس، خصوصاً الكهرباء والمياه والاتصالات في محافظتي عمران وحجة. وشدّدت على ضرورة «تزامن هذه الإجراءات مع تحرّك الجهود الإنسانية وعمليات الإغاثة للتخفيف من معاناة النازحين وتعزيز جهود وزارة الصحة العامة والسكان لأداء دورها في معالجة الجرحى في صفوف النازحين وتقديم حصر بالقتلى والجرحى». وكلّفت الحكومة وزارة الصحة، بالتنسيق مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي، بتجهيز مستشفى عمران الجديد وتشغيله في أقرب وقت والبحث عن التمويل اللازم لذلك، داعية إلى التحضير لاجتماع يضم الجهات الداعمة والمانحة بهدف حشد الجهود لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لمحافظة عمران. وحضّت الحكومة الجهات المركزية والمحلية على التحرّك لاستكمال المشاريع قيد التنفيذ وتلك المتعثرة، مع أهمية رصد المشاريع الحيوية التي تحتاجها المحافظة لتغطية الفراغ التنموي، وإدراج ذلك في موازنة عام 2015 والبرنامج الاستثماري. ودعت الجهات المركزية المعنية إلى «التوقف عن التعيين العشوائي في الوظائف والمناصب الإدارية في عمران، والمخالف للأنظمة والقوانين، والالتزام بالتنسيق مع السلطة المحلية لخلق جو من التنافس الخلاّق بين أبناء المحافظة، بعيداً من الانتقائية والحزبية والمناطقية».